نقلا عن المصريون فقد ضمت "الجماعة الإسلامية" صوتها إلى صوت الداعية السعودي الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة، في دعوته الرجل الثاني في تنظيم "القاعدة" الدكتور أيمن الظواهري إلى إجراء مراجعة لفكر وأسلوب "القاعدة"، على غرار المراجعات التي قامت بها العديد من الجماعات الإسلامية لحقن دماء المسلمين. وفي تعليقها على "أحدث رسالة نصح توجه لإخواننا الأفاضل في تنظيم القاعدة"، لمراجعة مسيرة العمل الجهادي على مدار السنوات الثماني الماضية التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، قالت "الجماعة الإسلامية"، إنها كانت سباقة في توجيه دعوات مماثلة إلى القاعدة" للقيام بمراجعات فكرية تقوم من خلالها بإعادة النظر في إستراتيجية إشعال جذوة الجهاد في كل مكان. والجماعة التي بادرت في أواخر التسعينات بالإعلان عن مراجعات لوقف العنف في مصر توجت بوقف عملياتها المسلحة ضد الدولة سبق أن وجهت دعوات إلى "القاعدة" بالتخلي عن نهجها الحالي، وكان آخرها في مايو الماضي، في ضوء وصول إدارة أمريكية جديدة إلى البيت الأبيض بقيادة باراك أوباما، لكنها دعوات لم تلق استجابة حتى من رافقوهم مرحلة رفع السلاح. وفي إشارة إلى الرسالة التي وجهها العودة إلى الظواهري في 12 سبتمبر الجاري، قال الدكتور أسامة عبد العظيم القيادي بالجماعة: "بالطبع ليست تلك هي الرسالة الأولى التي توجه لقادة القاعدة داعية إياهم لسلوك سبيل المراجعة.. فقد طالب بذلك قادة الجماعة الإسلامية غير مرة منذ وفقهم الله تعالى لإعلان مبادرتهم بوقف القتال ضد الحكومة المصرية.. ذلك القرار الذي جاء مبنيًا على دراسة عميقة وشاملة ومتجردة في الوقت ذاته لمسيرة الصدام المسلح في مصر". وتابع: "انطلاقًا من تلك التجربة المريرة التي خاضتها الجماعة، فقد أطلق قادتها نداءاتهم المتكررة لتنظيم القاعدة بإعادة النظر في إستراتيجية إشعال جذوة الجهاد في كل مكان، لاسيما والأمة اليوم ليست مؤهلة فكريًا ولا تربويًا ولا سياسيا للجهاد العسكري ضد أعدائها.. مستثنين من ذلك مواطن الاحتلال، فكافة الأعراف والقوانين الشرعية والدولية تكفل للمحتل حق المقاومة والدفاع عن الأعراض والأنفس والأموال". وأكد عبد العظيم في تعليقه المنشور على موقع الجماعة، أن "الدعوة لمراجعة النفس، ومحاسبتها، وإعادة تقدير المواقف والسياسات في ضوء متغيرات الواقع ومستجداته ليست بدعًا من القول في شريعة الإسلام، كما أنها لا تمت للقدح في المجاهدين وتثبيط هممهم وعزائمهم بأدنى صلة كما يتصور البعض". وبعد ثماني سنوات من وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي أعلنت مسئوليتها عنها، لم تظهر "القاعدة" أي تغيير في إستراتيجيتها، كما أنها ليست على استعداد على ما يبدو للإعلان عن مراجعات من شأنها أن تفضي إلى تحولات فكرية، على غرار بعض الجماعات المسلحة التي أعلنت تخليها عن العنف، وكان آخرها المبادرة التي أعلنتها "الجماعة الإسلامية المقاتلة" في ليبيا. لكن القيادي ب "الجماعة الإسلامية" يشدد على ضرورة القيام بتلك المراجعات، لأن "أهل الجهاد الحق ممن تجردوا لله تعالى، وساروا مع مراد الله منهم لا مع مرادات نفوسهم هم أشد الناس حاجة للمراجعة والمحاسبة كل وقت وحين.. وذلك حتى لا تتبدل النوايا أو تنحرف المقاصد والغايات ، وحتى يحقق الجهاد في سبيل الله تعالى مقصوده الأسمى الذي أراده المولى جل وعلا .. (حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ)". وأوضح أن "حجر الزاوية في مسيرة المراجعة لأي تيار جهادي – بعد التجرد الخالص لله تعالى – هو معرفة أن فريضة الجهاد ليست مقصودة لذاتها، بحيث يجب على المسلمين مواصلة مسيرة الجهاد دونما اعتبار لما قد يترتب عليه من مفاسد تخل بغايته ومقصوده، ودونما مراعاة لاستيفاء شروطه وتحقق أسبابه وانتفاء موانعه.. وهو ما لم يقل به أحد من أهل العلم لا قديمًا ولا حديثًا". وفي دعوته التي جاءت عبر إحدى الفضائيات بمناسبة الذكرى الثامنة لأحداث سبتمبر، دعا الشيخ العودة الظواهري الذي اعتبره المنظّر الحقيقي للقاعدة إلى إجراء مراجعة ووقفة لجرد الحساب وجرد عدد الذين ذهبت دماؤهم في هذا السبيل، مشددًا على أن "هذه المراجعة قضية تتطلب بصيرة وشجاعة أكثر من الشجاعة في قتل الآخرين.. أن يكون عند الإنسان شجاعة مواجهة نفسه ومراجعتها". وهو ما أيده القيادي ب "الجماعة الإسلامية"، بقوله: "إن المراجعة تحتاج إلى عزم قوي، وشجاعة عظيمة، وإخلاص شديد، وتحتاج من صاحبها تجردًا يستوي معه مدح الناس وذمهم.. فيكون جل همه وغايته رضوان الله تعالى وحسب.. انفض الناس من حوله أم لم ينفضوا.. اتهموه بالجبن والتخاذل والنكوص أم سكتوا.. وما لم تتحقق تلك الصفات فلسوف تبقى قيمة المراجعة والنقد الذاتي أمرًا بعيد المنال". وأعرب عن أمله في أن "تجد تلك الدعوات وأمثالها صدى بإذن الله تعالى في نفوس وعقول إخواننا من قادة "القاعدة"، ولأن يضيرهم بإذن الله شيئا أن يراجعوا مسيرتهم ويعيدوا تقييم جهودهم فيكملوا مسيرتهم على هدى ونور أو يعلنوا تصحيح إستراتيجيتهم بكل شجاعة وقوة فيكونوا حينئذ مأجورين محمودين". ولم يصدر تعليق فوري من "القاعدة" حول دعوة الشيخ سلمان العودة، والذي كان يعد المُنظّر لزعيم "القاعدة"، قبل أن يتراجع عن أفكاره قبل سنوات متوجهًا بانتقادات علنية له وللإستراتيجية التي ينتهجها تنظيمه، وهو ما عده المراقبون وقتها تحولاً مهمًا في فكر الداعية الشهير، لكنه هذه المرة اختص الظواهري الرجل الثاني في التنظيم بدعوته باعتباره المنظر الحقيقي للتنظيم.