لاشك ان القضية الاحوازية تمر بمنعطف خطير هذه الايام وهي على أبواب تفجر ثورة بمناسبة الذكري السادسة لثورة نيسان 2005 المجيدة وذكري 86 عاما على الاحتلال الفارسي الغاشم والذي سيحل بعد أيام قلائل. والجديد هذا العام هو الاهتمام العربي لاسيما الخليجي بالقضية الاحوازية وسط حالة من عدم الاستقرار في ظل متغيرات عربية كبرى بعد اسقاط نظامين عربيين كبيرين اولهما تونس وثانيهم مصر وثورات قد تطيح بأنظمة عربية أخرى في أي لحظة. الجديد خليجيا أحداث البحرين أولا التي كانت تأمل بعض المرتزقة من ذوي الاصول الفارسية فيها وبعض عملائهم الجهلة بأسقاط النظام الملكي السني وأستبدالة بنظام عميل خاضع لولاية الفقية المتمثل في النظام القمعي الايراني المتهالك. وثانيا أكتشاف الخلايا التجسسية الايرانية في الكويت وصدور احكام قضائية مشددة على اعضاء الخلية التجسسية الاولى. وردود الافعال الخليجية كانت حازمة في البحرين حيث تحركت المملكة العربية السعودية والامارات وبسرعة للتدخل بأرسال الاف من قوات درع الجزيرة وأنقاذ البحرين من أدران الفتنة الفارسية الصفوية، اما رد الفعل في الكويت فلا يزال خجولا وليس على مستوى الحدث حيث تم الاعلان على طرد ثلاث دبلوماسيية ايرانيين لهم صلة بالخلية التجسسية وقامت ايران بالمقابل بطرد ثلاث دبلوماسيين كويتيين. عربيا، لاتزال الضبابية تسيطر على المواقف السياسية في ظل ثورات جديدة وعارمة لم تكن بالحسبان في اليمن وسوريا وليبيا. كل هذا جعل من المواقف العربية غير صريحة ومترددة بعد أكتشاف الدور الايراني الارهابي الخطير في ضرب منطقة الخليج العربي التي تعتبر اهم منطقة حيوية في العالم نظرا للمخزون النفطي الهائل في دوله، كما تعتبر لمصر وكثير من الدول العربية صمام أمان للفورة المالية التي توفرها لهذة الدول العربية عن طريق استيعاب الملايين من العمالة العربية والدعم الكبير للدول العربية عن طريق الدعم المادي المباشر لمشاريع التنمية والتجارة المشتركة. كل هذا يطرح التساؤل المهم، ماذا بعد كل هذا؟ هل ستكتفي الدول العربية بالتزام أقصى درجات الحيطة والحذر وممارسة أقصى درجات الحصافة والبلوماسية كالمعتاد مع ايران ومخططاتها الارهابية؟ لاسيما دول الخليج العربي والتي عانت كثيرا من ايران منذ قيام الثورة الخمينية عام 1979. فعلى سبيل المثال لا الحصر قامت ايران بتجاوزات أرهابية خطيرة ضد دول الخليج العربي كالتالي: 1- عام 1983 تفجيرات في الكويت في اماكن حيوية وحساسة على يد حزب الدعوة العراقي التابع لايران. 2- عام 1985 محاولة أغتيال أمير الكويت، والفشل في قتله ولكن تم قتل بعض أعضاء حمايته على يد حزب الدعوة مرة اخرى. 3- عامي 1987 و1988 محاولات الفتنة في مواسم الحج في السعودية ونشر الفوضى والمخدرات والمتفجرات عن طريق من يزعمون انهم حجاج قادمين من ايران! 4- قتل السفير السعودي بعد القائه من على سطح المبني الذي يقيم فيه في طهران عام 1988 على ما اذكر على يد قوات حرس الثورة. 5- أختطاف الطائرة المدنية الكويتية الجابرية عام 1988 على يد عماد مغنية القائد العسكري لحزب الله اللبناني وقتله لأثنان من المسافرين الكويتين فيها. كل تلك الاحداث كانت نتيجة لتضايق ايران من دعم نظام دول الخليج العربي المستمر للعراق تحت قيادة الرئيس صدام حسين، الذي كان بدوره يمثل البوابة الشرقية للامة العربية. ولكن بعد غزو العراق للكويت عام 1990 أنفرط عقد الوحدة العربية الجزئية المتمثل في مجلس التعاون الخليجي والعراق. السعودية بدورها