اتخذت الإدانات الدولية للنظام الليبي شكل الدعوات المباشرة لفرض عقوبات عليه لكن مع التأكيد على عدم الرغبة بالتدخل العسكري على خلفية قيام النظام الليبي باستخدام القوة لقمع المظاهرات المناوئة له. فقد نقلت وكالة رويترز عن مصادر رسمية في باريس قولها اليوم الأربعاء إن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات سريعة وملموسة على المسؤولين عن أعمال العنف في ليبيا، وتعليق العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية مع الحكومة الليبية. وفي هذا السياق نقل عن كبير مستشاري الرئيس ساركوزي، جان ديفد ليفيت مطالبته -في مؤتمر صحفي عقده في باريس- بفرض عقوبات على ليبيا تشمل حظر السفر وتجميد الأصول المالية للعديد من المسؤولين الليبيين، مؤكدا أن جميع المتورطين في عمليات القتل الجماعي للمتظاهرين سيقدمون إلى المحكمة الجنائية الدولية. الخيار العسكري بيد أن المسؤول الفرنسي استبعد أن يكون المجتمع الدولي يدرس فكرة خيار التدخل العسكري في ليبيا لوقف عمليات العنف بحق المتظاهرين والتي وصلت بحسب وسائل إعلامية إلى مستوى ينذر بوقوع أعداد كبيرة من القتلى. وفي هذا السياق، نقل عن وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني قوله اليوم الأربعاء إن التقديرات الواردة من ليبيا تشير إلى أن عدد القتلى يقدر بألف شخص، لافتا إلى تلقي وزارته تقريرا من السفارة الإيطالية في طرابلس يفيد بخروج المنطقة الشرقية في ليبيا عن سيطرة الحكومة بشكل كامل. بيد أن الوزير الإيطالي -الذي كان يتحدث في ختام اجتماع عاجل للحكومة لمناقشة التطورات في ليبيا- أعرب عن خشيته من أن تؤدي الاضطرابات الجارية في ليبيا إلى حالة من الفوضى تدفع بالآلاف من الليبيين للتوجه إلى إيطاليا، مرجحا أن يتحول الجنوب الليبي إلى أكثر المناطق التي من الممكن أن تشهد حالات هروب واسعة. المحكمة الجنائية وتزامنت هذه التصريحات مع مطالبات شعبية أوروبية بتقديم الزعيم الليبي معمر القذافي أمام المحكمة الجنائية الدولية على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ودعت هذه المواقف الحكومات الأوروبية إلى عدم الوقوف عند المصالح الاقتصادية والعمل سريعا على إجراءات حاسمة ضد النظام الليبي. وتأتي هذه المواقف الأوروبية بعد يوم من صدور بيان عن مجلس الأمن الدولي انتقد فيه الأخير قيام السلطات الليبية باستخدام القوة ضد المتظاهرين المسالمين وطالب بمحاسبة المسؤولين عن الهجمات على المدنيين. كما دعا البيان -الذي وافقت عليه الدول الأعضاء الخمس عشرة- إلى إنهاء العنف فورا واتخاذ الخطوات الكفيلة بتلبية المطالب المشروعة للسكان بما في ذلك الحوار الوطني. تواصل الإدانات وعلى صعيد توالي الإدانات الدولية للنظام الليبي على خلفية تعامله مع المتظاهرين، وصف وزير الخارجية الأسترالي كيفن رود الزعيم الليبي بأنه دكتاتور خارج عن السيطرة، مطالباً بفرض عقوبات على ليبيا. وشن رود هجوما حادا -في كلمة له الأربعاء أمام البرلمان الفدرالي في كانبرا- على القذافي وتحديدا وصفه المتظاهرين بأنهم "جرذان لا بد من تطهير البلاد منهم"، معتبرا أن هذه الكلمات لا تصدر عن قائد سياسي مسؤول بل عن دكتاتور فقد السيطرة. وأشار إلى أن أستراليا سجلت إدانتها رسمياً لتصريحات القذافي وأعربت عن دعمها لمطالبة مجلس الأمن الدولي الحكومة الليبية بحماية شعبها والسماح بدخول مراقبين دوليين لحقوق الإنسان. فرض عقوبات ورحب أيضاً بقرار جامعة الدول العربية تعليق مشاركة ليبيا في اجتماعاتها، ودعا إلى اتخاذ خطوات إضافية مثل تعليق عضوية هذا البلد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وحث مجلس الأمن على إحالة النظام الليبي إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية. ولفت وزير الخارجية الأسترالي إلى إمكانية تطبيق عقوبات محددة ضد ليبيا منها الحظر الجوي الذي يحول دون تمكن الطائرات من استهداف المدنيين بالإضافة إلى حظر توريد السلاح. كما انضمت الهند إلى الدول المنددة بالعنف الذي تستخدمه الحكومة الليبية ضد شعبها حيث وصف بيان لوزارة الخارجية الهندية استخدام القوة في ليبيا بأنه غير مقبول، وطالب بوقفه فوراً معربا عن قلق الحكومة الهندية من التطورات الراهنة في ليبيا وما أسفر عنها من سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين. يذكر أن مواقف مماثلة صدرت عن الولاياتالمتحدة وروسيا وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية والصين بيد أن الأخيرة اكتفت ببيان لم يوجه انتقادا صريحا للزعيم الليبي.