وزراء خارجية جمهورية العراق وتركيا يصلون إلى الرياض    استشهاد فلسطينيين وسط قطاع غزة    اليوم في الرياض اجتماع وزاري بشأن سوريا    جدل بين النساء والرجال والسبب.. نجاح الزوجة مالياً يغضب الأزواج    5 طرق لضبط مخاطر مرض السكري    «سلمان للإغاثة»: تنفيذ مشروع تشغيل بنك الدم الوطني في الصومال    40 شاعراً وأديباً من 15 دولة يشاركون في «فرسان الشعري»    كلاسيكو الأرض.. ذهب يضيء في «الجوهرة»    خبير أرصاد: بدأنا موسم «الرياح الماكرة»    تجمعات مياه السيول في شوارع شرق مكة تنتظر التدخل    10 مليارات لتفعيل الحوافز المعيارية للصناعيين    أمير القصيم يشكر المجلي على تقرير الاستعراض الطوعي المحلي لمدينة بريدة    نجوم لبنان يتنفّسون الصعداء ويحتفلون بانتخاب الرئيس    اعتداء على فنان في سورية يستفز ممثلة داعمة للثورة.. لا نريد شبيحة جدداً    حساب المواطن: 3.1 مليارات ريال لمستفيدي دفعة يناير    في ختام الجولة ال 16 من دوري" يلو".. الطائي يستضيف أبها.. والعين يواجه الفيصلي    الزعيم العالمي خماسية وصدارة.. الفيحاء يفرمل العميد.. السكري يسدد فاتورة الكأس    خادم الحرمين يتلقى رسالة من رئيس السنغال    تحية لسالم الدوسري    الأدوار في الحياة    صندوق التنمية السياحي يختتم مشاركته في ملتقى السياحة    وفاة والدة فهده بنت فهد آل سعود    30 يومًا لهوية مقيم للخروج النهائي    أضواء الحميدان في ذمة الله    منع مرور الشاحنات من طريق السيل الكبير    برامج لذوي الإعاقة    شرطة للنظافة في «الدار البيضاء»    الرياض تستضيف الاجتماع الدولي للوزراء المعنيين بشؤون التعدين    تبرعوا بالأقراص وشاركوها    يعود تاريخ صنعها إلى أكثر من 60 عامًا.. السيارات القديمة تثري فعاليات مهرجان «حرفة»    «مجيد».. ليلة من تفرد الغناء    ثنائية نوال ورابح صقر.. الطرب في أعماق جدة    الهوية ودورة الحياة للمكون البصري    من بلاغة سورة الكهف    «الصخر الشاهد» .. رفع الوعي بالثروات الطبيعية    أوكرانيا تعلن أسر جنديين كوريين شماليين يقاتلان مع القوات الروسية في «كورسك»    المرأة الثرية تؤثر على نفسية زوجها    «جوجل» تتيح إنشاء بودكاست شخصي    «الغذاء والدواء»: احذروا «ببروني»    فصيلة دم «o» أقل عرضة لأمراض القلب    الذكاء البشري في مأزق    مواطن مستبصر    عودة الأمل اللبناني    متى نقترب من النسبة الصفرية للبطالة ؟    جوارديولا: ووكر طلب الرحيل عن مانشستر سيتي    هل أشرقت شمس النصر الجديد؟    ماتياس والرئيس    خطيب المسجد الحرام: امتثلوا للأوامر واجتنبوا الكبائر    الديوان الملكي: وفاة والدة صاحبة السمو الملكي الأميرة فهده بنت فهد بن خالد بن ناصر بن عبدالعزيز آل سعود    «اسلم وسلّم».. توعية سائقي الدرّاجات    نائب أمير حائل يستقبل رئيس "مُحكم لتعليم القرآن"    للمملكة أهداف أنبل وغايات أكبر    لقاح الإنفلونزا والغذاء الصحي.. نصائح مهمة للوقاية من نزلات البرد    تعددية الأعراق والألوان تتوحد معك    القائد الذي ألهمنا وأعاد لنا الثقة بأنفسنا    محافظ الطائف يستأنف جولاته ل«السيل والعطيف» ويطّلع على «التنموي والميقات»    إطلاق كائنات مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    نائب أمير تبوك يطلع على مؤشرات أداء الخدمات الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«جهاد» المتطفِّلِين
نشر في أنباؤكم يوم 10 - 04 - 2014


الشرق - السعودية
نشرت الصحف الأسبوع الماضي كلاماً للشيخ عبدالله المطلق، عضو هيئة كبار العلماء، قلما يجري على ألسنة علمائنا بمستوى ما قاله من الصراحة، عن استنفار «الشباب» للتدخل في الحروب الأهلية الخارجية بذريعة «الجهاد». فقد أكد «أن الذهاب إلى مناطق الصراع ليس جهاداً»، وأن العالم الإسلامي «أصبح دولاً وليس دولة واحدة ولكل دولة حاكم ولها أمن ومصالح واقتصاد وظروف معينة وحاكمها هو المسؤول عن تحقيق المصالح ودرء المشاكل (فيها)»، و«أن الجهاد ليس أمرًا مطلوبًا دائماً وفي كل حالة أو مظلمة تقع في العالم الإسلامي»، وأن «التقييم العسكري والأمني والسياسي لا يملكه بعض طلاب العلم ولهذا فإن قرار الجهاد يعود لمؤسسة ولي الأمر»، «وعلينا أن لا نتهور في مواجهة الأعداء والذهاب إلى مناطق الصراع والنزاع فذلك ليس جهاداً، وإنما الجهاد على أهل تلك المناطق وليس لهم منا سوى الدعم والدعاء» (الرياض، 3 /6 /1435 ه).
