تشهد السعودية كل شهر ثماني حالات جديدة مصابة بمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) بين سعوديين وغير سعوديين، حيث تحتل جدة المرتبة الأولى بنسبة 50 في المائة من عدد الإصابات تليها الرياض ومن ثم مكة، بنسبة امرأة لكل أربعة رجال مصابين بالمرض، بحسب ما أكده ل"الاقتصادية" الدكتور نزار باهبري استشاري في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومدير الجمعية السعودية للأمراض المعدية. وأوضح أن 95 في المائة من النساء المصابات تكون الإصابة نتيجة عدوى من الأزواج، حيث يكون تواصلهم مع العيادات الخاصة في مراحل متأخرة من المرض نتيجة لضغط الزوج بعدم الفحص أو إخفاء أمر إصابته بالمرض عن الزوجة. وطالب باهبري خلال محاضرة ضمن فعاليات المؤتمر العالمي لمرضى الإيدز2012، والذي نظمته "صحة جدة" أمس (الثلاثاء) برعاية الدكتور سامي باداود مدير الشؤون الصحية في جدة، إلى ضرورة رفع الوعي لدى الكوادر الطبية العاملة في مختلف التخصصات حول المرض وكيفية التعامل معه. وأوضح أن وسائل انتقال العدوى مختلفة ولكنها تتركز في نقل الدم والعلاقات الحميمة ، وقال إن كثرة العمالة الوافدة غير النظامية ومتاجرتهم غير الأخلاقية عامل مهم في نقل وتفشي الأمراض المستعصية في المنطقة. وقال:"إن ردة الفعل لدى كثير من الكوادر الطبية سيئة جدا عند التعامل مع المصابين مما يعكس ذلك على المريض الذي عادة يفضل الاستسلام للمرض على مواجهة الأطباء"، ووجه بضرورة إقامة ندوات تثقيفية وتوعوية للمؤتمرات الطبية التي تعتمد بساعات التعليم من قبل الهيئة الصحية، واعتبار الجوانب التوعوية من ساعات التعليم التي تعتمدها الهيئة الصحية، وذلك أن أغلب الكوادر الطبية بحاجة ماسة إلى رفع التوعية نظرا لضعف المعلومة الثقافية لديهم. من جهتها، كشفت فاطمة الحبشي إدارية في البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز، أن أكثر من 40 في المائة من العمالة الوافدة للمملكة تكون حاملة للمرض خصوصاً من الجنوب الإفريقي. وأوضحت أن كثيرا من الفحوص في بلد المنشأ للعمالة تكون غير صحيحة وغير دقيقة، لذلك يستلزم أي عامل وافد عمل فحوص لعدد من الإمراض المعدية خلال شهر من قدومه للمملكة، فيما يتم التواصل مع الكفيل لترحيل العمالة في أقرب وقت في حال التأكد من الإصابة بالمرض. من جهته، أكد الدكتور سامي باداود المدير العام للشؤون الصحية في منطقة مكةالمكرمة، أن بعض مرضى الإيدز في جدة أنجبوا أطفالاً أصحاء، موضحاً أن ذلك ناتج عن خطة للعلاج منوعة ومختلفة، لافتاً إلى أن عدد المصابين المسجلين في جدة يبلغ 2500 مصاب وجميعها حالات تستجيب للعلاج بشكل ممتاز. وأرجع وجود النسبة الأكبر من المصابين بالإيدز في المملكة في محافظة جدة إلى الكثافة السكانية الكبيرة، إضافة إلى كونها بوابة الحرمين الشريفين ولدقة الفحوص التي تجريها مختبرات جدة التي تؤدي لمعايير عالية من الدقة، مشيراً إلى أن مختبر الفيروسات في جدة يعتبر الثالث على مستوى الشرق الأوسط من حيث التقنيات العالية في تشخيص الأمراض الفيروسية بما فيها الإيدز بشهادة منظمة الصحة العالمية ومركز الأمراض في أطلنطا في الولاياتالمتحدة. وأشار إلى أن تكلفة علاج مريض الإيدز تراوح بين 60 و100 ألف ريال سنويا، مؤكداً أن معظم الحالات التي يتم اكتشافها يتم عن طريق فحوص ما قبل العمليات الجراحية في المستشفيات الحكومية والخاصة بشكل عام وليس بفحص ما قبل الزواج. بدورها، ذكرت الدكتورة سناء فلمبان رئيسة الجمعية الخيرية لمرضى الإيدز، أن المملكة من أقل الدول عالمياً في عدد المصابين بالإيدز وحققت المملكة انخفاضا في مستوى المرض عام 2011 حيث بلغ مجمل عددهم 1200 مريض، مشيرة إلى أن وزارة الصحة هي الجهة الوحيدة التي تملك إحصائية صحيحة بعدد المصابين في المملكة. وأوضحت أن مجمل المنتسبين للجمعية ألفا شخص، منهم 450 مصابا بالإيدز، تقوم الجمعية بخدمتهم ودعمهم معنوياً ومادياً ونفسياً بالتعاون مع جهات أخرى، فالجمعية ووزارة الصحة والجهات الداعمة ماديا تعمل بشكل تكاملي. وقالت إن "الجهود التي بذلت على مدار السنوات أحدثت نقلة نوعية في رفع الوعي المجتمعي حول مرضى الإيدز"، موضحة انعكاسات ذلك حول إقبال المصابين على العيادات للمراجعة والمتابعة الصحية بعد أن كان هناك تحفظ كبير من قبل المريض وأسرهم في التعامل معهم، باعتبار أن الإيدز مرض مرتبط بأخلاقيات سيئة سلبية وعلاقات محرمة. وحول استبعاد بعض الجهات المصابين بالإيدز من العمل، أشارت فلمبان إلى أنه لا يوجد قانون يمنع عمل المصابين خاصة أن احتمالية العدوى ضعيفة جداً، وأن ما يواجهه المصابون من أصحاب العمل يعد من أكثر المعوقات التي تواجههم خاصة رب الأسرة الملزم بمصروفات الأسرة، موضحة أن عددا قليلا من الجهات تقبل توظيف المصابين بالإيدز مقابل خفض الرواتب. وحول دور الجمعية أشارت إلى أن الجمعية حرصت على التواصل مع جهات العمل وتثقيفهم بالمرض وعمل دورات تثقيفية مستمرة لجميع شرائح المجتمع.