فوجئ الشارع البحريني أمس خلال الجلسة الأسبوعية للبرلمان، برفض 17 نائبا من نواب جمعية الوفاق الوطني الإسلامي، كبرى جمعيات المعارضة في البحرين، على إصدار بيان دعم للسعودية ضد العمليات التي يقوم بها المتسللون على الحدود اليمنية، وهو ما أفضى إلى خروج البيان بموافقة 23 نائبا، وسط امتناع جميع نواب الكتلة الوفاقية عن إصدار البيان، قبل أن يتسبب هذا الموقف في جدل كبير في أروقة البرلمان. وعلى الرغم من أن شبه اتفاق قد صدر بين الكتل على تفهم موقف الوفاق من عدم التصويت على قرار البيان، فإنه ما أن انتهت جلسة أمس، حتى توالى رفض النواب الآخرين لما أقدم عليه النواب ال17، حيث رفض النواب السنّة موقف الوفاق الشيعة من عدم الانضمام إلى البيان المؤيد والداعم للسعودية في مواجهة الاعتداءات التي قام بها المتسللون. وفي اتصال هاتفي مع صحيفة «الشرق الأوسط» قال الشيخ عادل المعاودة رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في البرلمان البحريني، إنه يأسف للموقف الذي وقفه نواب «الوفاق»، معتبرا هذا الموقف لا يتفق مع موقف الشارع البحريني المساند للسعودية «التي تُعتبر خطا أحمر يجب أن لا يتم مسه ولو بشعره»، متهما في نفس الوقت الموقف الذي وقفه نواب المعارضة أمس بأنه «موقف طائفي، وأظهر الولاء الحقيقي لنواب كان من المفترض أن يكون لبلادهم لا لأي دولة أخرى». وقال المعاودة لصحيفة «الشرق الأوسط»اللندنية إن موقف البحرين وعلاقتها مع السعودية معروف منذ الأزل، «ولا يمكن أن تكون البحرين إلا وهي تقف بجانب شقيقتها الكبرى، فكيف يأتي الآن نواب البرلمان ليرفضوا أقل ما يمكن أن يقوم به أي بحريني من رفض هذه الاعتداءات؟». ويضيف رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في البرلمان البحريني أنه يستغرب أن يقف أي عربي أو مسلم «موقف المتفرج من الاعتداءات التي يقوم بها المتسللون على الحدود السعودية، خصوصا أن الاعتداء سافر ومعروف من يقف وراءه، وأنه مدعوم مباشرة من إيران، التي أظهرت موقفها الحقيقي عبر الناطق الإعلامي المتحدث باسمها، وهي قناة (العالم)، التي للمرة الأولى أرى أن الدول العربية تتخذ موقفا صحيحا عندما وافقت على وقف بثها». لكن النائب خليل المرزوق نائب رئيس كتلة «الوفاق» البرلمانية رد على سؤال ل«الشرق الأوسط» حول موقف النواب ال17بالقول إن الكتلة امتنعت عن التصويت «لأننا لا نريد الزج بأنفسنا في المشكلة اليمنية؛ هذه القضية معقدة وهي أمر داخلي يمني، ولا نرغب أن نكون طرفا أو نُستدرج في هذه المشكلة»، واستدرك النائب الوفاقي بالقول: «لا يعني موقفنا هذا أننا ضد الشقيقة الكبرى السعودية، فهذا موضوع آخر. ما يحدث (على الحدود السعودية اليمنية) غير واضح حتى الآن، لذا رأينا أن لا نقحم أنفسنا في مثل هذه المواقف». ويلفت نائب رئيس كتلة الأصالة إلى أن نظام التصويت الإلكتروني في البرلمان كان قد تعرض لخلل، لذلك لم يتبين إن كان تصويتنا هو امتناع أو رفض». وكان لافتا أن النائب السلفي المستقل الشيخ جاسم السعيدي، الذي لم يحضر جلسة يوم أمس بسبب مرضه، قال إنه توقع رفض نواب كتلة «الوفاق» لإصدار بيان دعم السعودية في حقها المشروع للدفاع عن أراضيها وصد الهجمات التي تتعرض لها حدودها الجنوبية من المتسللين، متهما جمعية «الوفاق الوطني الإسلامي» بعلاقات تربطها بعلاقات مع الحوثيين في اليمن، وأضاف: «انتهى عصر التقية الوفاقية، فما حصل في الجلسة من رفض الوفاقيين لإصدار بيان الوقوف الشعبي مع المملكة العربية السعودية هو أمر لا يسيء إلى علاقة مملكة البحرين بأشقائها في المملكة العربية السعودية فحسب، بل ويضر بعلاقاتنا الأخوية التاريخية المشتركة المتجذرة في أعماق التاريخ، ومن حق السعودية اتخاذ ما يلزم لتطهير ترابها من الحوثة العملاء». وقال السعيدي إن الموقف الذي اتخذته كتلة الوفاق في مجلس النواب يضع كثير من علامات الاستفهام حول رفض الوفاق لهذا البيان وعدم التصويت عليه، «لا سيما أن مملكة البحرين ذات علاقات مشتركة وطيدة حتى النخاع مع أشقائها في المملكة العربية السعودية التي تواجه حاليا عصابة مسلحة، وبالتالي فإن عذرا للوفاقيين لن يُقبَل في هذا الشأن وأي عذر لها سيكون أقبح من هذا الذنب، فبالأمس صوّت الوفاق مع سلامة أراضي إيران وضد أي ضربة عسكرية ضدها، ولم يكن هناك أي مانع من الكتلة في هذا الأمر، ولكن عندما يكون الأمر متعلقا بالشقيقة المسلمة السعودية مع التمرد الحوثي العميل لإيران، فإن الأمر فيه نظر». ويقول الشيخ السعيدي إن رفض الوفاق للبيان «يثير مجددا تساؤلاتي ومطالباتي للحكومة بالتحقيق مع الوفاق التي أقامت اجتماعات مشبوهة في المملكة، مع جهات مقربة جدا من زعماء التمرد الحوثي في اليمن، وما زلت أكرر هذا المطلب وأتحمل المسؤولية القانونية على ما أقوله». من جهتها، أصدرت جمعية الأصالة السلفية بيانا بعد جلسة أمس، قال فيه النائب الأول لرئيس البرلمان البحريني غانم البوعينين رئيس الجمعية إن كتلة الأصالة النيابية تقف مع السعودية قلبا وقالبا، «خصوصا وأن جماعة الحوثيين اعترفت باعتدائها على الأراضي السعودية، وأعلنت احتلالها بعض المواقع الحدودية وقتلها جنودا سعوديين في خلسة وفجاءة». واعتبر البوعينين أن التعدي على الأراضي السعودية «يشير إلى حضور أيدٍ إقليمية دأبت على نشر الفتن في البلدان العربية والإسلامية منذ نحو ثلاثين عاما. والمرحلة الحالية شديدة الخطورة والوطأة لتطورات داخلية وإقليمية خاصة. ونحن نحذر الجامعة والنظم العربية بأن هذه الحرب الدائرة منذ أغسطس (آب) الماضي في الفناء الجنوبي لمنطقة الخليج العربي، والتعدي على الأراضي السعودية، تشير إلى تحولات وتغيرات خطيرة في القدرة الإقليمية على تهديد أمن بلادنا، وإذا لم نتحرك حاليا لمجابهة الخطر الداهم فإن النار ستمتد إلى أماكن