توجهت المملكة لتقليص زراعة القمح بدءاً من عام 2008م بعد إنتاج كميات كبيرة جداً من هذا المحصول، حيث أصبحت المملكة سادس بلد منتج للقمح في العالم؛ ما أدى - وفق رؤية وزارة الزراعة - إلى استنزاف كميات كبيرة من المياه الجوفية، وهو ما كان سبباً كافياً لاتخاذ هذا القرار، وبناءً على ذلك جاءت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - بتوجيه القطاع الخاص للاستثمار الزراعي خارج المملكة. وزير الزراعة يوقع عقود استيراد القمح لمصلحة مؤسسة الصوامع (أرشيف «الرياض») وكان معالي وزير الزراعة "د. فهد بالغنيم" قد كشف - في تصريح سابق ل "الرياض"- أن مردود الاستثمار الزراعي على الوطن سوف يكون كبيراً؛ عطفاً على ما يتوافر لدينا من الإمكانات والتقنية، التي يضاف إليها المياه والتربة الجيدة خارج المملكة، موضحاً أنّه نتج عن ذلك مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي، حيث شُكلت لجنة من الزراعة والمياه، وتوجت باتفاقيات مع كلٍ من "إيطاليا"، "فيتنام"، "السودان"، "اثيوبيا"، "أوكرانيا"، مشيراً إلى أنّه تم الإعلان عن إنشاء شركة سعودية متخصصة في الاستثمار الخارجي برأس مال قدره (3000 مليون ريال)، وشُكل لها مجلس إدارة، وأنيط صندوق التنمية الزراعية لدراسة هذه البرامج الاستثمارية ووضع الأسس المناسبة لها، مبيّناً أنّ الدولة رأت انتقال الموضوع (المبادرة) من فريق العمل المؤسس إلى وزارة الزراعة، وأنّ التنسيق في ذلك مستمر. الاستثمارات السعودية في الخارج قد تواجه عقبات أثناء الأزمات الداخلية للدول "ندوة الثلاثاء" تناقش هذا الأسبوع الاستثمار الزراعي خارج المملكة، وتستشرف الجوانب الايجابية والسلبية في هذه المبادرة، ومدى تأثيرها في المشروعات الزراعية المحلية، بمختلف مستوياتها وتجهيزاتها، ومخاطر التوجه للاستثمار الزراعي في الخارج، ما قد يهدد الأمن الغذائي الوطني. المزارع المحلي يعاني ندرة المياه وقلّة الدعم هاجس الأمن الغذائي في البداية تناول "د. الخريجي" الأسباب التي أدت إلى توجه بعض الدول ومنها المملكة للاستثمار الزراعي الخارجي، وفي مقدمة تلك الأسباب ارتفاع الطلب على الحبوب، وارتفاع أسعارها منذ العام 2007-2008م؛ بسبب زيادة أعداد السكان على مستوى العالم، مشيراً إلى أنّه عندما دقت أزمة المواد الغذائية ناقوس الخطر عام 2008م كانت دول الخليج تستورد (79%) من احتياجاتها الغذائية؛ مما جعلها أكثر عرضة للأزمة وسلبياتها عن غيرها من الدول. وأضاف أنّ من الأسباب أيضاً الهاجس الأمني الغذائي وتقليص الفجوة الغذائية العميقة الناتجة عن انخفاض الاستثمار في الزراعة، إلى جانب تعرض الموارد الطبيعة -على الرغم من شحها- إلى الاستغلال غير الاقتصادي وغير الرشيد، بالإضافة إلى التوقعات الجدية لموجة أزمة غذاء جديدة أشد قسوة مما شهده العالم عام 2008م خلال السنوات القريبة المقبلة. منصور الجفن مستوى الأسعار وفي إطار هذه الدوافع للاستثمار الخارجي، أشار "د.