الاقتصادية - السعودية يواجه كثير من رواد الأعمال معضلة تلبية الطلب العالي على المنتجات التي ينتجونها أو يبيعونها، أو الخدمات التي يقدمونها. كثير من المنشآت تستقبل طلبات تفوق قدرتها المالية، هذا الأمر يستفز رائد الأعمال أكثر من انخفاض الطلب على منتجه أو خدمته، ففي حالة انخفاض الطلب، فإن رائد الأعمال يحاول إيجاد طرق تسويقية جديدة أو وسائل وطرق بيع مختلفة، وهذا عادة لا يستهلك طاقته المالية ولا يؤثر فيها، بعكس ارتفاع الطلب عن الطاقة الإنتاجية، ففي هذه الحالة يستلزم على رائد الأعمال تمويل خطوط إنتاج جديدة أو شراء مواد خام بكمية أكبر، إلا أن محدودية تدفقاته النقدية تعيقه عن تلبية الطلب، ما يجعله يتوجه لإيجاد حلول تمويلية لتلبية الطلب وتحقيق الأرباح. المشكلة في هذا الأمر تكمن في التغير المستمر في الظروف المحيطة بأي منشأة جديدة، وهذا أمر في غاية الأهمية، ففي حال اكتفى صاحب المنشأة بحجم قدرته الإنتاجية، فإنه لا يحتاج إلى تمويل، بل يحتاج إلى إعادة استثمار أرباحه المحققة من قدرته الإنتاجية الحالية في رفعها لمستوى أعلى، وهذا ما يطلق عليه الماليون Organic Growth أو النمو الصحي للمنشأة، وهذا يستلزم وجود محاسب كفؤ وإدارة مالية كفؤة، ومن هنا تنمو المنشأة بشكل متناسب مع حجمها ومع مستوى الكفاءات التي تعمل بها، ومتناسب أيضاً مع منحنى التعلم والخبرة لأصحاب القرار في المنشأة. هذا الخيار هو خيار استراتيجي لمعظم رواد الأعمال، فعادة تحجم المصارف عن تمويل المنشآت الناشئة، حتى لو قدم لهم صاحب المنشأة ما يثبت الطلب العالي على منتجه، وهذا خلل فني كبير في القطاع المصرفي تستثنى العقود والتوريدات الحكومية لأن المصارف تمولها بغض النظر عن حجم المنشأة. بعض رواد الأعمال تستهويه القاعدة المالية التي تقول إن الدين أقل تكلفة من دخول شريك لتمويل المنشأة، ومع إحجام المصارف عن تمويله، فإنه يلجأ لخيارات تبدو سهلة كالاقتراض من العائلة أو الأصدقاء، ويبني قراره هذا على ظروفه الحالية، متناسيا أو متجاهلا أنه ما زال في بدايته، وأن معدل تغير البيئة المحيطة به يعد عاليا جدا. إن إدخال شركاء جدد لتمويل النمو في المنشآت الناشئة هو خيار أفضل استراتيجياً من تحميل المنشأة ديونا قد تكون سببا في نهايتها، مع مراعاة اختيار الشريك الصالح والمناسب، لا الاندفاع مع أي شخص يمتلك سيولة عالية. من واقع تجربة شخصية ومن واقع مشاهدة عن قرب أقول إن النمو الطبيعي والمعقول لأي منشأة أسلم وأقوى بكثير لاستمرارية المنشأة برسوخ وقوة من الجري وراء تلبية الطلب الذي يفوق قدرة المنشأة، الذي سيلهي صاحب المنشأة عن أمور كثيرة مهمة، كمعدل الدورة النقدية والتغير الذي سيطرأ عليها عند ارتفاع الطلب، والقدرة على الإدارة اللوجستية لموارد المنشأة، ومراقبة الجودة والاحتفاظ بالعملاء من خلال خدمة مميزة.