في الحوادث الخطيرة التي تتعرّض لها الطائرات، وتنتهي الى تحطيمها، يهرع الخبراء للبحث عما يسمونه "العلبة السوداء"، وهي علبة يتمّ فيها رصد وتسجيل اللحظات الاخيرة للطائرة، قبل تحطّمها. ومن خلال فكّ رموزها، تُستقرأ اسباب تحطّم الطائرة او تهشّمها، وهو (...)
يربط عالم الاعصاب وتشريح الخلايا أدغار موران في كتابه "معرفة المعرفة" الصادر في منشورات "سوي 86"، بين الوجود البشري والتحسيب، من خلال الكومبيوتر والعقل الصُنعي وخزانات المعلومات الهائلة، مستبدلاً الكوجيتو الديكارتي "أنا أفكر إذن أنا موجود" بكوجيتو (...)
في فترة واحدة تقريباً، صدرت للقاصّ المصري الراحل يوسف إدريس 1927-1991 مختارات من مجموعاته القصصية، في إطار "كتاب في جريدة" الذي تنشره منظمة اليونسكو، شهرياً، بعنوان "جمهورية فرحات وقصص اخرى"، آب 1998، وصدر عنه كتاب للناقد المصري فاروق عبدالقادر (...)
آخر ما كتبه الشاعر والناقد الاميركي الراحل ويستان أودن كتيّب صغير الحجم، شديد الكثافة، سمّاه "محنة الشاعر في أزمنة المدن". ويعرض فيه، لا لأزمة الشاعر وحده في الازمنة الحديثة التي يسميها أزمنة المدن بل للفنون كلها، ومن ثمّ للكاتب بصفة عامة، حتى لكأن (...)
لم يفاجئني عبدالرحمن الأبنودي، وكنّا معاً في "الرباط" العام الماضي، وكان يدور الحديث بيننا حول أمل دنقُل، حين قال لي: كان في هذا الشاعر شيء من السُمّ.
توقفت عند كلماته، فهو صديقه. كنت أعرف أنه كان في هذا الشاعر قسوة هائلة، كفأس قاطعة، لكن، كنت أرى (...)
في المقال الذي نَشَرَتْهُ لي جريدة "الحياة" في 23 أيار مايو 1998، حول الشاعر المصري الراحل أمل دنقُلْ، بعنوان "الجنوبي..."، ورد خطأ طباعي في حرف واحد من كلمة في جملة في المقال المذكور، هي جزء من قصيدة دنقل المعروفة "خطاب غير تاريخي على قبر صلاح (...)
كافالا تشرف على البحر . ينطلق من سفينة راسية على الميناء لحن شعبي راقص. يصعد ركاب الى السفن وينزلون. طائران أبيضان يحلقان فوق السفن، تنضم إليهما طيور أخرى لتجري مناورة بحرية فوق الميناء. أمام عيني ترسو السفن الكبيرة والمراكب الصغيرة واليخوت، من (...)
اللقاء الثقافي الذي دعتنا اليه "اللجنة الثقافية لعموم اليونان"، وعقد في أثينا في مقر اللجنة، تمَّ على هامش ملتقى كافالا الشعري الثالث لدول حوض البحر الأبيض المتوسط. وهذا اللقاء بادرت اليه اللجنة المذكورة، وضمّ هيئتها الإدارية المؤلفة من عدد من (...)
تظهر الشعريّة العربيّة اليوم، على صورة شواطئ شديدة التعرّج والانكسارات، مفتوحة على الوحشة، بل على ما يشبه اليأس الحادّ، المفتّت، إنما ذا الإشراقات، والألق الذي هو ألق الشهوة الى الحياة في عزّ دين الموت، وانبثاق الشعاع الأوّل، من جدار الزمان العربي (...)
هل حقا مات "صاحب ولد عبدالحي"؟!
الرجل الذي تخيلت في طفولتي أنه لا يموت، وتشبعت بسماع حكايا عراكه مرارا مع الموت.
هناك من يؤكد أنه مات بالفعل، ويدعي أنه سمع إمام المسجد ذات يوم كثير الغبار يدعو المصلين إلى تجهيزه والصلاة عليه، لكن ثمة من يشكك في هذه (...)
في كتاب «الحب في حضارتنا الإسلامية» (الدار العالمية) تقدّم المغربية الراحلة فاطمة المرنيسي بحثاً عن السعادة من خلال الحب، عبر الاستناد إلى مرجعيات تراثية متقاربة في الحب والعشق. وهي غالباً مرجعيات كتبها باحثون وفقهاء ورجال دين وقضاة، وبعضهم من أئمة (...)
صوت غسان علم الدين في إصداره الأخير «أخضر في سهول الجراد» (إصدار خاص 2015) هو صوت شعري متوتّر وحاد وجديد. أقرب ما يكون توتره إلى أولئك الذين أطلقوا صرخات الشعر أو رقصوا وغنوا في أماكن خربة أو مهجورة وقرأوا على المتاريس أو حتى على القبور. حدث ذلك في (...)
