تنظر الدول المتقدمة والنامية إلى قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة «شباب الأعمال» على أنه يختزن طاقات كامنة وكبيرة، يمكن عند تفعيلها أن تصبح إحدى القوى الرئيسة للتنمية الاقتصادية في أي بلد، بل تعتبره أحد المخارج الرئيسة في تطوير اقتصاديات الدول. وانطلاقا من هذه الرؤية العالمية تجاه قطاع الأعمال الناشئة، تفتح صحيفة «اليوم» ملفها الشهري السابع تحت عنوان «شباب الأعمال.. قوة اقتصادية غير مفعلة!». ويتناول الملف هموم شباب الأعمال والتحديات التي تواجههم والعراقيل المعطلة لمشاريعهم من قضايا السعودة إلى صعوبة الحصول على التمويل، إضافة إلى كثرة الأنظمة الإجرائية البيروقراطية التي أسهمت في إخراج نحو 212 ألف منشأة ما بين صغيرة وغيرة جدا من السوق. ويستقي الملف آراء أصحاب الشأن من شباب أعمال ومختصين واقتصاديين عبر ندوات وحوارات وتحقيقات وتقارير ودراسات علمية شاملة لتسليط الضوء على هذا القطاع الحيوي، وما يواجهه من تعثر في المشاريع يؤدي إلى خروج الكثير منها خارج السوق نهائيا. ويؤكد شباب الأعمال أنه عند توافر الظروف المناسبة لهم يمكن أن يحقق قطاع منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة -ومن خلال شباب الأعمال- عدداً من الأهداف الاستراتيجية، من بينها جذب الاستثمارات الأجنبية، والمشاركة في زيادة الصادرات غير النفطية، وتعزيز الثقافة الإنتاجية للمجتمع، عبر فتح آفاق أكبر للاستفادة من المدخرات، من خلال توسيع فرص الاستثمار. ويتطلب تفعيل دور المنشآت المتوسطة والناشئة، التغلب على بعض المعوقات التي تعترضهم، وتعترض بالتالي شباب الأعمال، الأمر الذي حدا بالغرف التجارية إلى إنشاء لجان لشباب الأعمال، للاهتمام بالجيل الجديد من رجال الأعمال، وحل المعوقات التي تواجههم، وتهيئتهم للمشاركة في إثراء الحركة الاقتصادية، وتطوير الأعمال بما يتلاءم والتطورات الاقتصادية العالمية، من عولمة، وثورة اتصالات، وتجارة إلكترونية وغيرها من مستجدات الوضع الحالي. وقال اقتصاديون بالمنطقة الشرقية إن 21 ألف منشأة صغيرة جدا و191 ألف منشأة صغيرة خرجت من السوق خلال عامين فقط، ما يعني وجود مشكلة تواجه قطاع الأعمال الناشئة وعقبات تعرقل تلك المشاريع. وأشاروا إلى أن نسبة تراجع المنشآت الصغيرة في المملكة للعام 2013 وصلت إلى 9.04%، و 11.1% للمنشآت الصغيرة جداً، وذلك بسبب معوقات عدة. وأردفوا «أولى العقبات التي تواجه المنشآت الناشئة التمويل وصعوبة الحصول عليه لأنها لا تملك رصيدا كافيا لاستخدامه كرأس مال لمشاريعها ومن ثم عدم امتلاكها لضمانات عقارية أو غيرها تصلح لتقديمها كمقابل للحصول على التمويل التجاري، وليس لديها أي قوائم مالية لتعبر عن نسبة النمو وحجم التدفقات المالية ونتيجة أعمالها لذلك هي شبه محرومة من الحصول على التمويل، إضافة إلى البيروقراطية الحكومية التي تعرقل نمو المشاريع الصغيرة مثل فرض السعودة وتحديد العمالة»، مطالبين بإنشاء جهة تختص بشؤون مشاريع الشباب والأفكار الخلاقة وتتابع مع الوزارات الأخرى لحل الأزمة. التمويل المالي وقال فهد الحمزي عضو اللجنة الوطنية لشباب الأعمال: إن التمويل المالي يعتبر