المملكة تدعم الإجراءات التي اتخذتها لبنان لمواجهة العبث بأمن مواطنيها    وزير الدفاع يبحث مع نظيره الأمريكي جهود إرساء دعائم الأمن والسلم الدوليين    محافظ جدة يُدشّن الحملة الوطنيّة المحدودة للتطعيم ضد شلل الأطفال    الأهلي والنصر يواجهان بيرسبوليس والغرافة    وزير الاقتصاد: توقع نمو القطاع غير النفطي 4.8 في 2025    النفط ينهي سلسلة خسائر «ثلاثة أسابيع» رغم استمرار مخاوف الهبوط    بحث التعاون الاستراتيجي الدفاعي السعودي - الأميركي    المملكة العربية السعودية تُظهر مستويات عالية من تبني تطبيقات الحاويات والذكاء الاصطناعي التوليدي    يانمار تعزز التزامها نحو المملكة العربية السعودية بافتتاح مكتبها في الرياض    "السراج" يحقق رقماً قياسياً جديداً .. أسرع سبّاح سعودي في سباق 50 متراً    «سلمان للإغاثة» يدشن مبادرة «إطعام - 4»    أمير الشرقية يرعى لقاء «أصدقاء المرضى»    الشيخ السليمان ل«الرياض»: بعض المعبرين أفسد حياة الناس ودمر البيوت    عاصمة القرار    الحجامة.. صحة وعلاج ووقاية    محمد بن ناصر يدشّن حملة التطعيم ضدّ شلل الأطفال    يوم «سرطان الأطفال».. التثقيف بطرق العلاج    منتدى الاستثمار الرياضي يسلّم شارة SIF لشركة المحركات السعودية    الأهلي تعب وأتعبنا    ترامب وبوتين.. بين قمتي «ريكيافيك» و«السعودية»!    الترمبية وتغير الطريقة التي ترى فيها السياسة الدولية نفسها    الحاضنات داعمة للأمهات    غرامة لعدم المخالفة !    "أبواب الشرقية" إرث ثقافي يوقظ تاريخ الحرف اليدوية    مسلسل «في لحظة» يطلق العنان لبوستره    عبادي الجوهر شغف على وجهة البحر الأحمر    ريم طيبة.. «آينشتاين» سعودية !    الملامح الست لاستراتيجيات "ترمب" الإعلامية    بيان المملكة.. الصوت المسموع والرأي المقدر..!    الرياض.. وازنة القرار العالمي    القادسية قادم بقوة    يايسله: جاهزون للغرافة    وزير الموارد البشرية يُكرّم الفائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز في دورتها ال 12    أمين الرياض يحضر حفل سفارة كندا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    إنهاء حرب أوكرانيا: مقاربة مقلقة لهدف نبيل    وزير الاقتصاد يلتقي عددًا من المسؤولين لمناقشة مجالات التعاون المشترك    جازان تقرأ معرض الكتاب يحتفي بالمعرفة والإبداع    بينالي الأيقونة الثقافية لمطار الملك عبد العزيز    جولة توعوية لتعزيز الوعي بمرض الربو والانسداد الرئوي المزمن    جامعة نجران تتقدم في أذكى KSU    شرطة الرياض تضبط 14 وافداً لمخالفتهم نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    على خطى ترمب.. أوروبا تتجه لفرض قيود على استيراد الغذاء    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام لدولة الكويت    بموافقة الملك.. «الشؤون الإسلامية» تنفذ برنامج «هدية خادم الحرمين لتوزيع التمور» في 102 دولة    آل الشيخ: نعتزُّ بموقف السعودية الثابت والمشرف من القضية الفلسطينية    أمير نجران يكرّم مدير فرع هيئة حقوق الإنسان بالمنطقة سابقاً    جمعية الذوق العام تنظم مبادرة "ضبط اسلوبك" ضمن برنامج التسوق    تحت 6 درجات مئوية.. انطلاق اختبارات الفصل الدراسي الثاني    "كبدك" تقدم الرعاية لأكثر من 50 مستفيدًا    خبراء يستعرضون تقنيات قطاع الترفيه في الرياض    استمع إلى شرح موجز عن عملهما.. وزير الداخلية يزور» الحماية المدنية» و» العمليات الأمنية» الإيطالية    جدد رفضه