دعا الكاتب السعودي شتيوي الغيثي إلى فتح المجال أمام المرأة للعمل في أي مجال مُتاح، مادام وسيلة شريفة لكسب الرزق، سواء كانت خادمة أو سكرتيرة، معتبراً أن المجتمع السعودي يمارس ازدواجية في التعامل مع قضية تكافؤ النسب وعدد من القضايا المختلفة، فيما أكد خلال حديثه لبرنامج "إضاءات" الذي تبثه "العربية" الجمعة 21-5-2010، أن المجتمع السعودي مازال يعيش في طفولته الفكرية. وأشار الغيثي إلى تحولات القبيلة من حالتها التصنيفية التقليدية إلى حالة تصنيفية فكرية، فيتحول الوضع من القبيلة الطبيعية التقليدية إلى قبيلة فكرية، بحيث تعتمد الرؤية التصنيفية، في محاولة لتصنيف الناس الذين يتمحورون حول فكرة واحدة، وبيّن أن الخطاب الديني أثر فيه هو شخصياً بشكل محدود، حتى إنه كان من الممكن في تلك الفترة أن يذهب إلى البوسنة مثلاً، بناء على أفكار أمليت عليه. وانتقد القصائد الشعبية معتبراً أنها تعزز الثقافة التصنيفية، وأوضح الغيثي أنه يرفض التعصب للذات ورفض الآخر بغض النظر عن الأطياف والقبائل أو أي تصنيف ممكن أن ينتهجه أحد، وذكر أن التمحور حول التصنيفات لا ينتهي إلا بانتهاء التمحور حول القبيلة، بحيث لا تصبح القبيلة هي المحور الأساس، وأن الارتباط بناء على النسب فكرة توحشية. وقال الغيثي إنه لا يجد خطورة من القبيلة وثقافة الصحراء، إذ كانت الفكرة في ذلك الحين تعتمد حرص القبيلة على صفاء النسب؛ لأن القضية قضية حروب وصراعات، فكان من الطبيعي التمترس خلف القبيلة، لكن هذه الفكرة لم تعد موجودة أصلاً، خاصة بعد تحرر المجتمع من ثقافة الصحراء. وذكر أن المجتمع السعودي يمارس ازدواجية في التعامل مع قضية النسب، حيث إن أحداً قد يرفض امرأة يعرفها ويعرف أهلها ويتزوج من خارج البلد دون أن يعرف أصل المرأة أو إلى أين تعود، مبيناً أن ذلك ينطبق أيضاً على ممارسات التعامل مع الحضارة الغربية. ورفض الغيثي التسلط على المجتمع باسم الدين، مستشهداً بموقف حصل له حين منع من الجلوس مع عائلته بحجة أن للرجال قسماً خاصاً والنساء في قسم آخر. وتحدّث شتيوي الغيثي عن ميل المجتمعات إلى النكت والفكاهة، خاصة مع الضغوط، كما حدث في كارثة جدة، حين وجّه المجتمع انتقادات عدة من خلال التقنية الحديثة التي ساهمت في التعبير بشكل أكبر عما يدور بشكل تهكمي من خلال الوسائط الجديدة، مبيناً أن الفرد يلجأ للنكتة حين لا يستطيع أن يعبر بشكل مباشر عن الحرية، وقال إن النكتة تزدهر في مصر كثيراً لأن الضغط يولد التنفيس، هروباً من المواجهة الحقيقية. ولم يمانع الغيثي عمل المرأة السعودية خادمة، معتبراً ذلك مجالاً جيداً للعمل الشريف، وذكر أنه حين جاءت أفكار كثيرة حول إمكانية أن تكون المرأة سكرتيرة في مكتب أو فندق، أو في المحال التجارية المخصصة لها، تم رفض هذه الأشياء، مبيناً أنه "تم رفضه بحكم ذكورية المجتمع مع أن الرجل والمرأة يعملون خدماً في العالم كله". وقال إن الحداثة الشكلية في السعودية زامنتها حداثة أدبية، وهي التي سببت صدمة وأنشأت لغة خطاب جديدة، معتبراً الليبرالية نتاجاً للصدام بين الحداثة والإسلاموية، لأن الليبرالي يدعو إلى التعدد، معتبراً نفسه من المتحولين من الخطاب الديني إلى الخطاب الانفتاحي التنويري، بينما اعتبر الأيديولوجية الإسلامية قامعة للإنسانية من أجل فكرة قد تكون صحيحة وقد تكون غير ذلك، معتبراً المجتمع السعودي في مرحلة الطفولة الفكرية.