أخشى أنّنا الوحيدون في العالم الذين لديهم لجنة، هي بمثابة إدارة، تنحصر مهمّتها في حلّ مشكلات مساهمات الأراضي العقارية، ممّا يُساهم فيها المواطنون بِ (شَقَا) عمرهم ليضيع في طرْفة عيْن!. هذه اللجنة موجودة في وزارة التجارة والصناعة، وأنا في الحقيقة أرثى عليها وعلى موظّفيها الذين يعاينون بشكل يومي كيف يضحك الهوامير والتُجّار على ذقون المواطنين، ويطيرون بأموالهم، ويتركونهم يدوخون ال 7 دوخات بين دهاليز الجهات المعنية في محاولة لإصدار صكوك لأراضيهم التي دفعوا ثمنها، أو إعادة أموالهم، فلا هذا نالوا ولا ذاك!. بالأمس، دخلتُ لموقع اللجنة الإلكتروني، ووجدته مزدحماً من كثرة القضايا التي فيه، وازدحامه يشبه ازدحام جدّة والرياض، حتى أنه صنّف القضايا إلى أقسام، هي مساهمات مُحالة للمُصفِّي، ومساهمات مُتابَعة من اللجنة، ومساهمات خارج الاختصاص، ومساهمات بلا عناوين، ووو، وكلّ صنف فيه عشرات وربّما مئات القضايا المُعلّقة، لا لسنة سابقة أو لاثنتيْن أو حتى لثلاث بل بعضها لعشرات السنين، وفي كلّ مناطق المملكة، وحتى أنّ الموقع أنشأ مُحرِّك بحث إلكتروني يبحث فيه المواطنون المساكين عمّا استجدّ في قضاياهم من معلومات!. تُرى: هل سمعتم بلجنة مشابهة في نيويورك مثلاً؟ أو في طوكيو؟ أو حتى في بنغلاديش؟ تدلّ على وجود مشكلات مماثلة هناك؟ أنا أريحكم وأجيب نيابةً عنكم بكلمة (لا)، وهذه خصوصية لنا.. للأسف غير حميدة!. فيا سادتي: ماذا يحصل لدينا؟ ولماذا تركنا التُجّار والهوامير يعيثون فساداً في مساهماتنا هكذا ولعقود؟ حتى وصلت المساهمات إلى ما وصلت إليه من فوضى وضياع حقوق، إنّ مساحة المملكة هي 2,149,690 كيلومتر مربّع، وكلّ كيلومتر مربّع فيه مليون متر مربّع، أي أنّ المساحة بالأمتار المربّعة هي تريليونات تحيط بها تريليونات أخرى، ممّا تكاد تكون بلا نهاية، وممّا تكفي لتحويل مساهمات الأراضي لعملية سلسة بلا مشكلات مثل بيع الحلوى والمكسّرات، فلماذا إذن تكثر المشكلات في أراضي المساهمات؟ هذه يطلع لها تِسْعَطَعْشَر مالك آخر بحوزتهم تِسْعَطَعْشَر صكّ مختلف، وتلك يبيع بعضُهم أراضي المساهمات ثمّ يهربون للخارج مُستمتعين بأموال غيرهم وتاركينهم في ورطة وحيص بيص، وهذه يُتعدَّى ويُستولى عليها ويُبنى فيها بلا إحِمْ ولا قانون ولا دستور، وسط بطء شديد في حلّها أشبه ببطء السلحفاة المُعمِّرة!. لقد صدر قرار ملكي كريم بشأن تحويل الأراضي العامّة من البلديات إلى عُهدة وزارة الإسكان، لتطويرها وتوزيعها مع قرض على المواطنين، وما لها إلاّ الله ثمّ قرار مماثل من لدن خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، لحلّ قضايا مساهمات العقار!.