المطلق للتهجير.. الرئيس الفلسطيني أمام القمة الإفريقية: تحقيق الأمن الدولي يتطلب دعم مؤتمر السلام برئاسة السعودية    انتقلت إلى رحمة الله في المنامة وصلي عليها بالمسجد الحرام.. مسؤولون وأعيان يواسون أسرتي آل زيدان وآل علي رضا في فقيدتهم «صباح»    عدم تعمد الإضرار بطبيعة المنطقة والحياة البرية.. ضوابط جديدة للتنزه في منطقة الصمان    «منتدى الإعلام» حدث سنوي يرسم خارطة إعلام المستقبل    تآلف الفكر ووحدة المجتمع    فجوة الحافلات    عبدالعزيز بن سعود يزور وكالة الحماية المدنية الإيطالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دول الخليج بين مطرقة الغلاء وسندان التضخم
الأزمة مرشحة للتصاعد
نشر في الرياض يوم 20 - 05 - 2008

يمرالعالم في الوقت الحالي بأزمة غذائية حادة تختلف عن سابقاتها تمام الاختلاف، فالسباق العالمي لم يعد محصورا في كيفية الحصول على الطاقة ولاسيما النفط، او المعادن الحيوية والمياه، وإنما صار هذا السباق المحموم يتركز بشكل كبير وخطير حول تأمين إمدادات الغذاء.
وبتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) وافق مجلس الوزراء على ترتيبات طويلة وقصيرة المدى تتعلق بتوفير السلع والمواد التموينية وضبط أسعارها في السوق المحلية والتأكيد على تطبيق الآليات الصادر بشأنها قرار مجلس الوزراء ومتابعة تنفيذها وذلك لتخفيف العبء الذي يتحمله المواطن جراء الارتفاع الكبير في أسعار المواد التموينية والسلع والمنتجات الزراعية والحيوانية.
وحث وزارة الزراعة ووزارة التجارة والصناعة إعداد دراسة متكاملة لتحديد احتياجات المملكة المستقبلية من المنتجات الغذائية التموينية بما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي للمملكة.
وطالب مجلس الوزراء وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ووزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة والإعلام ووزارة التجارة والصناعة القيام برفع مستوى الوعي والثقافة الاستهلاكية بما يحقق ترشيد الاستهلاك لدى المواطنين والمقيمين.
وأكد القرار على وزارة التجارة والصناعة التنسيق مع الجهات المعنية لبحث تخصيص أراض لإنشاء مستودعات عن طريق القطاع الخاص لخزن المواد الغذائية التموينية.
كما طالب التأكيد على وزارة الزراعة ووزارة التجارة والصناعة بسرعة رفع نتائج إجراء المسح الشامل للدول التي تتوافر لديها إمكانات وفرص للاستثمار في القطاع الزراعي والثروة الحيوانية والسمكية وإعداد تقرير شامل عن ذلك تمهيداً لعرضه على مجلس الوزراء خلال مدة لا تتجاوز (شهرين) من تاريخ نفاذ هذا القرار.
دبي - مكتب"الرياض " تقرير، علي القحيص:
؟ وطالب وزارة الخارجية إعداد صياغة نموذجية لاتفاقية إطارية في شأن الاستثمارات السعودية الخارجية في المجالات الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية بحيث تضمن توفير الحوافز والضمانات اللأزمة لتلك الاستثمارات ورفعها إلى مجلس الوزراء لاستكمال الإجراءات النظامية اللازمة وذلك خلال مدة لا تتجاوز شهرين من تاريخ نفاذ القرار.
وكلف وزارة المالية ووزارة الزراعة ووزارة التجارة والصناعة إعداد الدراسات اللازمة المتعلقة بإنشاء شركة سعودية قابضة بين القطاعين العام والخاص للتطوير والتشغيل والاستثمار الزراعي والحيواني في الدول الأخرى ورفع هذه الدراسات إلى مجلس الوزراء لاستكمال الإجراءات النظامية اللازمة وذلك خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نفاذ هذا القرار.
