28-5-2013
اسمي رائف واكتشفت أنني مصاب بالسرطان في الدماغ وعمري أربع سنوات وتسعة أشهر. وجود السرطان في الدماغ يجعلني في كثير من الأحيان أشعر بأنه يتحكم بي أكثر مما أتحكم في نفسي. لذلك في أوقات أشعر بأنني السرطان وأحياناً أشعر بأنني نفسي. ولكنني متأكد (...)
خطوات واضحة. أسمعها جيدًا وكأنها تعاد برتم ممل.
لم أتحرك من مكاني فقد كان الخوف يقيدني إلى الكرسي الذي أجلس عليه. بجوار البحر والماء ممد أمامي، وأنا أكاد أحلم بجنيات الليل، وبجمالهن المرعب، ترتفع تلك الخطوات. لم أشعر أنها تقترب ولم أشعر أيضًا بأنها (...)
نهض من مكانه، حيث كان نائمًا، اتجه إلى الحمام مباشرة، جلس على الكرسي الخشبي الصغير والمنخفض، توضأ ببطء وكأنه يتحسس ألمًا منتشرًا على جلده. لم تحن الصلاة بعد ولكنه اعتاد على الوضوء تحسبًا لأي طارئ قد يحصل. سنواته الثمانون، وربما أكثر، تثقل على جسده (...)
اخذ نفسا عميقا بعد أن نظر إليها بعينين غائمتين، منتفضا من الغضب؛ تراءى له الظلام نوراً. لحظتها شعر بان كل شيء ممكن في هذا الصقيع الصامت.
قد يتكسر الجليد.
وقد تتمزق شمس البحار.
وقد يجف الماء.
وقد تناثرت الأشلاء على الأرض.
وقد تنطلق بعد ذلك أحشاء (...)
بعد أن تعلمت في المدرسة ونفضت ذاكرتي من جميع الأتربة التي علقت بها، استطعت أن أتنفس قليلا من الهواء أشاهد بعدها سور المدرسة يبتعد. كنت كل عام عندما أسير في الحارة وتأخذني أزقتها إلى طرف المدرسة اشعر بسورها يبتعد.
الآن ابتعد كثيرا حتى أنني عندما (...)
لا تتوقف نظراته القوية عن البحث عمن يراقبه. كان يكتب على الجدار خربشات أطفال يستمتع بها كثيرا لذلك فالخوف من أن يمسك به أحدهم يرعبه.
رغم صغر سنه وإنشداد وجهه الطفولي إلا أن الفقر يجبره على العبث في الشوارع بمجانيتها الخائفة. امسكوا به من قبل، ضربوه (...)
مدت يدها لتمسك بالكيس الورقي. اهتمامها بمن حولها فقدته فلم تعد تتذكر كيف تتطلع في الناس. شعرت لحظتها بحركات كثيرة تجوس حولها فبدت كأنها أرواح الجحيم تتباهى بوجودها في الجوار.
يدها ما تزال ممتدة وقد أمسكت بالكيس وجبينها مقطباً. كل تركيزها تلك اللحظة (...)
ممسكة به تتقافز قوتها حوله جاعلة منه عاجز عن التقدم. لم تعد للوقت رهبه فقد حل النهار وفقدت الأبواب ألوانها القاتمة. حولهما كان بعض الأولاد يتابعون لعبهم. في الأفق كانت الريح تحرك أوراق النخيل. لم يستمر وقوفها كثيرا تراجع هو إلى الخلف وهي تنفست (...)
تحدرت ورقة الشجرة فوق التراب الجاف. قبلها كانت الورقة معلقة. بعد أن جفت تماما أصبحت تخاف الهواء. إلى أن هوت ببطء لتستقر بين جذوع الشجرة. بقيت في مكانها زمنا رأت فيه الكثير من النمل الصاعد إلى أعلى الشجرة، إلى أن هبت نسمة هواء قوية جعلتها تتحدر على (...)
أصوات مرتفعة طغت على وجود الجميع. لذلك عندما أرادوا أن يتكلموا زادوا من ارتفاع أصواتهم.
كانت الصالة بنوافذ مغلقة لكن الأصوات خرجت منها إلى الشارع الضيق الملاصق للمبنى. التفت الأصوات حول النوافذ من الخارج. بعضها ذهب بعيداً. تاه في آخر الشارع ولم (...)
نظرات
بعد أن ذهبت بنظراتها إلى طرف السقف البعيد هزت رأسها ثم جلست لتعيد إليه النظر مرة أخرى.
نظراتها إليه بعيونها المستديرة ولمعانها الخفيف جعل من الهواء حولهما حلماً خفيفا غير مرئي. لم يرفع رأسه كثيراً عندما بادلها النظرات ولكنه بلع ريقه مفكراً (...)
في المكان المناسب في الوقت المناسب في الهواء المناسب تتكون أشياؤك للحظات ينهمر بعدها المطر بغزارة . لن تحدد بدقة كيف تمكنت من ترتيب كل هذا و لا كيف استطعت أن تفهم جميع الكلمات فقط تدوي في أذنيك زخات المطر وشعور بالتكون يتنامى .
ها هي تقف أمامك (...)
كان الكبير ممسكا برأسها . يده تقريبا تغطي معظم رأسها فبدت وكأنها ستعصره . دموعها وهي منطرحة تغرق في الهم .
