عبدالله المغلوث الاقتصادية - السعودية قرر المهندسان ويليام هوليت ودايفيد باكارد، أن يؤسسا شركة إلكترونيات في الأربعينيات. اتفقا على كل شيء سوى اسم الشركة. هل تكون هوليت وباكارد أو باكارد وهوليت؟ اختلفا تماما. بعد نقاش قصير رأيا أن القرعة هي الخيار العادل. قذف هوليت عملة معدنية عاليا في الهواء وهبطت على الأرض منحازة لباكارد. تقرر أن تتم تسميتها باكارد وهوليت. هنا التفت باكارد معترضا قائلا: لن أجعل اسمي يتقدم عليك. ستكون باسم هوليت وباكارد. فأنت الأفضل. لا أتخيل أن أتقدم عليك يوما ما. هنا انهار هوليت. بكى طويلا. ثم نهض ليعانق صديقه باكارد ممتنا لمبادرته الاستثنائية. انطلقت هذه الشركة عام 1947 بالدموع. واستمرت في التقدم والصعود. بدأت بالأدوات الزراعية، ثم المعدات الإلكترونية المساندة. كونت اسما جيدا بين المزراعين تجعلها تستطيع أن تحصل على قروض مصرفية للتوسع. تعاونت مع جامعة ستانفورد التي تخرجا فيها لتطوير بعض الأجهزة الإلكترونية. تحولت شركة هوليت وباكارد من شركة إلكترونيات تستهدف المزارعين إلى أخرى تستهدف الجميع. صنعت حاسبات آلية وأدوات إلكترونية صغيرة. دخلت عوالم جديدة وأسواقا كبيرة. تعرضت الشركة لخسائر فادحة بسبب أخطاء ارتكبها باكارد. قرر المساهمون إعفاء باكارد من مهمته كمدير تنفيذي. لكن هوليت رفض مستذكرا دوره المحوري في التأسيس وإيثاره بأن يكون اسمه الثاني وليس الأول. اصطدم هوليت بأعضاء مجلس الإدارة وتمسك بباكارد، لكن عين مساعدين تنفيذين جديدين ساعدا مع استراتيجية جديدة على عودة الشركة إلى جادة النجاح. سجلت الشركة قفزة كبيرة عبر التركيز على طابعات الليزر وأجهزة المسح الضوئي متعددة الاستخدام في الثمانينيات. حققت مبيعات ضخمة. تعاقدت معها كبريات الجامعات والشركات حول العالم. مَنْ منا لا يعرف اليوم شركة HP (اختصارا للحرفين الأولين بالإنجليزي) من اسمي: هوليت وباكارد. إن هذه الشركة العملاقة ثمرة لدموع امتنان سكبت في البداية. الكبار وحدهم مَن يضحون. لا تتضاءل الجبال عندما نتسلقها. تظل شامخة عالية. تفرح عندما نمسكها. تذرف حجرة حجرتين امتنانا وحبا.