كما طالب مجلس الوزراء التوسع في الاستثمارات السعودية المتعلقة بالمجالات الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية خارج المملكة وعدم التركيز على دولة واحدة وتحفيز رجال الأعمال السعوديين على الاستثمار في تلك المجالات من خلال توفير التسهيلات الائتمانية والتمويل الميسر عن طريق المؤسسات التمويلية العامة وذلك بما يضمن توفير هذه المنتجات في المملكة بأسعار معقولة ويحقق الأمن الغذائي على المدى المتوسط والمدى الطويل.
و السعي لتمويل مشروعات البنية التحتية اللازمة في مناطق المواقع المخصصة للاستثمارات السعودية في المجال الزراعي والحيواني في الدول الأخرى وذلك من خلال الصندوق السعودي للتنمية أو المؤسسات التنموية الإقليمية والدولية.
ونتيجة لمحاولة العديد من دول العالم تأمين إمداداتها من الطاقة في ظل الارتفاع غير المسبوق لأسعار النفط الذي تجاوز ال 115دولارات للبرميل الواحد تم اللجوء بشكل متزايد لتحويل كميات إضافية من المحاصيل الغذائية كالذرة وقصب السكر والقمح وفول الصويا وغيرها لاستخدامات إنتاج الوقود الحيوي من دون الاهتمام بما يؤثر ذلك على الامن الغذائي العالمي، مما هيأ الامجال لبروز أزمة غذاء كبيرة سوف تطال اذا لم يتم التصدي لها مختلف مناطق العالم دون استثناء، ولا سيما بالنسبة للدول التي تعتمد في غذائها بشكل رئيسي على الاستيراد كمنطقة الخليج العربي.
ودفع هذا الواقع الخطير الكثير من الخبراء والمهتمين الى دراسة الامر بمنتهى الجدية والخطورة لما يحمله من آثار قد تكون كارثة، ليس على منطقة معينة من العالم وانما على العالم اجمع .
اسباب الأزمة وآفاقها :
ويعزو الخبراء اسباب الأزمة الحالية التي تحتاح العالم الى مجموعة من المتغيرات سواء الديمغرافية او في اسلوب الحياة بالاضافة الى المتغيرات المناخية المختلفة والتي تؤثر على المحاصيل الزراعية وكميات الانتاج.
ورغم المحاولات الكثير ة لتجاوز الأزمة الغذائية في العالم ومن اكثر من دولة او جهة عالمية دولية الا انه لا يمكن الحديث بعد عن اي تفاؤل في هذا المجال، حتى ان البعض ذهب الى القول ان الغذاء الرخيص ربما يصبح شيئا من الماضي كما الحال بالنسبة للنفط الرخيص، ويرى الكثير من المحللين والاقتصاديين ان الأزمة الغذائية الحادة التي يمر بها العالم لها علاقة كبيرة ايضا بالأزمة النفطية اي ارتفاع اسعار النفط في السوق العالمي وانعكاس ذلك على مختلف السلع والمنتجات التي لابد لها من استخدام الوقود كطاقة في الية الانتاج.
ومن يتابع مقاييس الاسعار في السنوات القليلة الماضية يلمس حجم الزيادة الكبيرة في اسعار الكثير من السلع الغذائية ولا سيما السلع الاساسية كالقمح او الرز، حتى ان بعض التقديرا تشير الى ان متوسط اسعار الغذاء ارتفع خلال الشهور القليلة الماضية بمقدار 35% وهو رقم مزعج بكل المقاييس ان يحدث خلال 3شهور. وحسب احصاءات البنك الدولي فقد ارتفعت اسعار القمح بمعدل 120% خلال السنة الماضية فقط وارتفعت أسعار القمح ايضا بمعدل 181% خلال السنوات الثلاث السابقة حتى وصل سعره الآن إلى اعلى سعر له منذ 28عاما.
