مال الاقتصادية - السعودية يعتمد الاقتصاد العالمي بشكل كبير على النمو لزيادة عدد الوظائف والدفع بالمنتجات والبضائع الى الأسواق العالمية. والمتابع للاقتصادات العالمية يرى ان هناك تباطؤ في النمو في معظم مناطق العالم وخاصة من الاقتصادات الناشئة او الاقتصادات المصدرة للنفط مرروا بالاقتصادات المتقدمة كمنطقة اليورو التي خرجت من معضلة الانكماش بعد عمليات التيسير الكمي التي قام بها البنك المركزي الأوروبي ومرورا الى الولاياتالمتحدة التي جاء النمو فيها مخيبا للآمال عند 02. % للربع الأول من 2015، واحد اهم الأسباب لهذا النمو الضعيف هو قوة الدولار ويمكن رؤية تأثيره بوضوح في الفرق ما بين الصادرات والواردات او ال ((net export والذي ارتفع الى سالب 522.1 بليون دولار في الربع الأول من 2015 من 471.1 بليون دولار في الربع الأخير من 2014 او بمعنى اخر انخفاض مبيعات الشركات الامريكية نتيجة لارتفاع تكلفة البضائع الامريكية. ما يهمنا في سرد هذه الأرقام هو ارتباط الاقتصاد الصيني بالذات بهذه الاقتصادات المتقدمة , وقوة الطلب في هذه الدول ينعكس بقوة على النمو في إجمالي الناتج المحلي الصيني وخاصة إذا عرفنا الاقتصاد الصيني اقتصاد يعتمد بشكل كبير على التصدير ,وانخفاض النمو في اجمالي الناتج المحلي الصيني الى 7% على أساس سنوي في الربع الأول من 2015 هو انعكاس مهم لانخفاض التصدير بنسبة 15% في شهر مارس لماضي ,وبالعودة لمحرك الطلب الداخلي فأن الاستيراد انخفض في الداخل الصيني بنسبة 17.3% للربع الأول من 2015 وهو ما ينذر بشكل اكبر بتباطؤ النمو الصيني والذي كان يوصف بالنمو ذو الخانتين ((double digit growth,ولكن القصة الأكبر تكمن في القطاع العقاري الصيني . القطاع العقاري الصيني يمثل ما جملة 15% من الإنتاج الصيني وإذا اضفنا أيضا قطاع التشييد فان بعض التقديرات تشير الى ان تلك النسبة قد تصل الى 24% الى 25% من اجمالي الناتج المحلي الصيني، وما يدعم تلك المخاوف من القطاع العقاري الصيني هو انخفاض أسعار العقارات في الصين بنسبة 4.5% لشهر يناير وهو الانخفاض الأول منذ عقدين ووصل هذا الانخفاض الى 5.7 % على اساس سنوي إذا اضيف شهر فبراير و6.1% إذا اضيف شهر مارس الى تلك النسبة. وعلى الجهة الأخرى المتعلقة بالعرض فان شراء المطورين للأراضي المخصصة للتطوير قد انخفض أيضا بنسبة 37.1% في اول شهرين من 2015 واضف الى ذلك ظهور بعض التعثرات وان كانت بسيطة لدى بعض شركات التطوير الصينية, وكمثال فان شركة (جوا نزهو ار اند اف) أوقفت دفع الأرباح كتوزيعات نقدية لأول مرة منذ 2005 اضف الى ذلك شركة (كايسا) التي تخلفت عن سداد سندات مقومة بالدولار كأول شركة تطوير صينية تتخلف عن سداد سندات مقومة بغير العملة المحلية, اما على صعيد القطاع المالي والسياسات النقدية فان بنك الصين الشعبي وهو البنك المركزي في الصين قام بتخفيض الاحتياطي الإلزامي للبنوك ب100 نقطة وهي محاولة لزيادة السيولة القابلة للإقراض لدى المؤسسات المالية وهو اكبر خفض لتلك النسبة منذ الأزمة المالية العالمية وقد سبق ذلك خفض لأسعار الفائدة غير ان بعض المؤسسات المالية تشير الى ان المنافسة في سوق الإقراض أصبحت شديده جدا بسبب انخفاض الهوامش التي تحققها المؤسسات المالية ويجب ان يكون تركيز تلك المؤسسات على خفض تكلفة الاقتراض لرفع تلك الهوامش والعودة الى ربحية اكبر. كل تلك العوامل تشير بشكل او اخر الى ان انخفاض الناتج المحلي الصيني وهو المتوقع في 2015 وذلك الانخفاض قد يضغط على قطاع كبير ومحرك للنمو الصيني كقطاع التشييد والعقارات ناهيك عن سلسلة الإمدادات لتلك القطاعات كالقطاع الصناعي وخاصة المتربط بمواد البناء وأيضا بعض القطاعات الخدمية كالقطاعات المالية وبالتالي فان تأثير تباطؤ المبيعات العقارية سيشكل تهيدا حقيقا للاقتصاد الصيني وقد لا يكون هناك انهيار مشابه بشكل كبير لما حدث في الولاياتالمتحدة خاصة اذا عرفنا ان نسبة الإقراض للقيمة اوratio) loan to value) اقل من مثيلاتها في الولاياتالمتحدة التي تقف عند نسب قريبة من سبعين الى ثمانين في المائة مقارنة بخمسين الى ستين في المائة للعقارات الصينية ,ومن جهة أخرى فأن نسبة القروض العقارية الى مجمل محفظة القروض في القطاع المالي الصيني لا تتجاوز 21% ولكن عند النظر الى ما تثمله العقارات كنسبة من ثروة الفرد الصيني وهي 74.4% مقارنة ب 29.7% من ثروة الفرد الامريكي نرى ان المتضرر الاكبر هو الفرد الصيني في حال حصول أي انهيار في سوق العقارات . خلاصة القول ان الاقتصاد العالمي لا يحتاج الى أي هزة في النمو خاصة من اقتصاد كبير كالاقتصاد الصيني والذي يمثل ما جملة 15% من اجمالي الناتج المحلي العالمي والاهم انه يضيف 29% من مجمل النمو في الاقتصاد العالمي وهو المحرك الاكبر للنمو في الاقتصاد العالمي للسنوات الأخيرة فأرجو ان لاتهب الرياح مرة اخرى لتعصف بالنمو الهش للاقتصاد العالمي والا تصبح تلك الرياح في هذه المرة رياح الشرق.