الراية القطرية منذ حروبهم الستة على حكومة علي عبد الله صالح والحوثيون يتحرّكون كأراجوز بيد صانع السياسة الإيراني، وبعد مغادرة المخلوع للسلطة صاروا يتحرّكون وفق إرادة أكثر من لاعب يوجّه حركتهم، ما جعل أداءهم في المفاوضات مع الحكومة اليمنية مرتبكًا، واتخاذ قراراتهم بشأن ما يتفاوضون فيه بطيئًا، وهذا شيء متوقع كون مشاوراتهم مع أكثر من مرجعية لن تكون بسرعة مشاوراتهم مع مرجعية واحدة، السؤال: ماذا لو أسقط الحوثيون النظام وهم يُحاصرون العاصمة صنعاء ويتبادلون إطلاق النار مع القوات الحكومية المدافعة عنها، ما الذي سيحدث لو احتلوها بالفعل وأسقطوا النظام الحاكم ؟! لو حدث هذا فهناك أكثر من فرضية ستشكّل مستقبل اليمن، الفرضية الأولى: أنه قد يستتب الأمن والاستقرار للحوثيين فتطيعهم باقي المدن والمحافظات، ويبدؤون بإدارة شؤون الدولة باسمهم أو باسم المخلوع أو من يمثله وهذه فرضية مستحيلة، الفرضية الثانية أن يُجَابهوا بجيوب مقاومة هنا أو هناك لكنهم سرعان ما يقضون عليها، كما استطاعوا القضاء على القوات التي قاتلتهم وهم يُحاولون الاستيلاء على صنعاء، ومن ثم يستتب لهم الأمر وهذه فرضية شبه مستحيلة أيضًا !. واقع الحال أن الدماء حين تراق فلا مكان للنهايات السعيدة على أرض الواقع، وما يرجوه المتآمرون على اليمن ليس كتابة سيناريو فيلم سينمائي يشكّلون أحداثه كما شاؤوا، الوضع جد خطير خاصة في بلد كاليمن تعداد قطع السلاح فيه أكثر من عدد السكان، وهو ما يعني أن النهاية ستكون مأساوية بكل المقاييس، ما سيحدث لو استولى الحوثيون على السلطة سيجعلنا نرى استنساخًا للمشهد السوري بكل تداعياته المُرة، سنرى على سبيل المثال: "حركة الإصلاح" تجرّد جيشًا لمقاومة الحوثيين أشبه بالجيش السوري الحر، وسنرى للسلفيين الموتورين في "دماج" وما حولها ميليشا تقاتل الحوثيين في مناطقهم، أما قبائل الجوف وباقي القبائل اليمنية (السنيّة) فسيكون بعضها مع الجيش اليمني الحر والبعض الآخر مع تنظيم القاعدة الذي سيظهر باسم: "دولة الخلافة الإسلامية - ولاية اليمن"! ومثلما سنرى قوة ضاربة لما يمكن اعتباره الجيش اليمني الحر، فسنرى قوة أكبر لتنظيم (داعش) اليمني، الذي سينمو بشكل غير متوقع، حيث سيكون بمقدوره تشكيل قوة ضاربة لا تقل عن قواته المتواجدة في العراق والشام، لا سيما أن الجغرافيا اليمنية مفتوحة على مضيق وبحرين ومحيط، ما سيتيح لمناصري التنظيم التدفق على اليمن من الصومال ومصر والسودان وإرتيريا والحبشة ودول المغرب العربي وأفغانستان وباكستان وغيرها من دول العالم، ولو تشكّلت هذه القوة فستهدّد دول الجوار بلا استثناء خاصة المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وتضاريس اليمن الجبلية ستجعل مقاتلة التنظيم هناك أصعب من مقاتلته في العراقوسوريا، إضافة إلى أن تفاقم الصراع سيزيد أنصار التنظيم من الداخل اليمني! . لنتذكر جيدًا كيف أخذ "تنظيم الدولة الإسلامية" يكبر في سوريا، في ظل تأخر الدعم العربي للجيش السوري الحر، لتوجّس قرب فصائله من "الإخوان" ما أتاح بشكل غير مباشر لقوات التنظيم بدخول سوريا والتمدّد على حساب الجيش الحر، وقد يكون دعم الحوثيين من بعض القوى لإضعاف حركة الإصلاح (الإخوانية) على حساب دعم غير مباشر لعدو أكبر وأخطر، ووصول الحوثيين للسلطة - لو حدث - سيكون بداية حرب أهلية وليس نهاية الحفلة وإسدال الستار، وهو ما يعني أن تمدّدهم سيجابه بتمدّد مضاد من تنظيم الدولة الإسلامية، وحينئذ سيكون الداعم كمن: "هج من قوم وطاح في سريّة"! twitter: @almol7m