الخريجي" إلى أنّ هناك عدداً من الدول منعت تصدير إنتاجها من الأرز؛ بسبب نقص المخزون، مثل: "الهند"، "تايلند"، "الصين"، "مصر"، كما فرضت "روسيا" الحظر على تصدير القمح؛ نتيجة للجفاف، فيما منعت كثير من الدول تصدير منتجاتها الزراعية للحفاظ على مستوى الأسعار. مبادرة خادم الحرمين ليست بديلة عن الزراعة المحلية وإنما مكملة للخبرات والإنجازات التي تحققت على مدى (30) عاماً انحراف السياسات ولفت "د.الخريجي" أنّ السياسات الزراعية وانحراف توقعاتها ومخرجاتها من الدوافع التي أدت للتوجه نحو الاستثمار الزراعي الخارجي، سواء أكان ذلك من الجانب الإنتاجي أم الطلب أو تحديث هذه السياسات من قبل وزارة الزراعة، مدللاً على ذلك ما وقعته الوزارة في 9 صفر 1421ه مع معهد الملك عبدالله بشأن رسم إستراتيجية واضحة للزراعة بالمملكة، إلاّ أنّها لم تتضح أي من معالمها حتى الآن. د. الخريجي: دول الاستثمار الزراعي أوقفت التصدير خلال أزمة 2008م ودراسات الجدوى لن تستطيع التنبؤ بالمستقبل تنبؤ بالمتغيرات وحول مخاطر الاستثمار الزراعي الخارجي؛ ذكر "د.الخريجي" أنّ دراسات الجدوى لن تستطيع التنبؤ بالتغيرات السياسية، والاقتصادية، والبيئية، المحتملة في المستقبل، باعتبار أنّ هذا النوع من الاستثمار ذو مخاطر عالية، كما سيؤثر على الإقراض المحلي، وبالتالي تراجع المخزون الإستراتيجي الغذائي في حالة انخفاض أسعار النفط، وهذا متوقع في ظل سعي الولاياتالمتحدةالأمريكية لتكون أكبر منتج للنفط. قيود التجارة الخارجية لن تمنح أسعاراً تفضيلية لبلد المستثمر علاوة على القيود الصحية ومخاطر نقل بعض الآفات حرية التنقل وأفاد "د.الخريجي" أنّه على الرغم من أنّ السلع الزراعية تمثل فقط (15%) من السلع المنتجة في العالم، إلاّ أنّها لا تملك حرية التنقل من البلد المنتج مثل بقية السلع، حتى لو كان المستثمر أجنبياً، وهذا يندرج تحت بند مخاطر التصدير، مضيفاً أنّه في ظل القيود المفروضة على التجارة الخارجية ومعوقاتها السياسية أو التجارية، لن يسمح للمستثمر في إعطاء أسعار تفضيلية لبلد المستثمر، إلى جانب القيود الصحية ومخاطر نقل بعض الآفات والأمراض التي قد تؤثر سلباً على هذه الاستثمارات، خصوصاً في بلاد مثل: "السودان"، و"أثيوبيا"، و"أوكرانيا"، وغيرها من الدول. نحتاج إلى تطبيق «النظام الأوروبي» لضمان سلامة الغذاء وإعداد محفظة متنوعة لإدارة المخاطر والحد من التقلبات السعرية وظروف الإمداد مستقبلاً نظام الجودة وعلّق "د.الرضيمان" على ما ذكره "د.الخريجي"، مبيّناً أنّه في حال وجود مخاطر صحية؛ ينبغي أن يُطبّق في المملكة النظام الأوروبي أو العالمي لضمان سلامة الغذاء المستورد من أي بلد، بما يضمن صلاحيته للاستهلاك الآدمي والحيواني، وعدم وجود أي تأثيرات سلبية له على البيئة، مشيراً إلى أهمية تطبيق هذا النظام أيضاً على المنتجات الزراعية المحلية. وأضاف أنّ فكرة تطبيق الجودة على المحاصيل الزراعية بدأت في "بريطانيا"، من خلال بعض محال القطاع الخاص الكبيرة في عام 1997م، حينما بدأت ترد إليهم المنتجات الزراعية من "الهند"، "شمال أفريقيا"، "الصين"، وبقية "دول شرق آسيا"، ومن "جنوب أمريكا"، حيث طلبت تلك القطاعات من تلك المصادر الالتزام بتطبيق