من أكبر العوائق التي تواجه شباب الأعمال خصوصا وأنه يعتبر من الضروريات القصوى لأي مشروع، مضيفا: نستغرب أن البنوك نجدها على رأس الحضور في أغلب المحافل التي تهتم بالشباب مثل المعارض والندوات والاجتماعات، وتتسابق لرعاية تلك المحافل من أجل التحدث عن الدعم والترحيب بالمشاريع الصغيرة، كما تعطي وعودا أثناء هذه الملتقيات، ولكن عندما يذهب إليهم تجار المستقبل فإنهم ينصدمون بالشروط التعجيزية ونظرتهم للمشاريع الناشئة على أنها عالية المخاطرة، وبالتالي في أغلب الحالات ترفض تمويلها. وأبان أن هناك نوعين من التمويل الأول دعم مشروع مبتدئ وهذا موجود ولكن بمحدودية وتحفظ كبير ويتم دعمه بالغالب بمبالغ توازي القروض الشخصية، والنوع الآخر دعم مشروع قائم وهذا يكون من أصعب التوجهات حيث يعاملك البنك كشركة كبيرة في المتطلبات والضمانات وإن حصل الدعم فسوف يتم الحصول على دعم مشروع ناشئ. وأشار إلى أنه من تجربته الشخصية لأكثر من 7 سنين في العمل الحر، فإن البنوك لا يعتمد عليها في أي دعم ولن تكون الخيار الأمثل، وذلك بسبب تعقيداتها وإجراءاتها الطويلة جدا، مؤكدا انه في حالات كثيرة يتنازل عن حصص من مشروعه، وإدخال شركاء ماليين أفضل من التوجه إلى البنوك والجري خلف وعودهم التسويقية، مطالبا البنوك المحلية بإيجاد أقسام خاصة بدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة مع اعتبار المخاطرة جزءا من العملية واستعدادها لها ودعمها للمساهمة في الاقتصاد المحلي. إجراءات معقدة وعن دور الإجراءات الحكومية والبيروقراطية في تعطل المشاريع الناشئة أوضح الحمزي «على حسب تقرير البنك الدولي فإن السعوديين يحتاجون إلى 30 معاملة في 191 يوما لبدء نشاطهم التجاري وهذا يعني تقريبا 6.5 يوم لكل معاملة، وهذا بحد ذاته محبط نفسيا وماليا لصاحب المشروع، وفي نفس التقرير حصلت المملكة على الترتيب 49 من أصل 189 دولة في سهولة الاجراءات عامة، ولكن ما يخص هذا السؤال وهو في الاجراءات الحكومية حصلت المملكة في نفس التقرير على الترتيب 109 من أصل 189، وبكل اختصار الاجراءات الحكومية لدينا تقتل المشاريع وحماس صاحب المشروع وتستنزف جهده وماله قبل البدء وأصبح من المعروف والسائد في الوسط التجاري أن المستثمر بمجرد انتهائه من الاجراءات الحكومية فهو انتهى من الجزء الأصعب في مشروعه وكل ما سيأتي بعدها هو أسهل بكثير». ويتابع «وطننا ولله الحمد فيه من الخير الكثير والفكر الابداعي والايجابي والتسهيل لهاتين الميزتين سوف ينهض باقتصادنا إلى درجات أعلى، فوضع السوق المحلي ووجود الفكر عاملان مشجعان، ولكن الاجراءات لا تزال عائقا كبيرا فكم من صاحب مشروع أغلق مشروعه ليس بسبب ضعف تسويقي أو ضعف في المبيعات وإنما بسبب تعقيد الاجراءات، وكم من صاحب مشروع ذهب بمشروعه إلى الخارج وعاد بعد فترة ويقول وجدت التسهيل في الاجراءات فبرزت ونجح مشروعي، لذا يجب علينا التركيز على تسهيل الاجراءات وتشجيع أبناء الوطن على الدخول في التجارة وتنويع مصادر الدخل لإضافة قيمة مستقبلية للاقتصاد الوطني، وهذا لا يعني أننا لا نشاهد تطورا في بعض الاجراءات فهناك دوائر حكومية بدأت بالتطوير الملحوظ ولكن كما نعلم