لم تكن مجرد طفلة مريضة وتنتظر العلاج بل كانت قلقا يتمسح العيون بقسوة . ملابسها المترهلة تزيد الكآبة المحيطة بالمكان فتظهر في الهواء نسمات من (...)
أحدنا قطعا كان هو البادئ .ولكننا نذهب أحيانا إلى ما وراء الغيب دون أن يكون بين أيدينا تلك الانطباعات الهوجاء .كنا نركز أبصارنا في توافق وتعامد مستمر .أتطلع أنا إلى الأمام وهي تسند
جبهتها على خدي وتنظر إلى طرف شفتي القاسية .رائحتها الغافية كانت تفيق (...)
نتف من الماضي متراصة فوق بعضها لتشكل في النهاية خرابا ومدنا نائية من التفاهات تجعل من الحياة في وسطها أشبه بالانتحار البطيء، لذلك وبعد ان رفعت الستارة قليلا نظرت إلى ما جوار النافذة التي تقف عندها .
كانت تحاول أن تشاهد ما قد يكون عليه المستقبل (...)
خذ وقتك قبل الأقدام على خطوة آثارها بعيدة المدى . فقد تتجمع حول عينيك قطرات من الندى وحبات من الرمل الواخزة . لن تشعر بألم لكنها ستظل كهالة ليس لها زمان . تحيط بما حولك وكأنها لعنة تتعقبك . ثم بعد ذلك تدخل حجرة الحياة تتبعك أختك والآخرون من حولك (...)
ترى بكل وضوح من يستطيع مساعدتك وتطمئن إلى انه لن يغدر بك يوما كما فعل آخرون ولن تذهب روحك رهنا أبدياً للشياطين .
ستنتظر ليالي قصيرة وترتفع معها إلى أن تجد مرتعا في الهواء بأصدقاء لن تكون لهم رغبة في الحياة .
تعاود النظر فيما حولك لتتجه بنظرك نحو (...)
رأيت أنني انظر إلى البحر لحظة اقترابه من الفجر .لم أكن على الشاطئ وإنما كنت أقف فوق امتداد البحر هناك على طرف الجسر حيث كان عمق الماء طافحاً .لم تسعفنا أصوات الموج بدبيبها الخافت بل أخذت تتردد في المجيء وكأنها تخاف أن تصل .
واصلنا الوقوف رغم وصول (...)
ابتهاج شفتيها أضفى على ملابسها الق وجعل من نظراتها جمالا له سر الهزيمة .كانت تخفي خلفها ضبابا لرجال بلا ملامح .مجرد خيالات تهيم خلفها متبعة أنفاس الشباب .
عندما تبدأ المسير من طرف شفتها الأيمن إلى الطرف الأيسر لن تستطيع أن تدرك كم الوقت انقضى قبل (...)
في خفايا الظلام تبرز بعينيها حرقة مبهمة .
ويتكاثف الهم عندما تعرف أن هناك من لا
يطيق الابتعاد عنها لحظة .. وهي في واد آخر .
رائحة الظلال باردة وتهمس في الهواء وكأنهما
استقراء في المكان إلى الأبد .
انعقاد القوة على شفتيها يجعلان من نظراتها أشد (...)
حيث يقف كانت تتسلل من خلفه خيوط
الضوء المتعبة لذا لم يلتفت إلى النافذ فقد
كان توازنه العجيب ينسيه كل الأصوات
البعيدة القادمة .عند الأفق كانت نظراته
تصطدم بالسماء .
في وقفته هذه اتخذ كافة الاحتياطات .
جهز لها رغباتها .
وأعد لعتمة الليل وجهها (...)
للكلمة القاسية عند سماعها تتدحرج الصخور من أعلى الجبل.
هكذا وجد نفسه يستيقظ من النوم على أصوات الكلمات مختلطاً مع أصوات غريبة في الصالة. كانوا يرمون حجارة لتتهشم مزهريات البيت.
استعاد أنفاسه و فرك عينيه.
خفتت الأصوات ولم يعد يسمع بوضوح.
أرهف (...)
اعتبرا أنهما في المنتصف يقفان بقاربهما الصغير بجوار سفينة ضخامتها تسد الأفق عليهما . كانت السفينة وكأنها جبل يتربع على المحيط .
جلس الأول على حافة القارب متأملاً هذا الجبل الذي أمامه ومستعيداً حلم اليابسة الذي تمناه منذ شهور، لم يجلس بل انهار على (...)
انعقاد الحواجب بين عينيها يجبرني على الخوف .لقد كانت تجلس على المقعد المقابل .نظراتها النارية تفجر الهواء حولي .أكاد اختنق منها ليست جميلة وليست بدينة ولكنها تثير الفزع .كلما نظرت إلى عينيها اشعر برهبة فالتفت إلى أي مكان جوارها .
كنت في البداية أرى (...)
تركت خلفها جميع الصغار واتجهت نحوي .كانت متعالية جدا بنهديها المنتصبين .عندما كنت أقف أمامها في انتظار أن تقترب كنت المح طيفا
خلفها بدا وكأنه لها لكنها عندما كانت تقترب كان الطيف يبتعد إلى أن أصبح الطيف بعيدا .
توقفتْ ونظرت إلى الصغار المنتشرين (...)