ردت عام 1988 على ايران بأعلانها وجوب أستقلال الاحواز (عربستان) وأنضمامها لجامعة الدول العربية والامم المتحدة. فكان تأثير ذلك الاعلان المفاجىء كبيرا وأسكت الفرس وعملائهم لحين. ولكن اليوم وبعد اكثر من 31 سنة من أنتهاكات ملالي طهران ضد دول الخليج العربي، وبعد ان فقدت الدول الخليجية صبرها ويأست من أمكانية أصلاح نظام الملالي المتهالك، بدأت التفكير الجدي بتغيير السياسات والاستراتيجيات تجاة ايران. فالملالي في طهران لا يكفوا عن أثارة القلاقل والفتن في جميع مناطق دول الخليج العربي، ويتصرفون بعنجهية مفرطة ضد دول الخليج العربي وبتصرفات أستهزائية وعدوانية تنم عما يدور في صدورهم من عنصرية فارسية مقيتة وتكبر مريض مثل، تبجح المدعو نجاد وقوله بأن ليس لدى الكويت شيء للتجسس عليها! والرفض القاطع لمناقشة قضية الجزر الاماراتيةالمحتلة الثلاثة لا مع الامارات ولا مع مجلس التعاون الخليجي ولا القبول برفع القضية للتحكيم الدولي منذ اكثر من 30 عاما! ومن هنا فأن على الدول العربية أن تعيد حساباتها مع ايران. فهناك دولة عربية وحيدة شعرت بالخطر الايراني الداهم وهي المغرب التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع ايران منذ عامين، في حين أن العراق الذي كان يمثل البوابة الشرقية للامة العربية وجيشه الباسل الذي أجبر الفرس على الخضوع وتجرع السم عام 1988 أصبح في خبر كان بعد الأحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 وحل الجيش العراقي منذ ذلك العام. بل أصبح العراق حديقة خلفية لايران يعمل فيها ما يشاء بعد التحالف الفارسي الامريكي ضد العراق في ظل تفرق العرب وأبتعادهم عن نصرة العراق وشعبه، حيث تعيث المخابرات الايرانية ومخابرات ما يسمى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الفساد وتقتل العلماء والطاقات العراقية الجبارة وأبناء السنة على الهوية، بالأضافة الى عمليات السجن والتعذيب والتنكيل بأبناء العراق وبناته. بل أن الاستخبارات الايرانية قامت بأغتيال السفير المصري إيهاب الشريف في العراق عام 2005 بعد أختطافة أولا بعد 33 يوما فقط من وصوله للعراق ثم أغتياله بعد ذلك باربعة أيام. وكانت هذه رسالة قوية لمصر والدول العربية لقطع أرجلهم من دخول العراق. في حين أن سورية التي كانت حليف لدول الخليج العربي أنقلبت عليهم رأسا على عقب وباعت تحالفهم بشراء الولاء التام والخضوع لايران، ثم بدأت ببيع قرارها السياسي لصالح ايران التي تمكنت من أحكام سيطرتها على سورية وجعلها أرض محتلة دون حرب ودون مقابل يذكر سوى المال الذي تكتنزة من ثروات الاحواز المحتلة. وبذلك ظهر وجه ايران القبيح جليا الان والتي أستثمر نظامها السياسة والمال والمذهب الشيعي للوصول لأهدافه القذرة والمتمثلة في تدمير الامة العربية والسيطرة على منطقة الخليج العربي مستغلة الضعف والنزاع العربي/ العربي ومتخطية الصعاب التي واجهتها مع العرب شيئا فشيئا. فايران اليوم ليست قبل 30 عاما،فهاهي تكشر عن أنيابها وتهدد وتستهزأ بالدول الخليجية صغيرها وكبيرها وما تصريحات مسئوليها عن العواقب الوخيمة للسعودية نتيجة تدخلها في البحرين الا بداية هذا النهج المتغطرس دون مواربة أو حتى دبلوماسية. في حين أن دول الخليج العربي يعانون كثيرا في آلية أتخاذ القرار نتيجة أيثار وجنوح قطر وعمان لأقامة علاقات طيبة مع ايران، والخلافات الحدودية والثنائية بين الدول الخليجية. فدول الخليج العربي رأت أن الغرب باع أكبر حليف عربي له وهو الرئيس المصري السابق/ محمد حسني مبارك بسرعة رغم كونه المستشار العربي الاول لمختلف رؤساء البيت الابيض الامريكي الذي كانت معلوماته لديهم مصدر موثوق لبناء قرارات مهمة عليها، وذلك بعد 30 سنة من التحالف مع الغرب. هذا الدرس المؤلم لايزال يمثل لطمة وصدمة لقادة دول الخليج العربي الذين أصبحوا يتحسسون من تحالفهم مع الغرب. فمن باع حليف قوي ومهم، قد يبيعهم بسهولة أيضا. عربيا، أولى خطوات الحل لمعضلة ايران وعدوانيتها تكون بفصل المذهب الشيعي العربي عن المذهب الصفوي الفارسي. فهذه النقطة الهامة لم يلتفت لها الخليجيون الذين فضلوا السنة على الشيعة في حين أنهم يدركون جيدا أن نظام الملالي في ايران يعتمد على تحريف الأسلام بمجملة لضربه وأسقاطه وهو يعشق الديانة المجوسية للنخاع للان، والا ما سر التحالف مع أمريكا ضد العراق وأفغانستان؟ وما سر دعم ارمينيا المسيحية بالسلاح عام 1994 في حربها ضد أذربيجان المسلمة الشيعية؟ والعراق والاحواز تكثران فيهم الشيعة، ولكن الولاء للوطن، وخير دليل على ذلك أن الجيش العراقي الباسل الذي تمثل الشيعة معظم افراده وجنوده، حارب تحت قيادة سنية لثمان سنوات ضد ايران التي تدعي أنها شيعية. والاحوازيون لايزالون محافظين على عروبتهم ضد سنوات الأحتلال الطويلة ويتوقون للأستقلال. أن دعم بعض المرجعيات الشيعية العربية الصادقة في وطنيتها سيكون عاملا مهما في فك أرتباط الشيعة العرب بمرجعية فارسية صفوية لاسيما أن الكثير من الشيعة العرب لايزالون مضللين في ظل ابتعاد دولهم عنهم وبالتالي وقوعهم بيد الفرس العنصريين. أن مشروع التسنن قد ينجح كما حصل جزئيا في الاحواز ولكن المشكلة ليست طائفية ولكنها سياسية متفرعة من عنصرية فارسية ضد كل ما هو عربي بالدرجة الاولى. ثاني الخطوات تغير خارطة التحالفات والنهوض بمجلس التعاون الخليجي، وعدم الركون على الدعم الغربي، الذي لاينكر أحد قوته وفعاليته ولكنه يتحرك وفق مصالحه وتتغير أولوياته ومصالحه من حين لأخر. ونسيان كافة الخلافات الجانبية والتحالف بقوة لضرب ايران أو الاستعداد لمعارك طاحنة ضدها ستبدأها ايران عاجلا أم أجلا. فايران لا تنفك عن عمل المؤامرات ونشر الفتن والفرقة وسط العرب بطريقة مباشرة أو عن طريق أذنابة من أمثال حزب الله اللبناني أو الأحزاب العراقية الشيعية ذات الولاء الايراني المطلق وحتى الاحزاب والخلايا النائمة في دول الخليج العربي والمتكونة أساسا من مواطنين ذوي أصول فارسية ذوي ولاء مطلق للوطن الام (ايران) أيضا. وما ثورة البحرين الا دليل على ذلك. ثالثا، دعم الحركات التحررية الاحوازية والبلوشية والاذرية والكردية داخل ايران لكبح جماح ايران وأشغالها في الداخل وفي ذات الوقت أكتساب تحالفات جديدة وتغيير خارطة المنطقة. ففي حال أستقلال الاحواز من بندر عباس (ميناء باب السلام) شرقا الى المحمرة وعبادان غربا، والى جبال زاجروس شمال، فأن الخطر الفارسي سينتهي وتتكفل الاحواز بهم كما كان الوضع لغاية الاحتلال الفارسي للاحواز عام 1925. كما أن الدعم العربي عامة والخليجي بصفة خاصة يجب أن يكون خاصا للمنظمات الاحوازية وغيرها التي تحارب الفيدرالية وضد البقاء ضمن الكيان الفارسي. فهناك منظمة (حزم) الاحوازية ذات التوجة العروبي التي أبدت نجاحا في لم شمل الكثير من الاحوازيين مستقلين وحركات أحوازية وبدأت مسيرتها من مصر العام الماضي كمظلة للنضال الاحوازي وتحتاج دعم مادي، وسياسي وأعلامي ولوجستي لتكون رأس الحربة لتمثيل الشعب الأحوازي المظلوم، والذي بدوره على أتم الأستعداد للثورة