اما بالنسبة للأسعار الاخرى فقد ارتفع سعر الارز خلال العام الماضي فقط بمعدل 74% ووصل الى اعلى سعر له منذ 19عاما، والصويا بمعدل 87% والحنطة بمعدل 130% والحليب ومشتقاته بمعدل 80% والذرة بمعدل 31%، وفي المتوسط ارتفعت اسعار الحبوب بمعدل 42% خلال العام الماضي، وخلال السنوات الثلاثة الماضية ارتفعت اسعار المواد الغذائية عموما في المتوسط بمعدل 83% وكل هذه الاحصاءات وفقا لما اعلنه البنك الدولي ومن ثم هي حقيقة واقعة وتنعكس بالفعل عللا العالم اجمع، والحقيقة ان ظاهرة ارتفاع اسعار الغذاء في العالم لم تعد مشكلة فحسب وانما تكاد ترتقي الى مستوى الكارثة العالمية اذا لم يتم تداركها بالسرعة اللأزمة، الامر الذي دفع بالعديد من الدول والمنظمات العالمية الى التحذير وبشدة من الاثار الوخيمة التي تحملها الايام القادمة ما لم يكن هناك تعون دولي كبير في مواجهة هذه الأزمة الخطيرة التي من شانها ان تهدد الاستقرار العالمي بشكل كبير.
تحذيرات دولية:
وفي تقرير اصدرته منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) وشارك فيه 400من الخبراء الدوليين على مدى ثلاثة سنوات لخص التقرير اسباب الأزمة قائلا انها تعود الى ازدياد الطلب على الاغذية في الهند والصين والتوسع في انتاج الوقود العضوي المستخدم عوضا عن البترول وارتفاع اسعار النفط تمثل بعض العوامل التي تقف وراء ارتفاع اسعار المواد الغذائية".
الا ان هذه الاسباب لا تكفي في الواقع لتقبل هذه الفكرة على انها السبب الوحيد حيث يرى الخبراء ان هناك اسباباً اخرى كثيرة ومن بيتها ايضا ازمات سوق المال العالمية وازدياد المضاربة على السلع الغذائية كما هو الحال بالنسبة للبترول والذهب.
وفي تصريح يحمل الكثير من التشاؤم يقول يواكيم فون براون مدير عام المعهد الدولي لأبحاث سياسات الغذاء "بأن مخزون الحبوب العالمي الذي يستخدم لمكافحة المجاعات في العالم انخفض لأقل مستوى منذ الثمانينيات"، وفاقم من الأمر ارتفاع معدلات الطلب على السلع الغذائية بشكل عام، نظرًا لتحسن المعيشة في عدد من دول العالم وارتقاء بعض الاقتصادات إلى مصاف الدول المتقدمة نسبيًا، فضلاً عن ارتفاع معدلات النمو السكاني.. وبالتالي أصبح العالم يستهلك أكثر مما ينتج، ويرى براون ان هذا الواقع أدى إلى ارتفاع الأسعار وفقا لمعادلة العرض والطلب. كما أدت العلاقة المتداخلة والمتشابكة بين السلع الغذائية (نباتية وحيوانية) إلى بروز مشكلة جوهرها: ان النقص في إنتاج إحداها يسبب نقصا في إنتاج الأخرى.
ويرى التقرير انه مع نقص الصويا عالميًا من 15مليون طن عام 2006إلى خمسة ملايين طن في 2007، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الذرة بنسبة 42%، والحبوب الزيتية بنسبة 44%، كان من الطبيعي أن ترتفع أسعار الإنتاج الحيواني، ومن ثم نقص حجم الغذاء ذي الأصل الحيواني.
ويوضح براون ايضا ان الاحتباس الحراري دورًا هو الاخر في ندرة المصادر المائية الطبيعية التي هي العماد الرئيسي للنشاط الزراعي، مما تسبب في حدوث حالة من الفقر الزراعي في العديد من أنحاء العالم، ومنها البرازيل التي قلت فيها المراعي، فضلاً عن دول الشرق الأوسط، ولم تقتصر الأزمة الغذائية على الدول الفقيرة فحسب وإنما بدأت الظاهرة تأخذ ملامحها في الدول الصناعية مثل إيطاليا واليابان، كما ارتفعت أسعار الغذاء في الولايات المتحدة بنسبة 4% العام الماضي، وهي النسبة الأعلى منذ عام 1999، كما يتوقع أن ترتفع إلى مستويات عالية هذا العام وفقا لإحصائيات وزارة الزراعة الأمريكية.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية تهديدا لاستقرار العديد من البلدان النامية، ولجهود مكافحة الفقر.
وقال مون إن غلاء المواد الغذائية الأساسية "سيعيدنا إلى نقطة الصفر" في مساعي مكافحة الفقر، واعتبر مبعوث الأمم المتحدة المكلف بشؤوون الغذاء جان زيجلر من جهة أخرى، أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العالم سيؤدي إلى وقوع "مذبحة جماعية صامتة."