معايير للجودة، وحينما نجحت هذه الفكرة على مستوى المحال في "بريطانيا" تم تطبيقها على مستوى الاتحاد الأوروبي، وذلك في عام 2007م، وقد تمت تسميتها ب"الممارسات الزراعية الجيدة الأوروبية". د. الرضيمان: شكاوى من مطاحن ومخابز لنوعية من «القمح الروسي» منخفضة البروتين وأشار إلى أنّ الممارسات تضمن أن تكون المنتجات الزراعية المستوردة خالية من الملوثات الكيميائية الضارة، والمبيدات، والميكروبات، وأنّها سليمة وصالحة للاستهلاك الآدمي والحيواني، وليس لها تأثير على البيئة، وجيدة التعبئة والتغليف، وأدى جودة ونجاح هذا النظام إلى سعي "أمريكا"، "اليابان"، "أستراليا"، "كندا" لتطبيق معاييره. هيئة للرقابة وشدد "د.الرضيمان" على ضرورة مشاركة هيئة الغذاء والدواء أو أي جهة مماثلة من أجل مراقبة جودة المنتجات والمحاصيل الزراعية المستوردة، وكذلك المحاصيل المنتجة محلياً، مشيراً إلى أنّ المؤسسة العامة لصوامع الغلال سبق أن تلقت شكاوى كثيرة من المطاحن، والمخابز، بخصوص وجود نوعية من القمح الروسي الذي تبيّن أنّ نسبة البروتين فيه كانت منخفضة جداً، ولم تكن مطابقة لمواصفات القمح في الجودة المطلوبة. الفدا: التخصص النسبي للزراعة في المناطق مفيد مثل: القصيم للنخيل والشمال للقمح اختلاف الهدف كما تناول "د.الخريجي" واقع المبادرة الذي يعتمد على الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص في برنامج الاستثمار الزراعي الخارجي، حيث سيكون دور القطاع الحكومي تحمل وتأمين المخاطر، والقطاع الخاص زيادة المكاسب الاقتصادية، معتبراً أنّ ذلك يمكن أن يشجع على الاستثمار غير المدروس جيداً، وعدم حساب المخاطر، طالما أنّ الدولة ضامنة لرؤوس الأموال، مشيراً إلى أنّ أغلب القرارات لدينا يندفع لها القطاع الخاص بهدف الربحية أحياناً، وليس بهدف آخر، رغم أنّ الهدف الرئيس من القرار هو الأمن الغذائي. د. القرعاوي: لماذا لم نستثمر في الثروة الحيوانية للحد من استهلاك الأعلاف والمياه؟ استعمار جديد وحول رؤيته للشراكة مع الدول بدلاً من مشروعات الاستثمار؛ بيّن "د.الخريجي" أنّ هناك دولاً إفريقية فقيرة بحاجة لتأمين الغذاء لمواطنيها، وتلك البلدان وشعوبها تعتبر أنّ مشروعات الاستثمار الزراعية تمثل استنزافاً للموارد؛ مما قد يسبب مشاكل داخلية مع الشعوب، حيث تداخل الاستثمار مع شراء إنتاج المزارعين المحليين، كما حدث في استثمار (1.3 مليون هكتار) من قبل "كوريا" في "مدغشقر"؛ مما دفع الشعب إلى إطلاق مصطلح "الاستعمار الجديد" على المشروع وأدى ذلك إلى فشل الاستثمارات. وأضاف أنّه إذا أريد من الاستثمار الزراعي الخارجي أن يحقق أهدافه كما يتمنى الجميع؛ فيجب أن يأخذ شكل شراكة مع هذه الدول؛ لاقتسام الناتج الزراعي وفق تعاقدات ثابتة وطويلة الأجل، مع ضمان وجود استقرار اقتصادي، وسياسي، واجتماعي، وتنظيمي، وتشريعي، للدول المستهدفة، وكذلك وجود شفافية في قوانين الاستثمار في تلك الدول، إلى جانب وجود قوانين لحماية المستثمر الخارجي. خطة قصيرة وتداخل "الفدا" موضحاً أنّه لا يمكن أن يُعوّل كثيراً على الاستثمار الخارجي؛ بسبب عدم ضمان الأوضاع الخارجية السياسية والنظامية في الدول المستهدفة على المدى البعيد، وبالتالي يجب أن يوضع لهذا الأمر خطة يغلب على الظن أنّها سوف تدوم من (20-25) سنة على أقل تقدير. وأضاف:"إذا كان لدينا القناعة التامة بعدم ضمان تلك الأوضاع النظامية والسياسية، فإننا يجب أن ننظر للاستثمار الزراعي الخارجي بمثابة خطة قصيرة الأجل، مكملة وليست بديلة للأوضاع الزراعية الداخلية، ويجب توفير الاحتياج الأساسي من القمح للمملكة من داخل الوطن، كجزء من الأمن الوطني الغذائي، أما ما زاد عن ذلك فيمكن توفيره من الخارج". مبادرة خادم الحرمين وعلق "د.الرضيمان" على ما ذكره "الفدا"، قائلاً:"من المؤكّد أنّ مبادرة خادم الحرمين للاستثمار الزراعي الخارجي ليست بديلة عن الزراعة المحلية، وإنما هي بالفعل مكملة للخبرات والإنجازات التي حققتها المملكة في المجال الزراعي منذ أكثر من (30) عاماً"، مضيفاً أنّ المملكة مهتمة بشكل كبير بالقطاع الزراعي المحلي، وقد ظهر ذلك حينما صدر قرار بتغيير مسمى "البنك الزراعي" إلى "صندوق التنمية الزراعية"، إضافةً إلى زيادة رأس ماله من (12) مليار ريال إلى (20) مليار ريال؛ مما يؤكّد استمرارية المملكة في تنمية القطاع الزراعي وزيادة حجمه الاقتصادي. استهلاك المياه ونوّه "د. القرعاوي" إلى أن المشكلة إذا كانت تختص بالمياه؛ فإنّه ينبغي أن يتم التركيز فقط على المحاصيل الأعلى استهلاكاً للمياه في الاستثمار الزراعي الخارجي مثل الأعلاف. وعلّق "د. الخريجي" على ما ذكره "د.القرعاوي"، موضحاً أنّ المسألة متعلقة بالأمن الغذائي ومتغيّرات بيئية، أو اقتصادية، أو اجتماعية، أو سياسية، قد تعوق الاستثمار الخارجي، وبالتالي لن تتحقق الفائدة منه، مضيفاً:"نحن حينما نستعرض واقع تلك الدول التي يتم الاستثمار الزراعي فيها نجد أنّها خلال أزمة عام 2008م قد أوقفت التصدير"!. وعاد "د. القرعاوي" ليطرح تساؤلاً: إذاً لماذا لا يتم الاستثمار في الثروة الحيوانية خارج المملكة حتى نتخلص من متطلباتها غير المتوفرة، وبالذات الأعلاف والمياه؟، مشيراً إلى أنّه بالإمكان الاستثمار الخارجي بالثروة الحيوانية، ما دام هناك رغبة في دعم الاستثمار في المجال الزراعي الخارجي، على الرغم من تلك المخاطر والقيود. مصلحة المواطن وأضاف "د.القرعاوي" أنّ التفكير في الاستثمار الزراعي الخارجي له أبعاد اقتصادية أو سياسية أو غير ذلك، لكن يجب أن لا يتم إغفال المزارع أو المستثمر الداخلي؛ لأنّه ولأي سبب قد لا نستطيع أن نصل إلى الزراعة الخارجية، خصوصاً أنّ هناك عدم استقرار سياسي في بعض الدول، مشيراً إلى أنّ حدوث أي مشكلة سياسية أو غيرها مع تلك الدولة قد لا نضمن بسببها استيراد ما تمت زراعته. وبيّن أنّ وزارة الزراعة والكليات والتخصصات الزراعية الأكاديمية ومراكز الأبحاث في المملكة يجب أن يكون لها دور في توفير الأمني الغذائي الوطني الاستراتيجي وحمايته، بعيداً عن ما يترتب على الاستثمار الزراعي الخارجي من مصالح فردية يستفيد منها كبار التجار وكبار المستثمرين، وبالتالي يجب عند تنفيذ هذا القرار مراعاة كافة الجوانب آخذين في الاعتبار مصلحة المواطن. الاهتمام بالبحوث وتداخل "د.