أنا إن كنت حاسدًا أحدًا على نعمة، فإني أحسدُ صاحبَ الكوخ على كوخه، قبل أن أحسدَ صاحب القصر على قصره، ولولا أنَّ للأوهام سلطانًا على النفوس لما سجَدَ الفقراء بين أيدي الأغنياء، ولا ورم أنفُ الأغنياء أن يتخذهم الفقراء أربابًا من دون الله!
أنا لا أغبط (...)
لو عرف المحسود ما للحاسد عنده من يد، وما أسدى إليه من نعمة لأنزله من نفسه منزلة الأوفياء المخلصين، ولَوقفَ بين يديه تلك الوقفة التي يقفها الشاكرون بين أيدي المحسنين.
لا يزال صاحب النعمة ضالاً عن نعمته، لا يعرف لها شأناً، ولا يقيم لها وزناً، حتى (...)
لا سعادة في هذه الحياة إلا إذا نشر السلام أجنحته البيضاء على هذا المجتمع البشري، ولن ينتشر السلام إلا إذا هدأت أطماع النفوس واستقرت فيها ملكة العدل والإنصاف فعرف كل ذي حق حقه, وقنع كل بما في يده عما في يد غيره, فلا يحسد فقير غنياً ولا جاهل عالماً, (...)
لا سعادة في هذه الحياة إلا إذا نشر السلام أجنحته البيضاء على هذا المجتمع البشري، ولن ينتشر السلام إلا إذا هدأت أطماع النفوس واستقرت فيها ملكة العدل والإنصاف فعرف كل ذي حق حقه, وقنع كل بما في يده عما في يد غيره, فلا يحسد فقير غنيا ولا جاهل عالما, (...)
كما أنًّ السماء في ظلمة الليل تختلف إليها النجوم فتُضيء صفحتها وتمر بها الشهب فتلمع في أرجائها، حتى إذا طلعت الشمس من مشرقها محا ضوؤها ضوء جميع تلك النيّرات؛ كذلك القلب الإنساني لا تزال تمر به مختلف العواطف وأشتات الأهواء مجتمعة ومتفرقة، حتى إذا بلغ (...)
كما أنًّ السماء في ظلمة الليل تختلف إليها النجوم فتُضيء صفحتها وتمر بها الشهب فتلمع في أرجائها، حتى إذا طلعت الشمس من مشرقها محا ضوؤها ضوء جميع تلك النيّرات؛ كذلك القلب الإنساني لا تزال تمر به مختلف العواطف وأشتات الأهواء مجتمعة ومتفرقة، حتى إذا بلغ (...)
كأنما كنت أرى أن الدموع مظهر الرحمة في نفوس الباكين؛ فلما أحببت الرحمة أحببت الدموع لحبها. أو كأنما كنت أرى أن الحياة موطن البؤس والشقاء ومستقر الآلام والأحزان، وأن الباكين هم أصدق الناس حديثًا عنها، وتصورًا لها، فلما أحببت الصدق أحببت البكاء لأجله. (...)
من أي صخرة من الصخور، أو هضبة من الهضبات، نحتم هذه القلوب التي تنطوي عليها جوانحكم، والتي لا تروعها أنات الثكالى، ولا تحركها رنات الأيامى؟
من أي نوع من أنواع الأحجار صيغت هذه العيون التي تستطيعون أن تروا بها منظر الطفل الصغير والنار تأكل أطرافه (...)
حسبنا يا صديقي من الشقاء في هذه الحياة ما يأتينا به القدر، فلا نضم إليه شقاء جديدًا نجلبه بأنفسنا لأنفسنا! فهاتِ يدك وعاهدني على أن تكون لي منذ اليوم كما كنتَ لي بالأمس، فقد كنا سعداء قبل أن نفترق، ثم افترقنا فشقينا، وها نحن أولاء قد التقينا. (...)
لقد لقي صلى الله عليه وسلم في هجرته عناء كبيرًا ومشقة عظمى، فإن قومه كانوا يكرهون مهاجرته لا ضنٍّا به، بل مخافة أن يجد في دار هجرته من الأعوان والأنصار ما لم يجد بينهم، كأنما يشعرون بأنه طالب حق، وأن طالب الحق لا بد أن يجد بين المحقين أعوانًا (...)
لا تكافئ السفيه على سفهه بمثله، فإن فعلت قضيت له على نفسك وأصبحت شريكه في الخلة التي تزعم أنك تنقمها منه، فإن كنت لابد منتقماً فليكن مثلك مثل الأحنف بن قيس إذ جاءه رجل قد جعل له بعض الناس جعلاً على أن يغضبه فما زال يسبه ويشتمه ويلح في ذلك إلحاحاً (...)
ما أكثر هموم الدنيا، وما أطول أحزانها، لا يفيق المرء فيها من هم إلا إلى هم، ولا يرتاح من فاجعة إلا إلى مثلها، ولا يزال بنوها يترجحون فيها ما بين صحة ومرض، وفقر وغنى، وعز وذل، وسعادة وشقاء، فإذا صح لكل مهموم أن يمقت حياته، ولكل محزون أن يقتل نفسه، (...)
الخلق: هو الدمعة التي تترقرق في عين الرحيم كلما وقع نظره على منظر من مناظر البؤس، أو مشهد من مشاهد الشقاء.