أن البدء في أي عمل تجاري يتطلب الوقوف في محطات كثيرة فما نجده في وزارات ويتم انجازه بعدد الثواني نجده نفسه في الرقم ولكن بالأيام». شروط السعودة وأوضح الحمزي أن شروط السعودة تشكل العائق لتقدم الأعمال وتأثيرها سلبي جدا، والمتطلبات صعبة، والوقت للحصول على تأشيرات الاستقدام طويل جدا، فمن وجهة نظري فرض السعودة على المنشآت الصغيرة هو تحد كبير، وضرره أكبر من نفعه، فهذه المنشآت الناشئة ليست طموح المواطن، وبالمقابل يجبر المستثمر الناشئ على توظيفه، وبالتالي هذا الشرط يضر بالطرفين، فالموظف في حالات كثيرة يتم توظيفه للوفاء بمتطلبات السعودة فقط، وليس لتطويره، بهدف الحصول على عمالة أجنبية، فصاحب العمل يتضرر بدفع رواتب عالية للسعودي في بداياته، ولا يضمن استمراريته لحداثة المشروع والنظر اليه بنظرة المخاطرة من قبل الموظف السعودي. مشيرا إلى أن أي منشأة تحتاج العمالة الكافية والسيولة النقدية كعاملين أساسيين، ولكن مع إجراءات وزارة العمل فالحصول على العمالة صعب جدا، ويأخذ وقتا طويلا تتولد فيه التزامات مادية كرواتب لموظفين ينتظرون مع صاحب العمل الانتهاء من الإجراءات أو غيرها كالإيجارات ومصروفات شهرية متفرقة، كلها تقود المشروع إلى نفق الخسارة قبل البدء. وتمنى أن تنظر الوزارة إلى عوامل كثيرة في تقييم احتياجات المشاريع للتأشيرات وتغيير الطرق المتبعة، مثل: اعطاء التأشيرات بناء على المساحة، فهناك مثلا مطاعم بمساحة 200م2 تحتاج عمالة أضعاف ما يحتاجه مكتب تجاري مساحته 500م2، وكذلك منحها بناء على قيمة المشروع فهناك مشاريع كبيرة تتضمن قيمتها توريدات بما يزيد على 80% من قيمة المشروع، ولا تحتاج العمالة التي يحتاجها مشروع خدمات بنصف قيمتها، مبينا أن هناك مشاريع صناعية تحتاج في البداية لعدد كبير من العمالة من إداريين ومسوقين وفنيين للتسجيل في كبرى الشركات، والحصول على التأهيل، وذلك قبل الدخول في أي مناقصة ولو تم تقييم التأشيرات المستحقة بالمساحة أو اعطاء المشروع تأشيرتين أو ثلاثة كتأسيس فلن يتحرك المشروع خطوة واحدة. وقال الحمزي: «باختصار الوضع مع وزارة العمل صعب جدا ومن وجهة نظري هناك أفكار ومشاريع كثيرة تخرج من السوق؛ بسبب الحصول على التأشيرات التي أصبحت حلما وليس حقيقة» فتوجد حاليا مناقصات ومشاريع يتطلب الفوز بها وجود عمالة كافية، وعند الذهاب للوزارة فإنها تطلب الحصول على مشروع أولا فما الحل؟. المشاريع الإبداعية وفيما يتعلق بتكرار أفكار المشاريع بين الشباب أكد الحمزي أن الأفكار الجديدة موجودة، ولكن طالما يتم النظر للمشروع الجديد الإبداعي بأنه عالي المخاطرة وأنه لو فيه بوادر نجاح لبدأه غيرك وغيرها من الأمور التحبيطية، فلن نرى إلا مشاريع متكررة، لذا يجب على البنوك والوزارات اعطاء هذه المشاريع الإبداعية والابتكارية ميزة باحتوائها وتطويرها لتضيف الينا اقتصادا معرفيا مبنيا على الابتكار والإبداع. وبين عبدالرحمن المعيبد أحد شباب الأعمال بالمنطقة أنه مع تعدد الجهات التمويلية والداعمة للمشاريع الصغيرة، خف هاجس المال لدى المبادرين، وارتفع لدى الجهات الحكومية. وقال: الشاب الذي يرغب بفتح محل صغير يحتاج بعد إصدار السجل