والأنقضاض على المحتل الفارسي فورا ولكن ما دام ليس هناك دعم أقليمي ستقمع ثورته كما قمعت سابقا عام 2005 وطالت أيامها. والدعم للمناضلين الأحوازيين يجب أن يكون على أساس تحالف أستراتيجي واضح وليس على أساس تكتيك مرحلي، أو حتى لأجل أن تكون ورقة ضغط سياسية ضد ايران من حين لاخر. فصدام حسين سلك هذا الطريق ودفع الثمن الشعب العراقي بمجمله غاليا نتيجة التهاون من الخطر الفارسي. والا أين الطائرات العراقية التي بلغ عددها 147 طائرة مدنية وعسكرية فرت عام 1991 لايران؟؟؟ على أمل أن يكون ايران حليفا مجديا ولكنه ظهر عدوا ماكرا وأستغل حرب عاصفة الصحراء لضرب العراق والغدر به حسب ما صرح به السيد/ طه ياسين رمضان، نائب الرئيس العراقي عام 2002 قبيل سقوط العراق، ولكنه كان يقظة متأخرة جدا. رابعا، وهي نقطة مفصلية وذات شجون حيث أنها تتمثل في دعم ومساندة خليجية لحزب البعث العراقي مباشرة لأستعادة دوره في العراق مع باقي المكونات الوطنية العراقية لما يمثله العراق من ثقل في المنطقة. وهذا سيكون حلا مرا على الكويتيين بشكل خاص ولكنه حل سياسي وأستراتيجي لابد منه. فلا أحد ينكر قوة وبسالة العراق في التصدى للعدو الفارسي لغاية عام 2003 حيث لم يتجرأ فارسي واحد على التبجح على العراق حينها أو حتى مجرد التفكير بدخول العراق. كما أن المخابرات العراقية السابقة لديها دراية وخبرة واسعة وطويلة جدا في التعامل مع ايران. وهنا رابطة الدم تلعب دورها لما بين دول الخليج من صلات قربى خاصة بين العراقيين والكويتيين. كما أن هذا الحل ليس جديدا، فالشيخ/ زايد آل نهيان، طالب عام 1997 في مؤتمر قادة مجلس التعاون الخليجي في الكويت بتكوين وفد خليجي لزيارة العراق ومقابلة صدام حسين وحل المشاكل معه. كما أن اكبر قيادي بعثي عراقي موجود حاليا وهو السيد/ عزت أبراهيم، أعترف بكون غزو الكويت خطأ أستراتيجي عام 2009 وقد جاء الأعتراف متأخرا ولكنه أن يأتي خير من أن لا يأتي أبدا. خامسا، وهو قيام أصلاحات سياسية واسعة داخلية في جميع الدول العربية كخطوة مهمة جدا، جاءت نتيجة الثورات العربية العديدة في هذا العام المليء بالمفاجأت الكبرى نتيجة غفلة الكثير من الزعامات العربية لأهمية تأهيل وتطوير شعوبها وتوفير سبل العيش الكريم لهم، بالاضافة لتنظيم وتطوير القدرات العسكرية لاسيما على مستوى الفرد المقاتل وليس على مستوى أسلحة باهظة لأجل سواد عيون حلفاء لا يؤمن مكرهم أو غدرهم. أن العرب لاسيما دول مجلس التعاون الخليجي فضلوا لسنوات طويلة الحلول الغربية الجاهزة والسريعة السهلة منذ عام 1990 وكانت حلول ممتازة بنظرهم، فدفع الكثير من المال أفضل من خسارة الاوطان، ولكن اليوم يتبين لهم أن هذا الحل لم يعد مقبولا ولا حتى ممكنا في ظل نشوء قوة ايرانية تحاول بشتى السبل الوصول للسلاح النووي لفرض هيمنتها على منطقة الخليج العربي وفي ظل تحالف أستراتيجي ايراني/أمريكي أثبتته الأيام، وقد تفضله الولاياتالمتحدة على الحلافاء الخليجيين الذين لم ينتبهوا للمياه التي تسير تحت أقدامهم، وما حروب الحوثيين ضد اليمن الا دليل على المخططات الايرانية الجهنمية ضد العرب والتي تطبق بسرية لاعوام طويلة وتظهر فجأة مما يضع العرب أمام أزمات لا قبل لهم بها، لا عسكريا ولا حتى على صعيد التحالفات الدولية. فهل تستشعر الدول العربية لاسيما الخليجية لهذه الاخطار وتتخذ أجراءات حازمة، أم ستبقى الأمور على ما هي عليه وننتظر سقوط دول عربية بدلا من تغير زعامات فقط؟ * بقلم الكاتب : (محمد الاحوازي) 11 نيسان 2011