نقلا عن الإسلام اليوم فقد أكدّ فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم" أنّ تغيير آرائه لا يعني التغيير في منهجه، مشيرًا إلى أن المنهج واحد لا يتغير، بخلاف الآراء والمواقف واللغة، والتي من الممكن أن تختلف من مرحلة إلى أخرى . وقال الشيخ سلمان في حلقة أمس الخميس من برنامج "حجر الزاوية"، والذي يبث على فضائية mbc ، والتي جاءت تحت عنوان "الضمير " إذا لم يكن المنهج هو القرآن والسنة والإيمان فلا أعرف ما هو المنهج إذًا، فليس هناك تغيير في المنهج الذي أسير عليه، فهو واحد لا يتغير، وإنما الآراء والمواقف واللغة ربما تتغير في مرحلة من المراحل. لا عصمة لاجتهاد وأضاف فضيلته: أنه مع الوقت، سواء بالنسبة لي أو لكثيرين غيري، فإذا كان الإنسان مضى في سبيله وصبر على طريقه وبحث عن الأفضل، لا أعتقد عصمة لاجتهادي أو رأيي وإنما أعتقد أن هناك ما هو أفضل فأستفيد من الآخرين وأستفيد من باب أولى من تجربتي الخاصة. جاء ذلك تعقيبًا على مداخلة من أحد المشاركين في البرنامج، عن الشيخ سلمان قد غير منهجه بالكامل؟ وأوضح الدكتور العودة: لقد كانت في مرحلة من المراحل، فربما يستيقظ ما يسمى ب "الضمير الجمعي" على نفسه، في بعض الأحيان، بطريقة مفاجأة في ظل أزمات معينة ويتحدث بطريقة أو بأخرى. الاحتكام للضمير ؟!! وتعقيبًا على مداخلة، تقول: هل يجوز أن يحتكم الإنسان لضميره؟! قال الشيخ سلمان :إن احتكام الإنسان لضميره لا يكون في كل شيء، فهناك شرع ، كتاب، وسنة ، وإجماع ، كما أنَّ هناك حلال بيّن و حرام بيّن ومشتبه، لكن هناك أشياء المرجع فيها إلى الضمير . وضرب فضيلته مثالا لذلك قائلاً: سألني شخص في ذات مرة: هل يجوز مشاهدة نشرة الأخبار التي تذيعها امرأة، فقلت له: استفت قلبك. قال لي: كيف ؟ قلت: إذا أنت تسمع الأخبار وترى هذه المرأة كما لو كنت ترى رجلاً مثلاً ملاكمًا أو ترى جدارًا فهذا عادي، لكن إذا كنت ترى هذه المرأة وتستعذبها وتستحليها وتتلمح ملامحها وقسماتها وربما أخذتك عن الأخبار فهنا استفت قلبك، فهذا دليل أنك تمارس إثمًا حتى لو كان لا يوجد نص صريح بخصوصه لكن هنا قلبك يدل على أنه أنت هنا تقع في خطأ. وأضاف فضيلته: فهنا الضمير يعطيك مؤشر؛ ولذلك الضمير هو إنذار داخلي (جرس)، فبعض الأخطاء التي لا يوجد عليها نص خاص أو دليل خاص، ولكن تجد من داخلك شيء يقول لك: "اترك هذا الأمر"، يقول تعالى (بَلِ الْإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) (القيامة:15) ، فمن الممكن أن يأتي الإنسان بأعذار ويقتنع ويقنع الآخرين لكن في داخله لا يستطيع أن يقنع نفسه. تأنيب الضمير وفيما يتعلق بتأنيب الضمير، قال الشيخ سلمان: كلنا نشعر بتأنيب الضمير، فلا يوجد أحد لم يشعر بهذا الشعور، فقد أشعر بذلك عندما أصرخ على طفل صغير وتجدني تجاه ذلك أحاول أنني أعوّضه بشيء من الدلال الذي أنا مقتنع أنه ليس بأسلوب تربوي ولكن أفعل هذا بمقتضى أني تعوّدت عليه. وأضاف فضيلته أن تأنيب الضمير ربما يكون بسببً فوات مصلحة، مثل: بر الوالدين وتقصير الإنسان في ذلك، أو يأتي شهر رمضان مثلاً إنسان ربما قصّر في طاعة أو عبادة أو قربة أو قراءة قرآن، كما يقال: (واتسعت مسافةُ الخُلْفِ بين القولِ والعَمَلِ)، كما أن الضمير يلوم الإنسان ويعاتبه إذا قال شيئًا ولم يفعله. لحم الإبل: هل ينقض الوضوء ؟ وضرب الدكتور العودة مثالا لذلك ب" الوضوء بعد أكل لحم الإبل، قائلاً: إنني من الصغر آخذ بالقول بأن لحم الإبل ينقض الوضوء، ففي مجتمعنا السعودي يعتبر هذا من المقررات في كافة المستويات وقررت هذا، ثم في مرحلة متأخرة بحثت وظهر لي أنه مستحب الوضوء منه ولا يجب، فمع أني قررت هذا فقهيًا وأعلنته في الدروس إلا أنَّ ضميري حتى الآن لم يساعدني أو يسعفني، فلو أكلت لحم إبل ولم أتوضأ وصليت أشعر كأنني ما صليت أو كأنني صليت على غير وضوء. وذكر الشيخ سلمان: أن هذا يبرز دور العادة خاصة إذا غرست منذ الصغر، فمن الخير أن يتوضأ الإنسان، وعلى أقل الأحوال أنه سنّة، وإن كانت المسألة كما قلت أنه فيها خلاف والأئمة الثلاثة لا يرون وجوب الوضوء من لحم الإبل والإمام النووي ذكر أن هذا مذهب الأئمة الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي على خلاف مشهور في المسألة. وأردف فضيلته: لكن لا أشعر -ولله الحمد- بتأنيب ضمير لا في الماضي ولا في الحاضر تجاه هذه القضية؛ لأنني لا أشعر أني يوم من الأيام عملت أو قلت شيء وأنا أضمر خلافه، وأعتقد أنه عملية الترقّي والتجربة وتراكم الخبرة والمعرفة والقراءة والاستفادة من الآخرين أنه مطلب، وفي الوقت الذي كثيرًا ما أعذر أولئك الناس الذين ربما لم يستوعبوا بعض هذه الأشياء أو لم يتقبلوها لأن ليس من حق أحد أن يفرض على أحد رأيه واجتهاده، إلا أنني أيضًا أعذر بقدر أكبر نفسي تجاه ما أعمله وأقوم به.