تشير المصادر إلى أن التنسيق بين - وزارتي - الشؤون الاجتماعية، والعدل، وبمشاركة هيئة التحقيق، والادّعاء العام؛ من أجل مناقشة التوسع في الأحكام البديلة، والتي يتوقَّع إعلانها مطلع العام الهجري الجديد، - لاسيما - للأحداث في دور الملاحظة الاجتماعية على مراحل، وتقييم التجربة في تقليل عدد النزلاء صغار السن، وتقليل فترة بقائهم فترات طويلة في السجن - ما زال جارياً -، مع الاقتراح باستعانة القضاة بالخبرات الاجتماعية، والنفسية متى ما أمكن؛ لإصلاح، وتهذيب الأحداث، - فضلاً - عن دراسة لاحقة للنظر في إمكانية تطبيق الأحكام البديلة على الفتيات في مؤسسات الرعاية. لا أشك أبداً في أن سعة قضائنا المستند على الشريعة الإسلامية، مناسبة لكل زمان، ومكان، بل شاملة لكل أنواع العقوبات. فالعقوبة الأقرب لتحقيق مقصد الشارع، ستبسط الأمن في المجتمع، وذلك - من خلال - ردع الجاني، وإصلاحه. ثم إن تفعيل أنواع من العقاب، تخرج عن دائرة العقوبة بالسجن، أصبح حقاً مشروعاً، فالسجن لم يعد الطريق الأمثل في معالجة الوقائع، والذي لا يوجد نص شرعي يحدد العقوبة فيها، باعتبار أن الحكم الصادر فيها إما بالتعزير جلداً، أو سجناً، بعيداً عن جرائم الحدود، والقصاص، باعتبارهما جرائم محددة، بما دلت عليه النصوص الشرعية، - وبالتالي - فلا مستند على عدم شرعية العقوبات البديلة في التشريع الإسلامي، أو في القانون الجزائي السعودي. ولأن الأحكام البديلة يمكن تصنيفها حسب نوع الجريمة، والمراحل التي تمر بها القضية، - إضافة - إلى طبيعة التدابير المتخذة، ومحلها، فإنها تحتاج ابتداءً إلى مستند نظامي، وآلية واضحة في التنفيذ، وهو ما يلزم على ضرورة تسريع العمل على إصدار لائحة تنظيمية للأحكام البديلة، تطرح أفقاً واسعاً لمفهوم العقاب، وتعين ناظر القضية على تحري إصابة الحق في الحكم، كما تعين المختص على تقنينها على النهج المراد؛ لتحقيق الهدف من العقاب، ومنها على سبيل المثال: دفع الجريمة، وحصر آثارها السلبية. من جانب آخر، فإن للحاكم تقدير العقوبة التي يرى فيها الإصلاح. وما زلت أذكر تعميم صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، رقم 1 / 5 / 42735 / 2 س، وتأريخ :1- 5-1430ه، الإلحاقي لتعميم سموه الكريم، رقم 1/5 / 23359 / م ب، وتأريخ :10-4 -1430ه، المشار فيه إلى الأمر السامي الكريم، رقم / 2523 / م ب، وتأريخ :19 -3 -1430ه، والمتضمن: تشجيع الأخذ ببدائل عقوبة السجن، المالية، والبدنية، والاجتماعية، والتدابير المقيدة للحرية الواردة بوثيقة الرياض، وغيرها مما يمكن تطبيقه من بدائل، من قبل المحاكم، وجهات القبض، والتحقيق، والادّعاء العام لمرتكبي المخالفات لأول مرة. ولا شك أن مثل هذا التعميم، يؤكّد على ضرورة إنشاء إدارات متخصصة، يناط بها متابعة، وتطبيق الأحكام البديلة، والأخذ بها عند صدور لائحة الأحكام البديلة، والتي ستعتبر تراثاً ضخماً من إرث السياسة العقابية في الشريعة الإسلامية. بقي القول: إن العمل على تخفيف ازدحام السجون في المملكة، وتقليل النفقات عن كاهل الدولة، واستصلاح كثير ممن ارتكبوا بعض الجرائم، التي تصنَّف بأنها غير جنائية، هو الأنفع في الأحوال المعاصرة، والتوجه بالإشادة نحو الأحكام البديلة سيبقى هو الحل، كونه ينظر إليها من زوايا إيجابية كثيرة. ثم إن الاتجاهات الحديثة، لا ترى خيار السجن إلا الملاذ الأخير، وتحديداً في الجرائم الكبرى. فالتعزير في الشريعة الإسلامية، يدور مع المصلحة وجوداً، وعدماً؛ لتكفل في نهاية المطاف صلاح الفرد، والمجتمع، والأمة، وبما يتوافق مع فقه النوازل، وهو ما أشار - اللواء الدكتور - علي بن حسين الحارثي، المدير العام للسجون بالسعودية - قبل أيام -، ب : "أن السجون السعودية، تسعى حالياً لتطبيق الأحكام البديلة، وتطالب بإلزام القضاة بها؛ لمنع تكدُّس المساجين".