الخريجي" قائلاً:"أما بالنسبة لمراكز الأبحاث والدراسات سواء كانت في الجامعات أو غيرها فإنه يجب أن يكون هناك محفظة لإدارة الأزمات أثناء ارتفاع الأسعار كما حدث في عام 2008م، حيث إنّ هناك توقعات بوجود أزمة غذاء أشد خلال السنوات العشر القادمة، قد تكون خلال خمس أو ست سنوات". وأضاف:"نحن بحاجة إلى الكليات ومراكز البحوث والتخصصات الزراعية، من أجل التوسع في إنتاجية الوحدة، وكذلك الرفع من إنتاجية وحدة المياه، ولو أنّ الكليات الزراعية توجهت للخريجين في مجال التصنيع الغذائي والتسويق والمكافحة، فإنّهم سيجدون فرص متزايدة للطلب على هذا التخصصات لثلاثين سنة مقبلة". وعلّق "د.الرضيمان" على ما ذكره "د. القرعاوي" و"د. الخريجي" مطالباً بعدم التوسع في الوقت الحالي في كليات الزراعة والتخصصات المشابهة، وأن يكون التوسع حسب الاحتياجات الفعلية. بديل مناسب وقال "الفدا":"إذا تحدثنا عن مستقبل المشروعات الزراعية المحلية الكبيرة والمتوسطة في ظل تفعيل قرار الاستثمار الزراعي الخارجي، فإن هذه المشروعات سوف تتأثر على المدى البعيد، ولكن يجب أن نعرف بداية أننا في المملكة لدينا قيمة اقتصادية حقيقية عالية وكبيرة، تشمل البنية الزراعية الحالية، والتي من الصعب تجاهلها لنفكر ببديل عنها، ولو قدرت وقيّمت قيمتها بالريالات لوجدنها مرتفعة جداً، بالإضافة إلى ما صرف عليها من قروض وتهيئة للبنية". وتساءل: هل الاستثمار الزراعي الخارجي يمكن أن يعتبر بديلاً مناسباً لتحقيق الأمن الغذائي الوطني؟، مستدركاً:"بالطبع لا؛ بسبب أنّه يتعرض لكثير من المؤثرات الخارجية التي لا يمكن أن يكون لنا في المملكة تدخل مباشر فيها، وقد نحتاج إلى وضع بعض الأنظمة والتعديلات بما يخدم مشروعاتنا واستثماراتنا الخارجية، وقد لا نتمكن من فرضها وهذا الأمر يعتبر من أهم العوائق". نظرة مستقبلية وحول مستقبل القطاع الزراعي المحلي؛ أوضح "الفدا" أنّه سوف يتأثر على المدى البعيد، وبالتالي تظل الحاجة مستمرة للأبحاث والدراسات الزراعية بشكل مستمر، ولا يمكن الاستغناء عنها؛ لأنّنا نواكب احتياجنا المحلي والتطور العالمي في هذا المجال. وأكّد "د.الرضيمان" على أنّ الزراعة المحلية ضرورية ومهمة جداً، مضيفاً:"يجب أن نستثمر البنية التحتية الكبيرة التي بذلت من أجل النهوض بالزراعة المحلية، أمّا بالنسبة للشركات الكبرى أو المتوسطة فهي قادرة بنفسها على التوسع الخارجي، وقبل أن تأتي مبادرة خادم الحرمين كان لديها استثمارات خارجية". وأشار إلى أنّ كثيراً من الدول اهتمت بالزراعة المحلية وفي الوقت نفسه أفادت من الاستثمار الخارجي، موضحاً أنّ المملكة إن كانت تعاني من شح في المياه فإنّ هذه المشكلة أصبحت عالمية، وهناك تفكير تؤيده هيئة الأممالمتحدة تمثل في فرض ضريبة على مياه الأنهار لصالح الدول التي تنبع منها. تخصص نسبي وحول توجه وزارة الزراعة نحو التخصص النسبي للمناطق في الزراعة وأثر ذلك على نمو الزراعة المحلية؛ قال "الفدا": "إذا كان المقصود بالتخصص النسبي للمناطق