ويأتي كلام الشيخ المطلق ضدا ل«الأممية الإسلامية» التي ظلت توجِّه مواقفنا لعقود، وتدفع كثيراً منا للشعور بمسؤولية الدفاع عن تلك «الأمة»، والتدخل في شؤون الدول الأخرى من غير نظر لأية عواقب سلبية تعود علينا.
ويَحكم الشيخُ المطلق بأن «بعض طلاب العلم» لا يملكون الخبرة السياسية والعسكرية وغيرها التي تمكنهم من أن يُفتوا بوجوب ذهاب «الشباب» إلى مناطق الصراع أو عدمه. ويأتي هذا في مقابل تنطح «بعض طلاب العلم» طويلا للتشريع لدفع «الشباب» إلى المشاركة في الفتن التي تبتلى بها بعض الدول الإسلامية.
وكلام الشيخ المطلق مهم في كشف كثير من التضليل الذي مارسه المؤدلجون طويلاً إلا أنه لا يزال في إطار النظرة التقليدية لمفهوم «الجهاد». فهو يوحي بأنه يمكن ل«ولي أمر ما»، في بلد إسلامي ما، أن يشن الحرب على بلدان أخرى باسم «الجهاد» إذا توفرت شروطه! وهذا مما يفتح الباب لكثير من التأويلات التي ينفذ منها المؤدلجون لاستغلال هذا المفهوم.
لكن: ما الشروط التي يجب توفرها للقيام ب«الجهاد» في العصر الحاضر؟ ومن الذي يمكن أن يحكم بتحققها؟ وهل الغرض من «الجهاد» «نشر الإسلام»؟ وهل يلزم المسلمون الآن الجهاد لنشره؟ وهل هو «للدفاع عن دولة إسلامية» ضد دولة أخرى (مسلمة أو غير مسلمة)؟ ومن هو «ولي الأمر» الذي يمكن أن يأمر به؟ وهل يمكن لدولة من الدول «الإسلامية» السبع والخمسين أن تزعم لنفسها بأنها مكلفة بشن الحروب على الدول الأخرى باسم «الجهاد»؟ وهل يمكن أن يقبل العالم الآن أن يشن أحد حربا بذرائع دينية على دولة أخرى؟
هذه أسئلة قليلة من أسئلة كثيرة يمكن إثارتها حين ينظر ل«الجهاد» من خلال النظرة التقليدية. ويعني هذا أنه لايزال أمامنا طريق طويل للتخلص من التأويلات المؤدلجة له. ويوجب الخروج من هذه التأويلات اجتهادا فقهيا جديدا ل«الجهاد» في سياق الأوضاع السياسية العالمية المعاصرة. ويجب أن ينظر هذا الاجتهاد إلى النتائج المؤسفة التي نجمت عن انخراط «شبابنا» في أتون الفتن الخارجية، ودراسة ما قاله بعض العائدين من تلك الفتن عن تجاربهم المؤلمة عنه.
وقد نُشر كثير من الأبحاث والكتب والمقالات عن ذلك كله، بلغات عدة في الأعوام الماضية القريبة. وآخرها مقابلة نشرتها صحيفة الحياة (8-13 /3 /2014م) مع «شاب» شارك في كثير من الحروب (باسم «الجهاد») في دول عدة، وانتهى جاسوسا على بعض المنظمات المقاتلة التي عمل معها، وكشف عن كثير من الممارسات الاستغلالية لتجنيد «الشباب» ودفعهم إلى أتون الفتن بزعم الدفاع عن المسلمين!
ومن أهم ما يمكن الالتفات إليه في الاجتهاد الجديد ل«الجهاد» الاطلاع على رأي مواطني البلدان المسلمة التي ابتليت بهؤلاء «الشباب» المدفوعين أو المندفعين إلى التدخل في شؤونها الداخلية باسمه. وقد ظل «دعاة الجهاد» يوحون بأن هؤلاء المسارعين إلى مواطن الصراع الخارجية كانوا موضع ترحيب من مواطني تلك البلدان المنكوبة بهم. لكن هذه رواية واحدة من طرف «مستفيد» واحد، ولا تغني عن الاطلاع على رأي مواطني تلك البلدان عن تلك المشكلة.
