مال الاقتصادية - السعودية مع الارتفاع المتزايد في نسبة استهلاك الكهرباء في المملكة العربية السعودية قرر مجلس الوزراء السعودي في عام 1431ه بتحويل البرنامج الوطني المؤقت لإدارة وترشيد الطاقة بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية إلى مركز وطني دائم باسم (المركز السعودي لكفاءة الطاقة). ومن أهم أهداف المركز وضع برنامج وطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، تطوير السياسات واللوائح المنظمة لاستهلاك الطاقة و تعزيز الوعي الاجتماعي حول هذا الموضوع. حسب التصريحات الحكومية فإن قطاع المباني في السعودية يستهلك 80% من الطاقة الكهربائية يذهب 70% منها للتكييف، لذلك كانت أول حملة قام بها مركز كفاءة الطاقة هي حملة "لتبقى" والتي تهدف لنشر الوعي بأهمية ترشيد استهلاك الطاقة، وتغيير النمط الاستهلاكي المتزايد للطاقة عن طريق تحفيز المستهلك بتبديل أجهزة التكييف ذات الكفاءة المنخفضة إلى أجهزة أكثر كفاءة. الحملة الثانية انطلقت في أكتوبر الماضي تحت مسمى "الفرق واضح" ولازالت مستمرة حتى الآن، تهدف الحملة إلى توعية المواطن بأهمية العزل الحراري للمباني والآثار الإيجابية المترتبة على استخدامه، حيث أن استخدام نظام العزل الحراري يؤدي إلى خفض استهلاك الطاقة الكهربائية في المباني بنسبة تصل إلى 40% من استهلاك المكيفات الكهربائية للطاقة. ربما يعتقد البعض بأن هذه الحملات التي قد يُطلق عليها أيضاً "السياسات الغير سعرية" لن تُساهم في خفض استهلاك الكهرباء بحجة أن هذه المبادرات تحتاج إلى وقت طويل حتى تظهر ثمارها، وأن الحل الأمثل لحل مشكلة الاستهلاك المفرط للطاقة هي فقط في "السياسات السعرية" التي تتضمن رفع الأسعار أو تخفيض الدعم. ماذا بعد حملات الترشيد؟ من وجهة نظري أرى أن نشر ثقافة ترشيد الطاقة الآن عبارة عن "سياسة غير سعرية" تمهيداً ل "السياسة السعرية" التي سنحتاج إلى تطبيقها في المستقبل القريب، والجدير بالذكر أن الظروف الحالية لن تسمح بتطبيق "السياسة السعرية" حتى يحقق برنامج كفاءة الطاقة غايته في أن يصل وعي المواطنين إلى درجة تمكنهم من استيعاب حجم المشكلة التي تواجهها السعودية من الاستهلاك المتنامي في النفط، بعد ذلك سيكون الحل الأمثل والأخير هو رفع الأسعار وتخفيض الدعم. كلمة أخيرة: قبل أن تغضب أو تُعارض على سياسة رفع الأسعار فكر في حجم الاستنزاف المفرط الذي نحن عليه الآن، فكر في مستقبل الأجيال القادمة، فكر مراراً وتكراراً أننا نستهلك مورد اقتصادنا الوحيد بدون عقلانية، ولو بقيت الأسعار كما هي عليه الآن لن يحفزنا نحن كمستهلكين لخفض استهلاكنا وعلى قول المثل "أبو رخيص كثر منه". باحثة دكتوراه في أمن الطاقة Sam_Tardi@