كان مقصد مقالة أمس عن رفض بيان الإخوان السعوديين، الذي سموه بيان مثقفين، هو فضح ما وراء الأكمة، وأن من كتب هذا البيان كال بمكيالين عندما تحدث عن الشرعية والدم والتدخل الإقليمي والدولي وفرض الوصاية على المصريين. واليوم أواصل معكم الحديث عن هذه المكاييل الحزبية الغريبة، التي لا تدل ولو على قدر قليل من الإنصاف والعدل في الحكم على الأحداث المصرية، البالغة السوء والخطورة. وإذا تجاوزنا عن مفارقة المطالبة بمنع التدخل في الشأن المصري من أي طرف وتدخل البيان السافر في هذا الشأن، فكيف سنفهم، من جهة أخرى، إشادة البيان بثبات المعتصمين المنادين باسترداد الشرعية المسلوبة.!! كيف أولا قرروا أنها مسلوبة وهم بعيدون عن الأرض والمعاناة، وكيف وضعوا أنفسهم حماة لهذه الشرعية التي هدر لإسقاطها الملايين في الثلاثين من يونيو الماضي ولا يزالون. لقد كان بالإمكان، ولو حرصا على المصداقية، أن تتم المطالبة بمراجعة كل الأطراف المصرية لمواقفها والنظر في الصالح العام الذي يجمع ولا يفرق بين أبناء الوطن الواحد. أما أن نُشيد بثبات فصيل واحد مقابل فصائل متعددة ونقرر هكذا ببساطة أن الشرعية (مسلوبة)، فهذا يعني أن كاتبي البيان جمعوا أمرهم وحسموه على أساس أن الحق مع الإخوان، ظالمين أو مظلومين. وهذه، بطبيعة الحال، ليست لغة بيانات عاقلة تسعى إلى الوفاق والأخوة وحقن الدم الحرام. وما يؤكد كلامي هذا هو عودة البيان، بعد أن قرر وبشكل قاطع أن الشرعية مسلوبة، إلى حالة التعميم المقصودة التي وصفتها أمس، بتوجيه الخطاب إلى كل الشعب وليس إلى الفصيل المعتصم في رابعة العدوية، حين أعلن التضامن الكامل مع (الشعب المصري) في دعوة الانقلابيين المغتصبين لسلطة الشعب والخارجين على الشرعية إلى إعادة الحق إلى نصابه.!! وهنا تصل مسألة الحزبية العمياء، بل المتجنية، إلى الذروة، عندما قرر البيان بشكل حاسم أن الشعب المصري كله ضد سقوط الإخوان وأن العسكر، الذين سلموا السلطة لرئيس المحكمة الدستورية، إنقلابيون. وبالنتيجة يكون هذا البيان، جملة وتفصيلا، انتصارا بحتا وغضبة مضرية من إخوان الأطراف لإخوان المركز، وهي غضبة خلطت الأوراق واستهانت بعقولنا في محاولة يائسة لانعاش أجندة جماعة الإخوان السياسية أو انقاذها من الموت. تويتر: @ma_alosaimi