ومن الأمثلة الأخيرة التي تكشف عن رأي مواطني تلك الدول في مشاركة هؤلاء المتطفلين مقالٌ بعنوان:
The Foreign Fighters and Me، «المقاتلون الأجانب وأنا»، كتبه مسعود فاريفار، الصحفي الأفغاني المقيم في أمريكا، بوصفه مواطنا أفغانيا اشترك في مقاومة الغزو السوفييتي لبلاده «مجاهدا» (نيويورك تايمز، 1 /4 /2014م).
يقول في بداية المقال إنه يعرف حقيقة هؤلاء «المجاهدين» لأنه حارب معهم في أفغانستان. ويبين أنهم كانوا متطفلين على قضيته الوطنية، وترك تدخلُهم نتائج سلبية لم يكن يرغبها مواطنوه.
ويقول إنه كان شابا يافعا يعيش في مخيمات اللاجئين الأفغان في باكستان خلال الثمانينيات. والتحق بمقاومة الغزو السوفييتي لبلاده التي كانت توصف بالجهاد، وكان هدفها تحرير بلاده، لا تصدير أية أيديولوجية، وأن الأفغان كانوا يكرهون الحرب ولم يكونوا يرغبون إلا تحرير بلادهم ليعيشوا بسلام.
ويقول: «إن الحرب الأفغانية جذبت ما يصل إلى عشرين ألف مقاتل أجنبي في الثمانينيات، وهو أعلى رقم من هؤلاء المتطفلين يتدخل في بلاد مسلمة في التاريخ المعاصر. وكان أغلبهم من السعوديين والباكستانيين، وبعضهم من المصريين والتونسيين والإندونيسيين وغيرهم».
ويقول: «يجب أن يكون واضحا أن المجاهدين الأفغان المزودين بالأسلحة الغربية هم الذين انتصروا في تلك الحرب. ولم يلعب المتطوعون الأجانب في تحقيق «نصرنا» إلا دوراً جانبياً، بغض النظر عن عددهم الكبير».
ويقول: «كانت تلك المعركة معركتي لكني وجدت نفسي جنبا إلى جنب مع المقاتلين الأجانب. وكنت أتساءل عن الدوافع التي دفعتهم. وكان بعضهم يبحث عن المغامرة، ويريد تجريب طعم المعارك. وكان بعضهم متعصبين دينيين جدا؛ فلم يكونوا يسعون إلى التحرير الوطني، مثلي، بقدر ما كانوا يسعون إلى الشهادة».
ويقول: «كان بعض الشباب العرب، لشدة رغبتهم في الشهادة، يربطون أنفسهم على جذوع الأشجار (ليقتلوا) في أواخر أيام الاحتلال السوفييتي. ويمكنك أن تتخيل كم كان ذلك إسهاما في تحرير أفغانستان».
ويقول: «يقال إن الحرب تجعل الأغراب إخوانا، لكن المحاربين الأجانب والأفغان ظلوا أجانب بعضهم عن بعض حتى نهاية الحرب. فمع أن هناك بعض الروابط التي نشأت بينهم إلا أن الأجانب لا يستطيعون التخلص من خصائصهم الأجنبية ليفوزوا بقبول الأفغان الكامل لهم».
ويقول: «ومما أسهم في إبقاء هؤلاء غرباء ملابسُهم المختلفة وسحناتُهم الغريبة، وفوق ذلك كله، أسبابهم الخاصة لانخراطهم في الحرب. وكانت تصرفاتهم الحمقاء مثارا للضحك؛ وتعصبهم الديني مثارا لاستغرابنا. كما كانت توجهاتهم الانتحارية لتحقيق الشهادة موضعا للرفض».
ويقول: «كنا ننظر إليهم، في أحسن الأحوال، ضيوفا غير مرغوب فيهم؛ وفي أسوئها، إزعاجا فرضه علينا قادة جهاديون (أفغان) طامعون في المساعدات المالية السعودية. ولم يفلح اقتراب نهاية الحرب كثيرا في تضييق تلك الفجوة (بيننا وبينهم). ذلك أنه فيما كنا نسعى إلى إنهاء الحرب كنت أسمع من أكثر من واحد من هؤلاء المحاربين الأجانب أنهم يتطلعون إلى الاستمرار في الجهاد حتى يرفع علم الإسلام على موسكو وواشنطون».
ألا يعد رأي هذا الكاتب الأفغاني تعبيرا عن رفض مواطني الدول المتضررة كلها، لا أفغانستان وحدها، ل«جهاد» هؤلاء المتطفلين؟ ألا يشكك في صحة إطلاق مصطلح «الجهاد» على اندفاعات هؤلاء الانتحارية الملتبسة التي تنشر الخراب في ديار المسلمين وتجلب عداوتهم وعداوة العالم للمملكة وتشوه سمعتها إن لم يكن ذلك كله تشويها للإسلام نفسه؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.