ويبدي الكثير من النتابعين للأزمة الغذائية في العالم قلقا شديد زاء هذه الأزمة حيث يقول أستاذ مادة علم الاجتماع السويسري لصحيفة الكوريير آم زونتاغ النمساوية: "إن الجوع ليس تحت السيطرة منذ مدة"، وإنه يميل إلى الاعتقاد أن من يرى غير ذلك مصاب "بالجنون".
واتهم زيجلر العولمة وسياسة "احتكار الثراء في الأرض" بالمسؤولية عما سماه "العنف البنيوي".ويضيف لدينا قطيع من من متعاملي البورصات ومن المضاربين ومجرمي المال الذين ازدادوا شراسة وأنشأوا عالما من اللامساواة والفظاعة، ويوضح ايضا أن الوقود الحيوي الذي يستخلص من النبات، والمضاربة في الأسواق والمساعدات التي يمنحها الاتحاد الأوروبي للصادرات مسؤولة عن تجويع جماعي للبلدان الفقيرة وتتزايد المخاوف حدة يوما بعد يوم من انعكاس الأزمة الغذائية في العالم على الاستقرار العالمي، حيث أعربت المتحدة عن اعتقادها في قيام انتفاضة الجياع، بسبب ارتفاع اسعار الغذاء في العالم وقال برنامج الغذاء العالمي ان 100مليون شخص في انحاء العالم في حاجة الى المساعدات الغذائية بسبب ارتفاع الاسعار.
وفي اطار المساعي التي تقوم بها الامم المتحدة لمكافحة هذه الأزمة الخطيرة يعمل مسؤولو الهيئات، والمؤسسات التابعة للامم المتحدة وبقيادة بقيادة الامين العام للمنظمة الدولية با كي مون على التخفيف من آثار الارتفاع الحاد في اسعار المواد الغذائية وللحيلولة دون تفاقم تناقص الغذاء الا ان الكثير من المراقيبي غير متفائلين بتفادي هذه الأزمة الكبيرة خلال زمن قصير لا سيما في الدول الفقيرة التي تفتقر الى الامكانيات المادية والتقنيات الحديثة والعلمية المختلفة وحسب تقارير الامم المتحدة فن النقص في الحبوب والبقول والزيوت يهدد حياة الملايين في عدد كبير من دول العالم خاصة افريقيا. وتتوقع تقارير دولية أن يواجه نصف سكان الكرة الارضية مصاعب غذائية كبيرة خلال الشهور المقبلة، بعد ما وصل الغلاء الى أسعار الرز، وهو العنصر الرئيس الذي يغذي أكثر من 3.3بلايين نسمة حول العالم، وما يزيد من المخاوف، احتمال قفز هذه الاسعار في العالم على نحو لا يستطيع معه أكثر من بليون نسمة من فقراء آسيا وافريقيا واميركا الجنوبية شراءه، ووفقاً لمنظمة الزراعة والأغذية الدولية، "الفاو" فإن أسعار المواد الغذائية ارتفعت حول العالم 45بالمئة خلال الأشهر التسعة الأخيرة، وبالتأكيد فإن ذلك يشكل معضلة حقيقية.، وكما هو واضح فإن دول العالم الثالث ستتحمل وزر هذه الأزمة، التي يبدو انها مرشحة للتصاعد، ويعتقد بعض الخبراء في هذا المجال ان تزايد إقبال الطبقة الوسطى في المدن الآسيوية وخاصة المدن الهند والصين على استهلاك اللحوم ومنتجات الألبان يؤدي إلى تضاؤل مساحة الأراضي المخصصة لزراعة الرز، اضافة الى عوامل اخرى مثل سوء الاحوال الجوية كحدوث الفيضانات في بعض مناطق العالم وآثار ظاهرة الانحباس الحراري الاخرى.
