الاقتصادية - السعودية تكلم الرجل عن خطر الربا وضرورة أن يحافظ الإنسان على ماله من فساده، فهو ماحق الرزق. تأثر صديقي بكلام الرجل، فتوجه إليه يسأله عن صندوق استثماري يضع فيه أمواله لحين "عوزة"، فقال الرجل هو عين الربا. توجه صديقي صباح اليوم التالي ليسحب 300 ألف كان يضعها في الصندوق الذي ظنه "إسلاميا" وأصر على مدير الصندوق أن يسحب أمواله خشية الربا الذي أكده له أحد العالمين بحال الصندوق. غضب مدير الصندوق وسأل صاحبي من الذي قال لك إن الصندوق ربوي، فرفض صاحبي أن يجيبه، لكن مع الإصرار وبناء على العلاقة التي تربط الرجلين، أجابه صديقي بأنه فلان. أخذ مدير الصندوق صاحبي إلى غرفة مجاورة وسأله بالله ألا يفشي المعلومة التي سيطلعه عليها لأحد، ثم فتح شاشة أحد أجهزة الحاسب وعرض عليه اسم الرجل الذي كان يفتي بحرمة الصندوق بالأمس؛ وإذا به مساهم في الصندوق بأكثر من عشرة ملايين ريال. توجه صاحبي لمن أفتاه وسأله بعصبية: لماذا قلت لي إن الصندوق حرام وأنت مساهم فيه؟ فرد عليه الرجل بكل برود أنت سألتني هل هو ربوي أم لا، ولم تسألني هل أنا مساهم فيه. العبرة من "الحدوتة" هي أن تسأل السؤال الصحيح عندما تريد معرفة الواقع. عبرة أخرى هي ألا تتبنى كل ما يقال لك وتبدأ في التبرير للآخرين إن كنت لا تعلم واقع حالهم. كتبت مقالي هذا ليس لأحدد هل الاكتتاب في مصرف ما جائز أم لا، فلست أهلا لذلك. ولكن لأقول للقارئ الذي وصلته رسالة المصارف التي رفضت استقبال الاكتتاب في البنك الأهلي، لتوحي للناس بأنها مصارف خيرية أو "إسلامية". هذه المصارف حققت في نصف العام ما يقارب ستة مليارات ريال من الأرباح، أمر دعاني للتفكير في كيفية دفع كل التزامات المصرف من رواتب وتكاليف الخدمات والمنشآت والرسوم وما إليها ثم تربح 12 مليار ريال في العام. الادعاء بإسلامية المصرف أمر سهل، لكن من يعلم حجم المبالغ التي تتداولها المصارف وحركتها في الأسواق وعلاقتها بالمصارف العالمية والبنك المركزي وإيداعاتها في المصارف الدولية، يعلم أنه لا يمكن لمصارف كهذه أن تلمح حتى لإسلاميتها.