هو استثمار الميزة النسبية للمناطق، مثل: أن تكون القصيم منطقة متخصصة في زراعة النخيل وإنتاج التمور، والمناطق الشمالية في إنتاج القمح، فهذا أمر جيد من دون أن نحد من التوسع؛ لأنّ المملكة بحاجة لكافة المحاصيل الزراعية، وما يرتبط بها من ثروة حيوانية"، مشيراً إلى الأهمية البالغة لزراعة وإنتاج الاحتياج الفعلي للمحاصيل الزراعية الأساسية داخل المملكة، إلى جانب تخصيص الاستثمار في الزراعة خارج المملكة للمحاصيل المستهدفة للمخزن الاستراتيجي، مع أهمية الاستعداد لهذا الخزن الاستراتيجي، وفق المواصفات العالمية المحددة لذلك. وتداخل "د.الرضيمان" معتبراً أنّه إذا كان هذا توجه الوزارة نحو التخصص النسبي للمناطق فهو شيء جيد جداً، لكن المشكلة أنّه لا يوجد خارطة طريق للاستثمار الزراعي بشقية النباتي والحيواني للمناطق في المملكة، بحيث تحدد نوع النشاط المناسب لكل منطقة، خاصةً في السلع الإستراتيجية التي تحظى بدعم من الدولة. فرص بديلة وطالب "د.الخريجي" بتحديد أولوية في اختيار نوع السلع الغذائية ومكان الاستثمار وفقاً للمعطيات التي ستلتزم بها الدول الأجنبية؛ لكي تتحقق الفائدة من مبادرة خادم الحرمين في الاستثمار الزراعي الخارجي، مشيراً إلى أنّ المستثمر يحرص على هامش الربح، وبالتالي فقد يعمد على استنزاف أهداف القرض في تفضيل أسواق خارجية، مؤكّداً على ضرورة اتخاذ قيود وحماية هذا الاستثمار، إلى جانب فرض أولوية في دعم المخزون الغذائي الاستراتيجي، وهذا ما سعت له بعض الدول مثل "إيران" تحسباً للعقوبات الأوروبية. وأضاف بأنّه يجب التركيز وبدرجة كبيرةه على الاستثمار في الفرص البديلة، من خلال توازن وتوزيع الاستثمار الزراعي في الدول الأجنبية والعربية والأفريقية، خاصة في الدول التي تمتلك قوانين لحماية الملكية، أو التي تمتلك بنية أساسية قوية في الزراعة، والمواني، والطرق، والنقل، والاتصالات، وسرعة التصدير، إلى جانب زيادة الاستثمار في البحوث الزراعية المحلية والإقليمية؛ لزيادة الإنتاجية من وحدة المساحة ووحدة المياه تحت الظروف المناخية المتاحة. وأشار إلى الحاجة لرفع معدل الزيادة والاستثمار في البنية الأساسية المستخدمة في إنتاج وتخزين ونقل المواد الغذائية من الخارج، والعمل على تأسيس وإعداد محفظة متنوعة لإدارة المخاطر بشكل أفضل؛ للتخفيض من مخاطر التقلبات السعرية، مع الاعتماد على التعاقدات المستقبلية في أوقات ذروة الإنتاج وانخفاض الأسعار، لضمان الإمداد المستقبلي للغذاء واستقرار أسعار الغذاء. الحفاظ على المراعي وشدد "د.الرضيمان" على ضرورة الاهتمام بالمراعي والأعلاف، خاصةً أعلاف الأبقار والدواجن، والحرص على جودتها، وتجنب استخدام المبيدات والأسمدة الكيميائية الزراعية التي لها تأثير على صحة الإنسان والحيوان وتلوث البيئة، مضيفاً أنّه من الضروري استيراد أعلاف الدواجن والأبقار من الخارج، بحيث تكون الأعلاف حسب المواصفات العالمية، ومطبق عليها شهادة "الجلوبال قاب"، حتى تكون صالحة للاستهلاك الحيواني. «بيروقراطية» الدول المنتجة تُعيق تصدير الغذاء! أوضح "أ. د. عبدالله