التجاري الى استخراج موافقة البلدية، التي تأتي بعد دفع الإيجار، وحسب المتعارف عليه في السوق العقاري يجب دفع 6 أشهر من مبلغ الإيجار وبعدها يقوم المبادر بتجهيز المحل الذي يحتاج على الأقل شهرا وشهرا آخر بين البلدية والدفاع المدني لاستخراج رخصة المحل، ومن ثم يتوجه إلى مكتب العمل الذي يطلب منه في حال عدم تفرغه أو فتحه لنشاط فرعي إضافة موظف سعودي ليتمكن من الاستقدام، وحسب النظام الجديد أصبح احتساب نسبة التوطين في برنامج نطاقات يحتاج 6 أشهر، مما يجعلنا نقول إنه لا يمكن لأي شخص أن يبدأ عمله الخاص قبل سنة، وهذا خسارة مال وجهد وقد يتراجع البعض عن العمل. ووصف شرط «السعودة» و»استقدام العمالة» بأصعب الشروط على المنشآت الصغيرة في السنتين الأوليين، فالمنشأة الجديدة جدا بيئة غير مرغوبة لدى الشاب السعودي الباحث عن وظيفة، والسنة الأولى لا يوجد فيها أي عمل كما ذكرت، إذا السعودة عائق أساسي في أول سنتين، إضافة إلى تعقيدات الاستقدام وتأخر الطلبات الدائم. وأكد أن الإجراءات الحكومية والبيروقراطية وكثرتها تعطل مشاريع الشباب، فلو وجدت هيئة مثل هيئة الاستثمار للمنشآت الصغيرة يجتمع فيها ممثلو كل الجهات فإن المستثمرين يستطيعون من خلالها إنهاء إجراءاتهم بسرعة. وأشار المعيبد إلى أن التمويل لا يزال من الصعب الحصول عليه؛ لأن البنوك مقصرة، فصعوبة الإجراءات وتعقيدها وعدم تقديم بعض التنازلات للشباب وعدم وجود فكرة رأس المال المغامر تجعل التمويل يقتصر على من نسب نجاح فكرته أكثر من 95%. قيادات بيروقراطية أما محمد الربيعه أحد شباب الأعمال، فيقول: الإجراءات الحكومية لن تتطور والبيروقراطية لن تنقطع ما دامت بعض القيادات التي تصدر القرارات لم يخض يوماً تجربة إنشاء مشروع تجاري، ولم يعرف المراحل والمعوقات الكثيرة التي تقف أمام الشاب، فلماذا لا يتم تعاون بين الجهات الحكومية والشركات الخاصة لإصدار مثل هذه القرارات؟، ومن المؤسف أن أصحاب هذه البيروقراطية هم الذين يحثون ويشجعون على إنشاء المشاريع الخاصة في الملتقيات والندوات بصوت عال، مدعين أنهم يبذلون ويسخرون كل السبل لدعم الشباب، في حين أن القرارات الصادرة منهم مخالفة تماما لأقوالهم، كذلك من جانب آخر، فإن تعدد الجهات التي يتواصل معها أصحاب المشاريع كثيرة جداً، وليست هذه المشكلة فحسب بل إن لكل جهة متطلبات معقدة وأنظمة مختلف تماماً، فمثلا وزارة التجارة تمنح السجل التجاري خلال 48 ساعة عن طريق موقعها الإلكتروني، بينما مدة الحصول على تأشيرات الاستقدام من وزارة العمل تصل إلى شهور. ويواصل: إن السعودة هدف نبيل نطمح لتحقيقه والوصول إليه، ولكن لكل هدف الطرق والخطوات المدروسة التي تساعد لتحقيق المراد، فوزارة العمل تبنت هذا الهدف من قبل، ولكن قتلت جميع المشاريع حين قامت بتطبيق القرارات العشوائية وغير المتزنة، حيث نجحت في جزء صغير وأخفقت بشكل كبير على جوانب عديدة وقتلت أفكارا في مهدها. وفيما يتعلق بدور الثقافة والنظريات في تطوير بيئة العمل، أشار إلى أن الكل يدرك تماماً أهمية الثقافة والتطوير في تحقيق أي هدف، ولولا صبر التاجر لما كان باستطاعته تكوين هذه الثروة، ولولا الإخلاص والتفاني لما