تدفق عشرات الآلاف من أنصار المعارضة في البحرين إلى شوارع العاصمة المنامة في مسيرة ضخمة للمطالبة بإسقاط الحكومة، في أكبر مظاهرة من نوعها منذ بدء الاحتجاجات في المملكة، في وقت يستعد فيه معارض شيعي بارز للعودة إلى المنامة مساء اليوم. وعلقت لافتة على أحد جسور المدينة كتب عليها "لا حوار قبل سقوط النظام الحاكم" بينما كان المتظاهرون يتدفقون إلى الشوارع في طريقهم إلى ميدان اللؤلؤة حيث يعتصم المطالبون بالتغيير، وهو المكان الذي تحول رمزا للاحتجاجات التي تشهدها البحرين منذ 14 فبراير/شباط الجاري. وبحسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، فقد امتدت الحشود الضخمة على حوالي ثلاثة كيلومترات في وسط المنامة في شارع رئيسي يؤدي إلى ميدان اللؤلؤة. وانضم الآلاف من المتظاهرين بينهم عدد كبير من النساء إلى المسيرة عبر الشوارع التي تؤدي إلى شارع المسيرة. وأطلق المشاركون على مظاهرتهم اسم "مسيرة الوفاء للشهداء". وكتب هذا الشعار على لافتة كبيرة رفعت في مقدمة المسيرة، كما رفعت صور قتلى المظاهرات السبعة الذين سقطوا منذ بداية الحركة الاحتجاجية. وتزامن ذلك مع مشاركة عدة آلاف من المشيعين في جنازة شاب (32 عاما) قتل في احتجاجات شهدتها المملكة أوائل الاسبوع. وحمل المشيعون جثمان القتيل رضا محمد وطافوا به شوارع قرية المالكية، وهم يلوحون بأعلام البحرين ويرددون هتافات تدعو للوحدة الوطنية. وكان أكثر من عشرة آلاف من الموالين للحكومة قد تظاهروا مساء أمس في المنامة لدعم العائلة المالكة. وتجمع المتظاهرون في مسجد الفاتح وهم يرددون هتافات لدعم الملك حمد بن عيسى آل خليفة. وفي تغطية غير معتادة نقل التلفزيون المملوك للدولة صور هؤلاء المتظاهرين وهم يحملون الأعلام وشعارات تطالب بالوحدة والحوار. وتلي في الحشد قرار يرفض أي محاولة للتشكيك في شرعية الحكومة، لكنه دعا في الوقت نفسه إلى الإفراج عن السجناء السياسيين. عودة معارض في هذه الأثناء يستعد زعيم معارض في حركة حق للحريات والديمقراطية في البحرين حوكم غيابيا في المملكة بتهمة محاولة قلب نظام الحكم للعودة إلى البلاد قادما من لندن مساء اليوم. وكتب حسن مشيمع في صفحته على موقع فيسبوك أنه يعتزم أن يرى ما إذا كانت هذه القيادة في البحرين جادة بالفعل في الحوار، وما إذا كانت ستعتقله. حسن مشيمع يعود مساء اليوم للمنامة في محاولة لاختبار جدية الحوار الذي دعت إليه الحكومة (الجزيرة نت) ومشيمع يعيش في لندن وهو أحد 25 يحاكمون منذ العام الماضي بتهمة محاولة الإطاحة بنظام الحكم، لكن ملك البحرين لمح أمس الاثنين إلى إن هذه المحاكمة لن تستمر، ممهدا الطريق أمام عودة مشيمع دون عائق. وقالت وسائل الإعلام الرسمية إن الملك أمر بالإفراج عن مجموعة من السجناء لم تحدد عددهم، كما أمر بوقف كل القضايا التي تنظرها المحكمة فيما اعتبرته شخصيات معارضة إشارة إلى محاكمة المتهمين الشيعة بمحاولة قلب نظام الحكم. وقال جاسم حسين من جمعية الوفاق الشيعية إن المعارضة تتوقع ذلك وإن كانت غير متأكدة تماما. ولم يتضح ما إن كان ذلك كافيا لإقناع المعارضة بدخول حوار مع السلطات، وكان إطلاق سراح السجناء السياسيين مطلبا رئيسيا للمحتجين. ملف الحوار وطلب ملك البحرين من ابنه ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة بدء حوار مع كل الأحزاب، لكن أحزاب المعارضة تتوخى الحذر بعد سقوط قتلى في الشوارع. وقالت متحدثة باسم الحكومة إن ملك البحرين يدعو البحرينيين مجددا إلى الانخراط في عملية الحوار الجديدة والابتعاد عن الاستقطاب وضمان عدم ترسخ الطائفية. وذكرت المتحدثة أن ولي عهد البحرين اجتمع بالفعل مع بعض زعماء المعارضة خلال الأيام القليلة الماضية، وقالت جماعات المعارضة إن الحوار لم يبدأ بعد. ولم يكن لدى المتحدثة أي معلومات عن إطلاق سراح سجناء. وكانت احتجاجات البحرين التي استلهمت انتفاضتي تونس ومصر سلمية في الأغلب، لكن سبعة أشخاص قتلوا وجرح مئات حين دهمت الشرطة محتجين معتصمين في وسط المنامة. وأدانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون محاولات قوات الأمن لإخماد حركة الاحتجاج في البحرين، وهو ما قلص قدرة الحكومة على المناورة، وتستضيف البحرين الأسطول الخامس الأميركي. وتطالب المعارضة البحرينية بملكية دستورية حقيقية تعطي المواطنين دورا أكبر في حكومة منتخبة بصورة مباشرة بدلا من النظام الحالي الذي ينتخب بموجبه برلمان له سلطات محدودة بينما تتركز السلطة في أيدي أسرة آل خليفة والصفوة الحاكمة. وأعلن أمس ولي عهد البحرين الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة في بيان أنه في الوقت الراهن يتركز اهتمام البلاد بشكل كامل على إقامة حوار وطني جديد من أجل البحرين. وأضاف أنه بعد أحداث الأسبوع الماضي صارت أولوية البلاد هي التغلب على المأساة ومعالجة الانقسامات والحفاظ على تماسك البلاد. ويقول الشيعة إن غيابهم عن البرلمان وتعرضهم للتمييز المنظم يعيقان مشاركتهم في عملية صنع القرار وحصولهم على الوظائف الحكومية والسكن. وتنفي حكومة البحرين معاملة الشيعة بطريقة غير عادلة. وتسيطر أسرة آل خليفة التي تحكم البحرين منذ مائتي عام على مجلس الوزراء الذي يترأسه الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة عم ملك البلاد والذي يتولى المنصب منذ أربعين عاما عندما نالت البحرين استقلالها عن بريطانيا.