الخريجي" أنّ تقارير "كلية دبي للإدارة الحكومية" أوردت البطء "البيروقراطي" الكبير في الدول الفقيرة المتلقية للاستثمار الزراعي؛ مما يمثل عائقاً كبيراً أمام تصدير الإنتاج الغذائي منها، حيث يستغرق تصدير حاوية سلع غذائية في الدول الفقيرة من (35) يوماً -كما في السودان- إلى 90 يوماً -كما في كازاخستان-، وهذا البطء و"البيروقراطية" يعتبران من الأمور السلبية المؤثرة على جودة وسلامة المحاصيل الزراعية، إلى جانب ضعف البنية التحتية لكثير من دول القرن الأفريقي، والتقلبات السياسية التي لن تكون محفزة على نجاح الاستثمار في قطاع حساس يمس حياة كل فرد. وأضاف أنّ تقرير مستقبل الأمن الغذائي العربي الصادر من "صندوق الأمن الغذائي العربي بالأممالمتحدة" يشكك في أنّ الزراعة في أراضي بعيدة قد يوفر حماية من تقلبات، ومخاطر السوق، وسيكون ذلك بتكلفة كبيرة؛ نظراً للتقلبات السياسية والأمنية، بالإضافة إلى مخاطر تقلبات الطقس، إلى جانب الشك وعدم اليقين في مثل هذا الاستثمار، مبيّناً أنّ تأمين الغذاء وشراءه من الأسواق العالمية -خصوصاً في العقود طويلة الأجل- فيه مرونة أكبر مما هو متوفر في الاستثمار الزراعي الخارجي. وأشار إلى أنّ هناك دول مثل "الصين"، "كوريا"، "الهند"، "البرازيل" أدركت حقيقة مخاطر الاستثمار في حاصلات الغذاء في بلاد الفجوة الغذائية العميقة وأنّها غير مجدية، لذلك كانت الاستثمارات الزراعية لهذه الدول في "السودان" في مجال حاصلات الوقود الحيوي. أزمات الدول الداخلية تهدد مستقبل استثمارات المملكة..! لفت "أ. د. عبدالله الخريجي" إلى وجود الكثير من المعوقات غير المحفزة لضمان الاستثمار الزراعي في عدد من البلاد المستهدفة مثل "أوكرانيا"، التي تعتبر مصدرا رئيسا لإنتاج "الشعير" و"القمح"، حيث تواجه الآن تراجعا في بنيتها التحتية، وانحداراً في مستوى الصحة النباتية في مزارعها، وهذا الشيء مهم بالنسبة لنا، مبيّناً أنّ "كازاخستان" يجري عليها ما يجري على "أوكرانيا". وأضاف أنّ "السودان" التي تتمتع بإمكانات زراعية ضخمة تواجه اليوم تحديات الاستقرار الداخلي، وتهالك بنيتها التحتية، والصراع مع دول الجوار على موارد "نهر النيل"، بالإضافة إلى "اثيوبيا" التي يجري على أراضيها (14) نهراً كبيراً وتتحكم بنسبة (77%) من منابع "نهر النيل"، حيث لا يزال (45%) من سكانها يعانون من الفقر المدقع، و(32%) من سوء التغذية؛ مما يجعلها عرضه للتقلبات السياسية والاقتصادية. وأشار إلى أنّ "تركيا" على الرغم من تمتعها بالاستقرار السياسي، والاقتصادي، وإطلاقها لمشروعات زراعية الضخمة، إلاّ أنّها ما زالت مستورداً تقليدياً للقمح الروسي، وتواجه عدم استقرار على حدودها، خصوصاً مع "العراق" و"سوريا"؛ مما يؤثر في استغلال مياه نهري "دجلة" و"الفرات". وأضاف أنّ بعض دول شرق آسيا مثل: "فيتنام"، "الهند"، "تايلند"، "الصين" تتربع على قمة منتجي "الأرز" بالعالم، لكنها لا تصدر سوى (4%) من إنتاجها، نتيجةً لارتفاع الطلب المحلي وتراجع مخزونهم منه؛ مما يهدد الاستثمارات خلال فترة الأزمات. وأشار إلى أنّ "منظمة التجارة