شاهدنا هذه القفزة التكنولوجية بين أيدينا، ولكن ما يدور على أرض الواقع من عقبات تجعل كل مستثمر يهمل هذا الجانب، والدليل أن غالب أصحاب المشاريع اتجهوا لمتابعة الجهات الحكومية بأنفسهم؛ لاستكمال المتطلبات الحكومية التي لا تنتهي وأهملوا الدور الأساسي وهو التخطيط والإدارة والقيادة في شركاتهم الخاصة أو في مناصبهم. وأضاف: للعلم أن ثقافة القيادة والإدارة تختلف وتتفاوت بشكل كبير في مجتمعنا، فما يتم تطبيقه في شركتي أرامكو وسابك والهيئة الملكية يختلف تماماً عما يتم تطبيقه في الوزارات والجهات الحكومية، وهو كذلك في الشركات الخاصة، وبسبب هذا الاختلاف المتفاوت نشأت مفاهيم خاطئة للإدارة وأصبح كل مسؤول أو مدير أو صاحب شركة يدلو بدلوه في هذا المجال حسب اجتهاداته الشخصية. العائق الحقيقي وبين الربيعة: التمويل ليس عائقا أساسيا خاصة أن الفترة الأخيرة نشأت جهات تمويلية للمشاريع المميزة والرائدة، وإنما العائق الحقيقي هو أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة لا تقبل لدى الشركات الكبيرة كسابك وأرامكو بحجة التأهيل وبعض الاشتراطات كالضمانات البنكية وغيرها، والحل أن يتم تخصيص نسب معينة من مشاريع أرامكو وسابك للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وفي هذه الفكرة يتم دعم مشاريع الشباب بشكل مباشر. وأكد عبدالعزيز البراك أن برنامج كفالة بدأ بالتسهيل، ولكن لا يزال يحتاج الكثير من الوقت؛ ليحفظ حق شباب الأعمال والبنوك، وقال إن البيروقراطية الحكومية غير مرحب بها؛ لأنها تعطل المشاريع الصغيرة وتؤخر نموها وتحملها تكاليف إضافية؛ بسبب التعقيد، كما أن تأثير أزمة استقدام العمالة على استثمارات الشباب وشروط السعودة تشكل العائق أما نجاحها أيضا، ولا شك في أن وزير العمل يقوم بدور جبار لحل هذه المشكلة، ولكنها سوف تأخذ وقتا طويلا، كما أن إيجاد الموظفين السعوديين حاليا يعتبر صعبا جدا لأنهم يفضلون الشركات العملاقة من باب الأمان الوظيفي والرواتب العالية، فالمشروع الذي كان بالسابق يؤسس في 3 شهور، أصبح الآن يحتاج من 6 إلى 7 شهور. انحسار المنشآت الصغيرة من جهته، قال الدكتور علي بوخمسين المستشار الاقتصادي ومدير مركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية والادارية: إن الدولة تبذل قصارى جهدها لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتحاول تقديم كل ما يسهم في دعم هذا القطاع وحل مشاكله والنهوض بمستويات أدائه، ولكن مع ذلك الجهد الجبار ومع هذا الدعم المعلن إلا أننا شهدنا انحسارا في أعداد هذه المنشآت بشكل متتابع ومتنامٍ، لا سيما في العامين 2012 و2013. ولفت إلى أنه من المعتقد أن إجمالي عدد منشآت القطاع الخاص المسجلة بالمملكة تراجع من مليون و98 ألفا في 2012 إلى مليون و78 ألفاً في 2013، وطبعا من المعلوم أن نسبة الانخفاض تكاد تكون كلها من المنشآت الصغيرة بل الصغيرة جدا، وهي تمثل في الواقع فئة المنشآت الناشئة الجديدة بالسوق باختلاف تخصصها، سواء كانت خدمية أم صناعية أم تجارية أم سياحية أم أياً كانت. فالمشاكل التي تواجه هذه الفئة هي في الغالب متشابهة بل ومشتركة في سبب المنشأ. وأضاف: «بلغ عدد المنشآت الصغيرة في المملكة التي يعمل بها أقل من عشرة موظفين، يتجاوز اليوم المليون و52 ألفاً حسب ما ورد بمنتدى جدة الاقتصادي، والذي أيضا ذكر فيه أن خروج مشاريع ناشئة أو حديثة العهد من السوق لأكثر من 191 ألف منشأة صغيرة جدا، ونحو 21 ألف منشأة صغيرة. وإن نسبة التراجع في نسبة المنشآت الصغيرة في المملكة للعام 2013 وصلت إلى 9.04%، و 11.1% للمنشآت الصغيرة جداً، ولو أردنا حصر أهم المعوقات التي تواجه هذه الفئة سنجد أنها ستكون بهذا الترتيب من حيث الأهمية أولا التمويل، وما نقصده هو صعوبة الحصول على التمويل لهذه الفئة لأنها ببساطة لا تملك رصيدا كافيا لاستخدامه كرأس مال لمشاريع هذه الفئة، ثم عدم امتلاكها ضمانات عقارية أو غيرها تصلح لتقديمها كمقابل للحصول على التمويل التجاري، ثم هي جديدة فليس لديها أي قوائم مالية لتعبر عن نسبة النمو وحجم التدفقات المالية ونتيجة أعمالها؛ لذلك هي شبه محرومة من الحصول على التمويل، وهنا نذكر أن الحكومة سعت مشكورة لحل هذه المشكلة، وبادرت بتأسيس العديد من الجهات الداعمة لفئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وعلى رأسهم حاليا قطب هذه الجهات والممول الرئيسي لها وهو بنك التسليف والادخار. ومع كل ما يبذله البنك من جهود جبارة إلا إنها تظل دون الطموح، ليس لقصور في أدائه بل للحجم الهائل من المنشآت الصغيرة التي تحتاج لخدمات الدعم المالي. وأضاف: هناك إجراءات بيروقراطية تستدعي تدقيقاً ومتابعة وتحليلاً وتقييماً قبل صرف القروض، مما سبب ان تكون الفترات اللازمة للحصول على دعم قرابة سنتين، هذا ان تمت الموافقة على الدعم، ولو قارنا عدد من تم دعمه مقارنة بالعدد الإجمالي القائم ستكون النتيجة اقل من 1% بكثير. طبعا الكل لا يحتاج إلى دعم لكن أكثر من 95% من هذه المنشآت هي بحاجة لدعم مالي متنوع؛ من حيث التوقيت والحجم، والنوع من حيث طبيعة التمويل المستهدف. وتابع: المشكلة الحقيقية أنه بخصوص دعم البنوك الذي من المفترض أنه يكون موجها لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة تحت مظلة برنامج كفالة، ستجد أنه موجه في أحسن الحالات للمنشآت الصغيرة القائمة ذات السجل الائتماني الجيد، حيث قد يشترط بعض البنوك أن تكون مبيعاتها 5 ملايين وأكثر لمنحها قرض برنامج كفالة، علما بأن بعض البنوك يدعم المنشآت الصغيرة لو كان المتقدم يحظى بدعم وتزكية من أحد رجال الأعمال المعروفين لديهم بالبنك، ولا شك أن هناك بنوكا ذات سمعة حسنة في دعم المنشآت الصغيرة، ولكن بشكل محدود جدا لا يكفي أبدا ولا يحقق الهدف المرجو من تأسيس هذا البرنامج حينما تم إطلاقه، وبالعودة لتراتبية المعوقات سنجد هناك البيروقراطية الحكومية، وهنا حدث ولا حرج من صعوبة تحديد الاسم التجاري الذي أصبح مشكلة بالذات للشركات، ثم وزارة العمل ونطاقات التي لا تفرق بين منشأة صغيرة جدا ومنشأة جبارة وعملاقة. وهناك التراخيص التجارية اللازمة والتأمينات، وهناك الكثير من المصاريف الإدارية اللازمة، في حين أنها منشأة صغيرة ومالكها حتما لا يعمل وبحاجة لمصدر رزق ثابت لإعالته. ثم هناك نقص الخبرة العملية في التعاطي مع الجهات الحكومية