أزمة الغذاء قد تولد أزمات أخرى:
ويتوقع مدير منظمة الزراعة والأغذية الدولية "الفاو" جاك ضيوف أن تنتشر مظاهر عدم الاستقرار حول العالم مع إنفاق معظم الناس لاكثر من نصف رواتبهم لتأمين لقمة العيش، وتدخل في هذا الإطار معظم أرجاء قارة أفريقيا وأقسام واسعة من الشرق الأوسط حيث لاتزال معدلات الفقر مرتفعة، ويضيف انه : " من الطبيعي ألا يجلس الناس ساكنين، وهم يتضورون جوعا. انه سيتحركون"، وبالفعل وكما توقع ضيوف فان اندونيسيا والفليبين وهاييتي شهدت (اعمال شغب) بسبب الغذاء .
وتشير تقارير الامم المتحدة الى ان اكثر من 30دولة نامية معرضة للاضطرابات والقلاقل بسبب تفشي الفقر والجوع ودعا باسكال لامي رئيس منظمة التجارة العالمية إلى إعادة النظر في كيفية تقديم المساعدات إلى الدول الأفقر في العالم.
وقال إن الزيادة الحادة في أسعار الغذاء تفرض تركيز الاهتمام أكثر على تطوير الزراعة في العالم الثالث بدل تقديم المعونات الغذائية لدوله.
وقال لامي إنه يعتقد أنه يمكن بعد سبع سنوات من المفاوضات ضمن جولة الدوحة التوصل إلى صفقة جديدة تهدف إلى أن تكون التعاملات التجارية أكثر حرية وعدلا بالنسبة لدول الأشد فقرا في العالم.
اصوات دولية تحذر من الأزمة:
وحذر اثنان من زعماء امريكا اللاتينية من الآثار السلبية لانتشار انتاج الوقود العضوي على أزمة الغذاء في العالم، حيث اشار الرئيس البوليفي ايفو موراليس في كلمة له في الامم المتحدة الى ان انتشار انتاج هذا الوقود قد الحق الضرر بأفقر دول العالم.
كما ضم الرئيس البيروفي الان غارسيا صوته الى صوت موراليس وقال ان انتاج هذا الوقود على نطاق واسع ادى الى تخصيص مساحات كبيرة من الاراضي الزراعية لهذه الغرض مما جعل الغذاء بعيدا عن متناول الفقراء.
ويقول انصار حماية البيئة ان استخدام الوقود العضوي بدلا من الوقود العادي سيساهم في الحد من الاحتباس الحراري.
لكن مع ارتفاع اسعار الغذاء في العالم فان التوسع في انتاج الوقود العضوي سيؤدي الى تخفيض انتاج السلع الغذائية الاساسية. وقد تعرض الاتحاد الاوروبي الى انتقادات بسبب الخطط التي اعتمدها لاستخدام الوقود العضوي في 10بالمائة من عمليات النقل الطرقي بحلول عام
2020.دعا تقرير اصدرته منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو الى اجراء تغييرات عاجلة في طرق انتاج الاغذية للتغلب على مشكلة ارتفاع الاسعار التي تهدد بافقار الملايين من البشر، واوصى التقرير باعتماد اجراءات افضل لحماية الموارد الطبيعية وباستخدام سبل زراعية اكثر موائمة مع البيئة مثل الاعتماد على الانتاج المحلي عوضا عن استيراد المحاصيل من اماكن بعيدة.
كما اوصى باستخدام السبل الزراعية الطبيعية التي لا تضر بالبيئة. وتقول اليونسكو إن زيادة الطلب على الاغذية في الهند والصين والتوسع في انتاج الوقود العضوي المستخدم عوضا عن البترول وارتفاع اسعار النفط تمثل بعض العوامل التي تقف وراء ارتفاع اسعار المواد الغذائية. ويقول التقرير إن ارتفاع اسعار النفط قد زاد من تكلفة النقل والانتاج الزراعي من جهة وادى من جهة اخرى الى زيادة انتاج المحاصيل المستخدمة في انتاج الوقود العضوي. ويقول إن زيادة انتاج الوقود العضوي من شأنه رفع اسعار المواد الغذائية وتقويض قدرتنا في القضاء على الجوع في العالم، كما يحذر من ان مناطق شاسعة في وسط وغربي القارتين الافريقية والآسيوية تعاني من شح في الموارد المائية، وهو ما دفع العديد من المنظمات الى التحذير من مجاعات حقيقية ولاسيما في الدول الفقيرة وخاصة في افريقيا، حيث حذرت مؤسسات عربية وعالمية من أن تضيف هذه الأزمة أكثر من 200مليون طفل إلى لائحة الأطفال الذين يعانون من المجاعة حول العالم، ويزيد عددهم على 800مليون طفل.
