الوطن - السعودية حين تأوي إلى فراشك، بعد أن تشاهد مقطعا يقتل فيه "مجاهدو داعش" – بدم بارد وعقول ذات لوثات 1500 شخص لا حول لهم ولا قوة، وبطريقة بشعة جدا؛ إذ يساقون إلى الموت جماعات، فيكبون على وجوهههم، مقيدين في قبرهم الجماعي، ثم يبدأ إطلاق النار عليهم، في أبشع صورة يمكن أن يراها إنسان، فيما يُقتل آخرون فرادى على حافة النهر، فيُؤتى بهم "ضحية" بعد "ضحية"، كما تُقتاد الخراف في صبيحة "أضحى"، ويقتل كل منهم برصاصة، يسبق إطلاقها "تكبير"، ثم يُلقى في النهر، قبل أن يلفظ النفس الأخير، وتَرى اللاحق منهم يشهد "قِتلة" السابق، فتخلط الدماء، وتهون الحياة، ويصبح "الدين" دما وانتقاما وقتلا واستهانة بالحياة بوصفها قيمة، وسببا في "استخلاف الله الإنسان في الأرض"، فإنك ستتذكر حتما قول الشاعر: "خشن الفراش عليّ وهو وثير". وحين تأوي إلى فراشك، بعد أن تربط هذا المشهد بأقوال "تويترية" مخزية، خارجة على الأديان كلها، وعلى القيم جميعها، ومن ذلك تغريدة لأحد المحرضين المشهورين، ينصح فيها إخوانه المجاهدين الذين يراهم أفضل منه بعدم تصوير مشاهد القتل، لئلا تتشوه أمام العالم صورتهم "النااااصعة" في عينيه وعيون أمثاله فقط، وكأنه يقول: اقتلوا العزّل وغير المحاربين بصمت، ودون "شوشرة" عليكم، وعلى محرضيكم "الكبار"، فإنك ستردد: حسبنا الله ونعم الوكيل.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. حسبنا الله ونعم الوكيل عليك، وعلى أتباعك و"ملمّعيك"، ومبرري "سقطاتك" بغير إحسان إلى يوم يُبعثون، وستتذكر حتما قول الشاعر: "خشن الفراش عليّ وهو وثير". وحين تأوي إلى فراشك، بعد أن تشاهد مقطعا يضرب فيه مديرُ دار خيرية لرعاية الأيتام، أطفالَ الدار، بعنف يشبه الانتقام، حيث الركل والشتم والإهانة والضرب التعذيبي، لا العقابي، ولا التأديبي، وهم يتوسلونه منادين إياه ب"يا بابا"، وأنت تعلم أن جريمتهم هي: فتح الثلاجة، أو مشاهدة التلفزيون، وتدرك أنهم "أيتام" لا ملجأ لهم، ولا أحضان تضمهم، فإنك ستتذكر حتما قول الشاعر: "خشن الفراش عليّ وهو وثير". وحين تأوي إلى فراشك، بعد سيل من رسائل "واتس آب" المتطرفة والمحرضة والحزبية والعنصرية والمصادِرة والمشوِّهة لكل جميل في عينيك، وأنت تدرك بعد تأمل وإطالة نظر أنه ليس في هذه الرسائل المدبجة "المفخخة" من الصدق سوى ادعائه، وتعلم يقينا أنها جزء من عملية كبرى هدفها "صناعة الاحتقان"؛ تمهيدا لدولة الأحلام الشبيهة ب"داعش" في المرجعيات والنتائج، فإنك ستتذكر حتما قول الشاعر: "خشن الفراش عليّ وهو وثير". حين تأوي إلى فراشك، بعد بعض هذا، أو كله، أو أكثر منه، فإنك ستكتئب، ولن تنام، ولن تكون منتجا، ولن ينهض بك مجتمع، أو يتقدم وطن!.