وكيفية تلبية متطلباتها بالشكل المناسب. ثم هناك المعوق الآخر وهو محدودية أو ربما انعدام الخبرة الإدارية لإدارة منشأته. ثم هناك عدم المعرفة بأساليب التشغيل والتسويق والاستفادة من الفرص المتاحة، وغيره من أمور تحتاج لخبرة تراكمية ومهارات معرفية يفتقدها هذا المستثمر الجديد، وهذا ما دعا الكثير من الجهات الداعمة لتقديم دورات تأهيلية وتطويرية لهذا المستثمر الجديد، وهذا جيد في حد ذاته ولكنه غير كاف واقعيا كما هو المطبق حاليا. وزارة جديدة وزاد: عليه نخلص الى أننا بحاجة لتقديم كلا جانبي الدعم المالي المناسب والكافي، وأيضا الدعم والتوجيه والإرشاد الإداري لضمان نجاح المشروع، هذا فضلا عن الحماية المفروض تقديمها لهم من منافسة العمالة الوافدة، ومشاريع التستر التي تعمل تحت مظلتها، وهذا تحدٍ كبير جدا، يكفي أن نعرف ان العمالة الوافدة تحول سنويا مبالغ خرافية للخارج وصلت في 2014 إلى 148 مليار ريال، كان من الممكن ان نحتفظ بهذه الأموال أو حتى جزء منها داخل دائرة اقتصادنا الوطني لو دعمنا المنشآت الصغيرة وأحسنا رعايتها. والواقع أننا بحاجة لوضع برنامج موحد بإستراتيجية عمل موحدة للجهات الداعمة للمشاريع الصغيرة، فقد تعددت مصادرها وتخصصاتها ومسمياتها؛ فبعضها حكومي، وبعضها خاص، وبعضها مشترك، وبعضها تجاري، وبعضها خيري، ولكل منها طريقة ومنهاج، وهذا أمر يؤدي في النهاية لإغراق غير منتج لأنه نحن بحاجة أولا لتقييم نجاح عمل الجهات القائمة حاليا وتحديد مصادر الخلل في أدائها، ومسببات الإخفاق لتصحيح المسار مستقبلا، ثم أن نوحد عمل هذه الجهات تحت مظلة وزارة لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتكون مستقلة عن وزارة التجارة لأنها سوف تعمل على حماية منسوبيها من التحديات التي تفرضها قوانين ولوائح وزارة التجارة من جهة ووزارة العمل من جهة أخرى، وتعمل على الإشراف على عمل الجهات الداعمة التي إما أن يوكل اليها مهمة الإشراف على آلية التمويل الذي تقدمه، أو على الأقل تسهم في متابعة تقديم هذه الجهات للدعم الكافي والمناسب لمنسوبي وزارة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كما ستقوم هي بتقديم كل ما يلزم من خدمات دعم لهذه المنشآت عبر برامج موحدة تخدم هذه الفئة في كل مناطق المملكة. وأشار إلى أن هناك الكثير من الافكار الخلاقة التي من الممكن ان تستفيد منها هذه الوزارة في تفعيل طاقات شبابنا السعودي، واحتضانهم عبر بوابة موحدة تقدم لهم كل ما يحتاجونه من تراخيص وخدمات دعم في نفس الوقت ونفس الجهة، وهي تتواصل مع الجهات الحكومية الاخرى وتنهي إجراءات منسوبيها لديهم، وهذا سيوفر ازدواجية الادوار ويقلل التكلفة على الدولة ويخفض تكاليف التشغيل بالوزارات الحكومية، ويسهل الإجراءات ويختصر الوقت وهذا انجاز كبير في حد ذاته فضلا عن دعم شريحة تشكل قرابة 95% من حجم المنشآت المرخصة بالبلد، وتضم عددا هائلا جدا من السعوديين الذين يعتبر سد احتياجاتهم أهم أولويات الدولة. الأمير سعود بن نايف يخاطب الشباب لدى ترؤسه مجلس شباب الأعمال في المنطقة الشرقية ينظم شباب الأعمال معارض تجمعهم للاستفادة من تبادل الخبرات وتفعيل الأنشطة التجارية