عدد من الأدباء لم يخلفوا وراءهم سوى عمل روائي واحد، خرجوا به للساحة الثقافية، سواء أحدث ضجة أو لم يلفت إليه النظر، ليكون بعد ذلك، العمل الأول والأخير في رصيد كاتبه، لسبب عادة يخصه، إما لأنه قال جميع ما يود قوله دفعة واحدة، أو لأن تجربة أو سيرة ذاتية (...)
أن يستثير وقوع مأساة أو حادثة ما قريحة الشعراء، لتنثال شعراً يتعاطف مع الضحية ويصور مصابها فهذا أمر محمود ومألوف يأتي في سياق شعر الرثاء، لكن أن تستثيرهم على خلاف العادة أداة الحادث الصماء ويسبغون عليها أجمل الأفعال وأكثرها تقديساً في الذهنية العامة (...)
أعلنت مؤخرًا المجلة العربية عن عزمها إطلاق مشروع معرفي جديد يتمثل في إنشاء موقع «الكتاب السعودي»، وذلك للتعريف بالكتاب السعودي وإتاحته للقارئ العربي عبر إفساح المجال لتحميل الكتب المطبوعة بصيغة «فلاش»، وتصفحها على هيئتها الورقية.
وهي مبادرة جيدة، (...)
بعد صيف عجاف، حجب فيه نادي أدبي الشرقية، ما أقام من فعاليات قليلة جدا، عن الحضور والمشاركة النسائية، يبدو أن النادي وبعقلية ذكورية صرفة استمرأ هذا الخط والمنهج في ممارسة المزيد من فعل الإقصاء تجاه المرأة وعدم إتاحة الفرصة لها بمزاولة أبسط حق لها في (...)
تغيب عن واقعنا الثقافي تجارب ثقافية مهمة، أثبتت على مدى عقود من الزمن فاعليتها وجدواها في صناعة وعي معرفي لدى الإنسان في الغرب ووجدت صدى ساعد على نقلها والإفادة منها بشكل نسبي في بعض الدول العربية، في حين غابت عنا تماماً للأسف لسبب غير معلوم ومن ذاك (...)
لأنني لم أغادر مدينتي الدمام طوال أيام الإجازة الصيفية، كنت أتحرق شوقًا لحضور الفعاليات الثقافية المقامة بها في هذا الفصل الطويل مع عدم توفر أمكنة للارتياد محببة تذكر، غير أن أبواب المؤسسات الثقافية لمدينتي على خلاف التطلعات ظلت موصده، وفي المرات (...)
يهدي سلمان زين الدين بيتين من الشعر على بحر الوافر إلى أمين الباشا في مطلع ديوانه «ضمائر منفصلة» (دار نلسن 2015) كأنه يؤرخ بحروف حساب الجمل «إلى الباشا الأمين على الفنون/ جزيل الحب من قلب هتون. لقد أغنت قصائده كتابي كما يغني الربيع شذا الغصون». (...)
عرف الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو بأنه فيلسوف العامة، وينتصر روسو للعفوية والبراءة عبر مقولاته «الإيمان في خدمة النفس، الدين في خدمة المجتمع، المجتمع في خدمة الفرد»، الأمر الذي يخرج برأيه أي فعل يتضاد والطبيعة البشرية أو يضر بالبيئة عن السياق الديني (...)
هناك من يحيا بالقراءة هذه حقيقة وليست ضربا من الخيال، وهو ما تؤكده مجاميع القراء التفاعلية التي نجدها مبثوثة على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى كم لا بأس به من الحسابات الفردية التي تتبنى هذا التوجه أيضا ويقدم أصحابها أنفسهم كمهتمين بعالم (...)
يصور الشاعر العراقي أحمد الصافي النجفي (1896-1977) جسمه وكأنه نعشه، حين يمشي يحمله على كتفه، وغالباً ما يشبه نفسه بطائر ترابي، والطائر الترابي العجيب هذا، الذي قُصّ جناحاه «فظل يسبح في التراب» (كما يقول) هو عينه أحمد الصافي النجفي، مشبوحاً في صورة (...)
يفتقد المسرحيون العرب وجود مهرجانات مسرحية كبيرة ومنظمة وفاعلة يلتقون من خلالها ويناقشون هموم المسرح العربي وسبل تطويره، هذا ما بدا لي واضحا خلال استضافتي هذا العام في مهرجان أيام الشارقة المسرحية 25.
حيث تردد على مسامعي أكثر من مرة عبارة: أن مهرجان (...)
1– أنا الطريق
أنا طريق وحشتي
كأنما الشرود غاية الشريد
2 – أخاف
أخاف أن يكون قاتلي
بداخلي
3 – الموت
أرسلت طائرا إلى السماء لم يعد
فقد أسره الفضاء
4 – شوارع
يتقاتلون على ابتكار طريقة للموت
تختصر الحياة
5 – طلل
طلل على جبل وكان غرابه
يبكي فيضحك سقفه (...)
ظهر بعض من الشعراء العراقيين في سبعينات القرن الفائت كصوفيين في حال من الوحشة، في بغداد التي كانت وقتذاك تزهر فيها زهور المرض، وكان دجلة يمشي في مائه سادراً مبهماً والمقاهي مدافن اللهو والهم. والشوارع، وعلى جوانبها الحوانيت والمشارب، سردٌ مضطرب من (...)