عكاظ - السعودية كنت، يوم الخميس الماضي، في مشاركة تلفزيونية عن تصاعد حدة العنف المرتكب في حق النساء والأطفال. وكانت الضيفة المشاركة زوجة وأما لسبعة أطفال تعرضوا حسب كلامها لعنف لا يوصف من الزوج الذي يضربها حتى وهي نائمة. وبقدر ما تشغلني هذه القضية الاجتماعية الخطيرة، بقدر ما تثير عندي الكثير من الأسئلة عن تلك القوانين المتعلقة بهذا الموضوع وغيره. تلك القوانين التي وصفتها بالنائمة، وربما كان يجدر بي أن أصفها بالميتة؛ لأن القانون لا يكون كائنا حيا، محسوسا وملموسا، إلا إذا طبق وآتى ثماره على أرض المجتمع. الآن المرأة والأطفال المعنفون يئنون تحت وطأة متغيرات اجتماعية وأسرية عديدة تفرضها ظروف ومتغيرات حياتنا. وهم نساء وأطفالا يلجأون إلى جهات ومؤسسات عديدة تتقاذفهم فيما بينها، إما تراخيا وتهاونا، وإما اختلافا فيما بينها على جهة الاختصاص التي تنصر هؤلاء المظلومين والمعذبين بشكل يومي. لقد أصبحت المسألة ظاهرة واضحة جدا، بل يبدو أنه من شدة استفحالها وظهورها أصبحت مسألة يتساهل أولياء الأمور في اقترافها لتفريغ شحناتهم النفسية المضطربة لهذا السبب أو ذاك. وما يجرئهم على هذا الاقتراف للعنف، في حق أقرب الناس إليهم، أنهم يخرجون بعد كل شكوى كالشعرة من العجين؛ لأن تبرير خروجهم والتهاون مع جرائمهم جاهز، وهو أنهم مرضى نفسيون لا يؤاخذون بما يفعلون ويرتكبون. وهذا بصراحة بالغة هروب كبير من المسؤولية نحمله لجهات وجمعيات الحماية من الإيذاء وحقوق الإنسان، حتى لو حاولت، عبر بيانات إعلامية متوالية وفارغة، أن تتملص منه. مرتكبو العنف، بشكل جلي، مجرمون يستحقون العقاب على جرائمهم. وإذا كانوا مرضى نفسيين، أو كان بضعهم كذلك، فلننشئ لهم مصحات معالجة تعزلهم عن أسرهم وتعالجهم بالطريقة المناسبة، التي يعالج فيها كل مريض نفسي. أما أن نترك حبل هذا العنف المستشري على غاربه لحجج نفسية، فإننا سنشهد تزايدا في نسب المعنفات والمعنفين الذين لا نصير واضحا لهم إلى الآن. ولذلك، من المفترض أن تتحقق الآن إرادة مجتمعية حقيقية توقظ قوانين مكافحة العنف من سباتها وتعيدها إلى الفعل الصحيح على الأرض. ومن المهم جدا، ونحن نكون هذه الإرادة، أن نقلع، كل من موقعه، عن عاداتنا في التبرير والتسويف وإلقاء المسؤوليات على أكتاف الآخرين. هذا إذا أردنا فعلا أن نوجد مجتمعا صحيا يشعر كل أفراده أنهم محميون بقوانين صارمة ورادعة. وما عدا ذلك مرة أخرى هو نفخ في الهواء وكلام يؤخر ولا يقدم.