ونقلت مصادر صحفية عن رئيس مؤسسة "إنقاذ الطفل" العالمية تشارلز ماكورماك، أن تخصيص الولايات المتحدة 200مليون دولار لحل أزمة الغذاء لا يكفي لمعالجة هذه المشكلة الضخمة.
وكانت دانا بيرينو المتحدثة باسم البيت الأيبض قد أعلنت إن ما يقدر ب 200مليون دولار من المساعدات الغذائية العاجلة ستكون متاحة من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" وستعالج هذه المساعدة تأثير الارتفاع في أسعار السلع وستستخدم للوفاء بالاحتياجات للمساعدات الغذائية غير المتوقعة في أفريقيا وأماكن أخرى.
واذا توقفنا بشكل خاص عند منطقة الخليج التي تعتمد بشكل رئيس على استيراد معظم اغذيتها من الخارج، نرى ان الصورة تبدو اكثر قتامة مع استمرار أزمة الغذاء العالمية وحذرت تقارير ومؤسسات دولية دول الخليج، من استمرار اعتمادها على استيراد المواد الغذائيةفي ظل، مطالبة دول المنطقة بالعمل على خفض وارداتها الغذائية التي تصل إلى 90في المئةمن قيمة فاتورتها السنوية المقدرة بنحو 10بلايين دولار. وتوقعت نسبة نمو مرتفعة في ظل الزيادة المضطردة في عدد سكان المنطقة وارتفاع دخل الفرد، ما يضاعف معدلات النمو. ودعا خبراء إلى "إستراتيجية عربية مشتركة لمواجهة المشكلة في السنوات المقبلة"، وإلى تبنّي تقنيات متطورة ومعدّات وآلات وخبرات وتوفير استثمارات للقطاع الزراعي المحلي وتجدر الاشارة هنا الى ان دول الخليج العربية تعاني بشكل ملحوظ من الاعتماد المتزايد على استيراد المواد الغذائية والعجز عن التوسع في الزراعة بسبب شحّ موارد المياه، ما دفع أكبر دولة في المنطقة وهي السعودية إلى التوقّف عن زراعة القمح، لتوفير موارد المياه لتلبية متطلبات التنمية القطاعات الأخرى النامية بقوة، مثل القطاعات العقارية والسياحية.
وتزداد الأزمة خطورة اذا ما اخدنا بعين الاعتبار التضخم الاقتصادي الذي تشهده العديد من الدول الخليجية والتزايد المستمر في عدد السكان سواء غنطريق الزيادة الطبيعية، او ازدياد عدد القادمين الى دول الخليج بحثا عن فرص عمل افضل وحققت الاقتصادات الخليجية في الأعوام 2006و 2007أعلى معدل للنمو في العالم، باستثناء الصين والهند، حيث سجلت دول الخليج معدلات نمو غير مسبوقة في هذين العامين تراوحت بين 6% و7%. ومع ارتفاع مداخيل هذه الدول بسبب الزيادة غير المسبوقة في أسعار النفط وانخفاض قيمة عملاتها الوطنية مع تراجع سعر الدولار، ولذلك بات التضخم يشكل تحديا كبيرا لدول المنطقة، وتهديدا للتنمية.
ومؤخراً زاد معدل التضخم السنوي من وطأته في السعودية بعد أن أفصحت الأرقام الرسمية الحديثة الصادرة عن مصلحة الإحصاءات العامة عن ارتفاعه إلى 8.6% حتى فبراير "شباط" الماضي، فيما تشير الاحصاءات الى ارتفاع نسبة التضخم مؤخرا الى حوالي 9%، ويعزو الخبراء التضخم في منطقة الخليج الى اسباب عديدة ابرزها تراجع قيمة الدولار في الاسواق العالمية ومع تزايد الازمات الاقتصادية العالمية ولا سيما فيما يتعلق بالغذاء يصبح من الضروري البحث عن وسائل جدية لمعالجة انعكاسات الاوضاع الاقتصادية العالمية على دول الخليج بشكل جماعي لا سيما وان الازمات الاقتصادية اذا ما استفحلت لن تطال بلدا بعينه وانما قد تشمل الدول جميعها..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.