عكاظ اليوم- السعودية كل مرة يتردد اسم سلطنة عُمان أتخيل رجل مسن يقف على شواطئ بحر العرب يتطلع نحو الهند وإندونيسيا في الشرق وشواطئ جنوب أفريقيا ودول القرن الأفريقي في الغرب، المهم أن هذا الرجل يعطي ظهره للشرق الأوسط بكل ما فيه من حروب وصراعات وتحالفات وعداوات، هذه هي سلطنة عُمان. ***** الثورة مثل الشرارة مثل العدوى متى ما وجدت في مكان انتقلت لما جاورها، عندما أسقط الثوار العسكر الحكم الملكي في القاهرة عام 1952 انتقلت العدوى إلى بغداد ثم صنعاء ومن هناك عبرت اليمن الجنوبي إلى شواطئ ظفار العُمانية، التقطها رجل يدعى مسلم بن نفل ( توفي صيف هذا العام ).. بدايات العام 1963 اعترض مسلم وجماعته طموحات سلطان الراحل قابوس بن تيمور مسقط في التنقيب عن النفط بمنطقة ظفار، هذا النزاع تحول إلى حرب استقلال شارك فيها ثوار من عدة دول عربية استمرت حتى العام 1976 وهددت خلالها الامبراطورية العمانية العريقة، سلطنة عمان هي الدولة العربية الإسلامية الوحيدة التي كانت مستقلة وقوية خلال القرون الثلاث الأخيرة، خلال سنوات الاستقرار والرفاهية أثناء حكم السلطان الشهير سعيد بن سلطان كانت الامبراطورية العُمانية أول دولة عربية ترسل سفير لها إلى أمريكا، الأسطول العُماني كان ثاني أقوى أسطول في العالم، السفن البحرية التجارية والعسكرية العُمانية كانت تبحر من رأس الرجاء الصالح إلى موانئ الهند، السلطان العُماني كان يقسم وقته كل سنة بين مسقط لحكم الشق الآسيوي من الامبراطورية وبين قصره في زنجبار لحكم الشق الأفريقي، عندما وصل السلطان الحالي للحكم عام 1970 كانت تركة الحكم العُماني التي كانت تمتد من بندر عباس "إيران حالياً" وخُمس قارة إفريقيا إلى حكم يقتصر على مسقط وضواحيها، لذلك كانت سياسة عُمان الحديثة هي العزلة الخارجية والاهتمام ببناء الدولة ووحدتها. ***** هكذا نفهم التاريخ والجغرافيا، هكذا نفهم اعترض عُمان الدائم على الخليجي، هم يرون أنفسهم أكبر من وحدة خليجية هدفها الرئيس الأمن وليس الاقتصاد مثل الاتحاد الأوروبي أو منظمة التعاون الاقتصاد والتنمية، سعود كابلي كاتب ومحلل سياسي ممتاز علق خلال الفترة الماضية بفكرتين سأنهي بها مقالي، الأولى هي تشجيعه دخول دول الخليج ككتلة جغرافية واحدة في تحالفات جديدة مع الدول المطلة على المحيط الهندي، الثانية أن الموقع الجغرافي لسلطنة عُمان البعيد عن مضيق هرمز يجعل سياساتها مع إيران ودول الخليج دائما مختلفة، كما سبق الجغرافيا والتاريخ قد تشرح لماذا عُمان مختلفة.