محمد العصيمي رفض بيان (الأمميين) السعوديين..!! (1) تتداول وسائط التواصل الاجتماعي هذه الأيام ما سمي: «بيان مثقفين سعوديين لمؤازرة الشعب المصري». وبدون إطالة فإن قراءة ما خلف سطور هذا البيان تنم عن أجندة خاصة ونظرة حزبية بغيضة ضيقة، وتربص بمواقف الغالبية العظمى من شعب مصر، التي قررت النزول إلى الشارع لتضفي شرعية على عزل الرئيس، كما أضفت من قبل شرعية على انتخابه. ولذلك من المهم، في هذا السياق، ألا نقع في مصيدة ما يظهر من براءة ألفاظ هذا البيان وإنسانيتها وقانونيتها. ولنبدأ بمحاولة خداعنا من خلال إطلاق حالة تعميم مقصودة، في مثل قولهم: «احترام اختيار الشعب المصري لقيادته الشرعية والمشروعة»، ولو قالوا، في هذه الحالة، احترام اختيار فصيل من الشعب المصري لربما (بلفونا) بشكل أفضل. وكما وقعوا قصدا في التعميم وقعوا، أيضا، في حب دماء على حساب دماء، حين أكدوا «على حرمة الدماء وعصمتها واستنكار المجزرة التي وقعت فجر هذا اليوم وحالات القتل في الشارع المصري».. وكلنا، بطبيعة الحال، ضد المجازر والدم لكننا حين ندينها يجب أن ندينها على كل صعيد ومن كل طرف. وفيما أذكر أننا لم نقرأ بيانا، ولا سطرا واحدا، من هؤلاء يدين من تسببوا بقتل المئات خلال السنة الماضية أو من قذفوا الشباب الصغار، بدم بارد، من أسطح البنايات. ولم نقرأ حتى سطرا واحدا يدين من دفعوا بشباب الإخوان المسلمين ليموتوا أمام دار الحرس الجمهوري، وهو موت تجرى فيه التحقيقات العادلة حاليا. وتأتي الطامة، أو المغالطة الكبرى، في هذا البيان حين يعبر عن: «أحقية شعب مصر وحده بإدارة شؤونه الداخلية والخارجية ورفض جميع التدخلات الإقليمية والدولية التي تحاول فرض الوصاية عليه».. وهذا كلام حق بشرط أن نفهم على أي وجه نحمل بيانهم وفزعتهم، هل هي تدخل في الشأن المصري أو الشأن الجواتيمالي؟!! ونريد، أيضا، أن نفهم ما معنى قول محمد الحضيف: «إن صحفنا السعودية ترقص اليوم وتتحدث عن ثورة (اُستعيدت).. وCNN تتكلم عن انقلاب عسكري مكتمل الأركان على رئيس منتخب.. هو الفرق فقط، بين الرقص والمهنية».. يا سلام على أمانة القول والنقل الأممي، فجأة أصبحت CNN الأمريكية مهنية كما يبدو من تحليلها وبعيدة عن التدخل في الشأن المصري.!! يتبع غدا.. رفض بيان الإخوان السعوديين..(2) محمد العصيمي كان مقصد مقالة أمس عن رفض بيان الإخوان السعوديين، الذي سموه بيان مثقفين، هو فضح ما وراء الأكمة، وأن من كتب هذا البيان كال بمكيالين عندما تحدث عن الشرعية والدم والتدخل الإقليمي والدولي وفرض الوصاية على المصريين. واليوم أواصل معكم الحديث عن هذه المكاييل الحزبية الغريبة، التي لا تدل ولو على قدر قليل من الإنصاف والعدل في الحكم على الأحداث المصرية، البالغة السوء والخطورة. وإذا تجاوزنا عن مفارقة المطالبة بمنع التدخل في الشأن المصري من أي طرف وتدخل البيان السافر في هذا الشأن، فكيف سنفهم، من جهة أخرى، إشادة البيان بثبات المعتصمين المنادين باسترداد الشرعية المسلوبة.!! كيف أولا قرروا أنها مسلوبة وهم بعيدون عن الأرض والمعاناة، وكيف وضعوا أنفسهم حماة لهذه الشرعية التي هدر لإسقاطها الملايين في الثلاثين من يونيو الماضي ولا يزالون. لقد كان بالإمكان، ولو حرصا على المصداقية، أن تتم المطالبة بمراجعة كل الأطراف المصرية لمواقفها والنظر في الصالح العام الذي يجمع ولا يفرق بين أبناء الوطن الواحد. أما أن نُشيد بثبات فصيل واحد مقابل فصائل متعددة ونقرر هكذا ببساطة أن الشرعية (مسلوبة)، فهذا يعني أن كاتبي البيان جمعوا أمرهم وحسموه على أساس أن الحق مع الإخوان، ظالمين أو مظلومين. وهذه، بطبيعة الحال، ليست لغة بيانات عاقلة تسعى إلى الوفاق والأخوة وحقن الدم الحرام. وما يؤكد كلامي هذا هو عودة البيان، بعد أن قرر وبشكل قاطع أن الشرعية مسلوبة، إلى حالة التعميم المقصودة التي وصفتها أمس، بتوجيه الخطاب إلى كل الشعب وليس إلى الفصيل المعتصم في رابعة العدوية، حين أعلن التضامن الكامل مع (الشعب المصري) في دعوة الانقلابيين المغتصبين لسلطة الشعب والخارجين على الشرعية إلى إعادة الحق إلى نصابه.!! وهنا تصل مسألة الحزبية العمياء، بل المتجنية، إلى الذروة، عندما قرر البيان بشكل حاسم أن الشعب المصري كله ضد سقوط الإخوان وأن العسكر، الذين سلموا السلطة لرئيس المحكمة الدستورية، إنقلابيون. وبالنتيجة يكون هذا البيان، جملة وتفصيلا، انتصارا بحتا وغضبة مضرية من إخوان الأطراف لإخوان المركز، وهي غضبة خلطت الأوراق واستهانت بعقولنا في محاولة يائسة لانعاش أجندة جماعة الإخوان السياسية أو انقاذها من الموت.