العالمية" لم تضع أي اتفاقيات على المحاصيل الزراعية كما هو مع السلع الصناعية، حيث أنّ الأولوية في السلع الزراعية للبلد المنتج؛ لأنّها تمس الأمن الغذائي، ومن هنا فإنّ الاستثمار الأجنبي يجب أن يؤخذ بعناية كما يجب أن توجه الجهود للإنتاج المحلي؛ لأنّه هو المخرج الوحيد في حال حدوث الأزمات، مشدداً على ضرورة الاهتمام بالمشروعات الزراعية المحلية، وتطوير الأبحاث لتتجاوز عقباتها، محذراً من أن يكون الاستثمار الخارجي هو الأساس. وأضاف أنّ التصنيف الدولي لعدد السلع التي تصنع في العالم سواءً تجارية أو صناعية بلغ (7756) سلعة، منها (1163) سلعة زراعية، أي أنّها تمثل (15%) من مجموع تلك السلع، مبيّناً أنّه إذا كانت السلع الزراعية بهذه النسبة الضعيفة فإنّ ذلك يصعب الاستثمار فيها؛ نظراً لمشاكل التجارة الدولية، ومشاكل الحواجز والصعوبات التي وضعت عليها، منوهاً أنّ السلع الزراعية تختلف عن الصناعية، حيث أنّ المستثمر الخارجي يستطيع أن يصنع أي سلعة غير زراعية في أي بلد في العالم، وله الحق في إخراجها دون إذن الدولة كمستثمر، ويستثنى من ذلك السلع الزراعية، التي لا بد من إذن الدولة صاحبة الحق في منع التصدير. يصعب على الدول المستهدفة تقديم ضمانات لإنجاح مشروعات الاستثمار الزراعي الخارجي هدر المياه بين «القمح» و«الأعلاف»! طالب "أ. د. خالد الرضيمان" بإعادة هيكلة "المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق"، أو تحديد جهاز حكومي آخر يكون مرتبطا بمجلس الوزراء يكون مسؤولا عن التخطيط للمخزون الإستراتيجي للسلع الغذائية والرقابة عليه، وتبني سياسة تكاملية بين الزراعة المحلية، والاستيراد، والاستثمار الزراعي الخارجي. وأضاف أنّه من الضروري إعادة النظر في قرار مجلس الوزراء رقم (335) بتاريخ 9-11-1428ه، الصادر بشأن تقييد زراعة القمح في المملكة؛ بهدف المحافظة على مستوى جيد للأمن الغذائي من ناحية، والحماية من الضغوط السياسية والاقتصادية التي قد تلجأ إليها بعض الدول المحتكرة للقمح في العالم من ناحية أخرى. وأشار إلى أنّ معظم المزارعين اتجهوا بعد صدور القرار إلى زراعة محاصيل زراعية مستنزفة للمياه، مثل الأعلاف بدلاً من زراعة القمح؛ للحفاظ على مستوى دخلهم، وساعدهم على ذلك توافر الآلات والمعدات الصالحة لزراعة الأعلاف، ولذلك ازداد استنزاف المياه، مبيّناً أنّ استهلاك الهكتار الواحد من الأعلاف يقدر ب(35) ألف متر مكعب من المياه، ويمثل أربعة أضعاف احتياج القمح على مدى أربع فترات خلال عام، حيث يقدّر استهلاك الهكتار الواحد من القمح ب(7500) متر مكعب من المياه، وبالتالي فإنّ هذا القرار لم يحقق هدف ترشيد الموارد المائية. المشاركون في الندوة أ. د. عبدالله بن علي الخريجي -أستاذ التجارة الدولية والتسويق بجامعة القصيم أ. د. خالد بن ناصر الرضيمان -أستاذ إنتاج النبات والزراعة العضوية بجامعة القصيم د. محمد بن عبدالله القرعاوي-عميد كلية العلوم الطبية بكليات بريدة الأهلية - مهتم بالاستثمار الزراعي سعود بن عبدالكريم الفدا - مدير الإدارة الزراعية لأوقاف صالح بن عبدالعزيز الراجحي