هو القلق الذي يساور قلب الكريم ويحول بين جفنيه والاغتماض كلما ذكر أنه رد سائلاً محتاجًا، أو أساء إلى ضعيف مسكين.
هو الحمرة التي تلبس وجه الحي (...)
الخلق هو الدمعة التي تترقرق في عين الرحيم كلما وقع نظره على منظر من مناظر البؤس، أو مشهد من مشاهد الشقاء.
هو القلق الذي يساور قلب الكريم ويحول بين جفنيه والإغماض كلما ذكر أنه رد سائلًا محتاجًا، أو أساء إلى ضعيف مسكين.
هو الحمرة التي تلبس وجه الحي (...)
إن العلوم والمعارف، والمُخترعات والمُكتشفات، والمدنية الحديثة بأجمعها حسنة من حسنات الفقر، وثمرة من ثمراته، وما المداد الذي كتبت به المُصنفات، ودُوِّنَتْ به الآثار إلا دموع البؤس والفاقة، وما الآراء السامية والأفكار الناضجة التي رفعت شأن المدنية (...)
إن كان صحيحًا ما يتحدث به الناس من سعادة الحياة وطيبها وغبطتها ونعيمها، فسعادتي فيها أن أعثر في طريقي في يوم من أيام حياتي بصديق يصدقني الود وأصدقه، فيقنعه مني ودي وإخلاصي دون أن يتجاوز ذلك إلى ما وراءه من مآرب وأغراض، وأن يكون شريف النفس فلا يطمع (...)
ما أعظم الفرق بين الحياة والموت! تغرب الشمس فلا تلبث أن تطلع من مشرقها، وتتراكم السحب فوقها فلا تلبث أن تنفرج عنها حينما تهب عليها الرياح الباردة، وتعري الأشجار عن أوراقها، ثم تعود إلى جمالها مخضرة نضرة، حينما تهب عليها نسمات الربيع، وينام الأحياء (...)
خفّض عليك قليلا، فالأمر أهون مما تظن، وأصغر مما تقدر، وأعلم -وما أحسبك إلا عالمًا- أنك لم تسقط من قمة جبل شامخ إلى سفح متحجر فتبكي على شظية طارت من شظايا رأسك، ولم يهوِ بك القضاء إلى هوة عميقة لا خلاص لك منها أبد الدهر.
إنك قد سعيت إلى غرض؛ فإن كنت (...)
إن الله قد خلق لكل روح من الأرواح روحاً أخرى تماثلها وتقابلها وتسعد بلقائها وتشقى بفراقها ولكنه قدر أن تضل كل روح عن أختها في الحياة الأولى فذلك شقاء الدنيا وأن تهتدي إليها في الحياة الثانية وتلك سعادة الآخرة .. فإن فاتتني سعادتي بك في الأرض (...)
إذا كان لك صديق تحبه وتواليه، ثم هجمت منه على ما لم يحل في نظرك، ولم يتفق مع ما علمت من حاله، وما اطَّرد عندك من أعماله، أو كان لك عدو تذم طباعه، وتنقم منه شئونه، ثم برقت لك من جانب أخلاقه بارقة خير فتحدثت بما قام في نفسك من مؤاخذة صديقك على الخصلة (...)
إني لا أحفل يا سيدي بالصور والرسوم والأزياء والألوان، ولا يعنيني جمال الصورة وحسنها، ولا برقشة الثياب، وحسبي من الجمال أنني رجل شريف مستقيم، لا أكذب ولا أتلون، ولا أداهن ولا أتملق، وأن نفسي نقية بيضاء غير ملوثة بأدران الرذائل والمفاسد، فلئن فاتني (...)
لا تخضع النَّفْس العالية للحوادث ولا تذل لها مهما كان شأنها، ولا تلين صدعتها أمام النكبات والأرزاء مهما عظم خطبها، وجلّ أمرها، بل يزيدها مرّ الحوادث وعضّ النوائب قوةً ومراسًا، وشدّةً ومرانًا، وربما لذ لها هذا النضال الذي يقوم بينها وبين حوادث الدهر (...)
كثيراً ما يخطىء الناس في التفريق بين التواضع وصغر النفس، وبين الكبر وعلو الهمة.. فيحسبون المتذلل المتملق الدنيء متواضعاً ويسمون الرجل إذا ترفع بنفسه عن الدنايا وعرف حقيقة منزلته من المجتمع الإنساني متكبرا.. وما التواضع إلا الأدب، ولا الكبر إلا سوء (...)
إن الفقير يعيش في دنياه في أرض شائكة قد ألفها واعتادها، فهو لا يتألَّم لوخزاتها ولذعاتها، ولكنه إذا وجد يومًا من الأيام بين هذه الأشواك وردة ناضرة طار بها فرحًا وسرورًا وأن الغني يعيش منها في روضة مملوءة بالورود والأزهار قد سئمها وبرم بها، فهو لا (...)
ليس معنى الوجود في الحياة أن يتخذ المرء لنفسه فيها نفقاً يتصل أوله بباب مهده وآخره بباب لحده ثم ينزلق فيه انزلاقاً من حيث لا تراه عين ، ولا تسمع دبيبه أذن ، حتى يبلغ نهايته كما تفعل الهوام والحشرات والزاحفات على بطونها من بنات الأرض.. وإنما الوجود (...)