الاقتصادية - السعودية يواجه العالم منذ فترة أزمة غذائية حادة، سببها عجز القطاع الزراعي العالمي عن تلبية الحاجات الغذائية العالمية، وتمثل الدول الكبرى الضغط الأكبر على الاستهلاك الغذائي العالمي نظرا لارتفاع دخل الفرد في هذه الدول، مما يجعل مواطني الدول الكبرى ذوي قدرة استهلاكية أكبر من غيرهم، فبرز على السطح مصطلح الأمن الغذائي. الهندوالصين مثلا من أعلى الكثافات السكانية في العالم، وكانتا من الدول المرشحة للتعرض لأزمة غذائية منذ السبعينيات، ما دفع الحكومتين الهنديةوالصينية لوضع خطط استراتيجية لتأمين النقص الغذائي المحتمل، ونجحت هاتان الدولتان في تأمين ما يكفيهما من الأغذية الأساسية، بل بدأتا في التصدير للخارج. ما يهمنا في هذا الأمر أن الغذاء مصدر متجدد، غير ناضب "مصدره الزراعة"، ولكن الدول والحكومات الغربية والآسيوية أخذت مسألة الأمن الغذائي على أنها تهديد جدي قد يقوض نموها المستقبلي، فانكبت هذه الدول على معالجة المشكلة الغذائية بشكل جدي وحازم، مع العلم أن دخل الهندوالصين لا يعتمد على الزراعة بشكل كلي، ولكن هذا لم يثبطها عن النجاح في تجاوز هذه الأزمة. ما يهمنا من مسألة الأمن الغذائي هنا نقطتان مهمتان: 1 - إن الزراعة مصدر متجدد للثروة. 2 - إن الزراعة تعتبر المصدر الوحيد للغذاء. هنا سنقارن بين أزمة الغذاء وأزمة النفط، فقد صرح عبد الله جمعة كبير إداريي "أرامكو" في عام 2004، بأن احتياطيات المملكة النفطية تبلغ 340 مليار برميل، وإذا أخذنا في الاعتبار إنتاج المملكة اليومي من النفط، فإنه بحسب تصريح عبد الله جمعة، هذه الاحتياطيات ستكفي ل 110 أعوام قادمة (2)، ولكن لو نظرنا إلى الاستهلاك العالمي للنفط سنكتشف أن الإنتاج قد زاد من 73,81 مليون برميل يوميا في عام 2004 إلى 78,9 مليون برميل يوميا في عام 2005. وبغض النظر عن كل الإحصائيات والأرقام، نحن نتكلم هنا عن مستقبل دول تعتمد على النفط في أكثر من 90 في المائة من دخلها، فبغض النظر إن كان النفط سينضب بعد 40 أو 50 أو حتى 150 عاما، فإننا نواجه خطرا مستقبليا محدقا بالدول المنتجة وبالمملكة بصفة خاصة. وإذا قارنا مشكلة الغذاء في الصينوالهند، وكيف أنهما كانتا تستعدان لهذه الأزمة من وقت طويل، فالأحرى بنا نحن أن نستعد للحظة نضوب النفط. إن أزمة الغذاء ليست ببعيدة عنا، فكل دول الخليج ليست دولا زراعية، ولكن دول الخليج العربي لم تتلاف أزمة الأمن الغذائي الحاصلة الآن، وللتو قد بدأت دول الخليج بالتفكير في إنشاء شركات زراعية في الخارج لتأمين احتياجاتها الغذائية، فما بالنا بمصدر غذائنا الوحيد وهو النفط؟ يتحرك العالم الآن لإيجاد مصدر آخر للطاقة بدلا عن النفط، فتقوم مراكز الأبحاث والجامعات في أوروبا وأمريكا بعمل دؤوب على تطوير الأبحاث والأفكار للخروج بمصدر جديد للطاقة، ولكنني أقول إننا الأولى بذلك منهم، لأننا من سيواجه انخفاضا حادا في دخل دولنا وليس هم، فالمحفز الذي يدفعنا نحن نحو ابتكار مصدر جديد للطاقة أقوى من محفزات الدول الغربية. فإننا لو استثمرنا عائدات النفط العالية الآن في المشاركة أو تمويل بعض الجامعات ومراكز الأبحاث للوصول إلى مصدر جديد للطاقة نكون نحن الدولة المالكة له، لنتجنب بعبع نضوب النفط مستقبلا، فإننا سنستطيع أن نؤمن مصدرا مستقبليا للطاقة وللدخل.