لم تتمكن اللجنة المكونة من وزارات عدة لدراسة موضوع الصكوك المتعثرة في محافظة ينبع، من الانتهاء من المشكلة القائمة لتطالب بتمديدها لشهرين متتاليين لمتابعة أكثر من 4000 صك بحسب تصريح رئيسها إلى «الحياة»، ولم يسمح لها إلا بشهر آخر. في محافظة ينبع دون غيرها، لا يحق للمواطن إفراغ صك شرعي امتلكه بالشراء أو آل إليه بالوراثة إذا كان غير مميز، ليحتفظ به في منزله كذكرى من دون الاستفادة منه، إذ أصبحت المحكمة العامة في ينبع تعاقب من يتقدم إليها بصكه طلباً للإفراغ بالشطب النهائي بحجة استخراجه من جانب قاض سابق عليه ملاحظات أو بحجة عدم تمييزه، بينما استطاعت أسماء معينة تملك النفوذ الإداري من تمرير صكوكها الطائرة دون أن تهمش أو تتعرض للتعثر كبقية المواطنين. قصة الصكوك الطائرة والمنح في ينبع «قصة فساد» بحسب آراء أهالي المحافظة، إذ تقدم قاطنو ينبع بشكاوى رسمية من أشهر عدة، بعد تحصلهم على وثائق تدين مسؤولين بارزين في المحافظة بالتلاعب بالصكوك، وتكوينهم شبكة من الموظفين في عدد من الإدارات ذات العلاقة لتعطيل منح المواطنين لخدمة مخططاتهم، حتى وصل انتظار الأهالي إلى 22 عاماً. ويرى عقاريون أن تصورات اللجنة للصكوك المتعثرة لا تلامس الواقع، مطالبين باستقصاء الحقائق، ومعاقبة المسؤولين البارزين في قضية الفساد، إلا أن رئيس لجنة الصكوك المتعثرة المستشار عبدالله الرفيق أوضح ل«الحياة» أن اختصاص اللجنة يتمثل فقط في الصكوك المتعثرة وليس الإفصاح عن أسماء المسؤولين المتسببين في الضرر. ويأتي تأكيد عضو المجلس البلدي عبدالله الحصيني على حرص اللجنة في تحري الحقائق من حيث تسليم الصكوك للجنة ومراحل فرزها والبت فيها من حيث التنظيم. مواطنون: 20 عاماً ننتظر «المِنَح» ... ولا بد من التشهير ب«لصوص الأراضي» تضرر مواطنو ينبع من تعثر الصكوك، وطول انتظار المنح التي تقدموا لها منذ أكثر من 20 عاماً، في حين تمكنت شخصيات معينة من الحصول على إفراغات لصكوكهم، مطالبين من اللجنة المنعقدة في محافظتهم لحل مشكلة الصكوك المتعثرة بحصر أسماء المفسدين ومحاسبتهم. وأجمع قاطنو محافظة ينبع على أن المتسببين في فساد الصكوك والأراضي في محافظتهم ينحصرون في أسماء معدودة، مطالبين بحصر أسمائهم ومحاسبتهم. يقول المواطن خالد الجهني إن المستفيدين من إفراغ الأراضي بينبع تنحصر أسماؤهم في شخصيات محددة على مدى 20 عاماً، كما أنهم منشغلون بتنظيم الأراضي المضروبة، في ظل انتظار المواطنين للمنح تحت وعود وتصريحات وهمية. وطالب المواطن عبدالعزيز الرفاعي بحصر للأسماء المتسببة في الضرر من كتابة عدل، لكشف أعمال الفساد المتمثلة في السرقة والتزوير، من خلال إرسال لجان التعديات لهدم عدد من المنازل التي يملكها مواطنون بشكل فعلي. ويرى عبدالله الحبيشي أن الحصول على المنحة التي تقدم لها في بداية عمره لم يعد لها طعم بسبب الفساد المنتشر في بلدية ينبع، مما جعل اللجان تتقاطر عليها خلال الأشهر الماضية بعد أن تقدم عدد من المواطنين لهيئة مكافحة الفساد وعدد من الجهات الحقوقية، متهمين مسؤولين بأسمائهم الصريحة بالتسبب في تأخر توزيع المنح، والادعاء بعوائق وهمية بسبب جشعهم ومحاولتهم الاستيلاء على الأراضي البيضاء، وشراء الصكوك الوهمية وتنظيمها، بالتعاون مع مسؤولين داخل البلدية وخارجها. واعتبر المواطن محمد المرواني محاولة بلدية ينبع الأخيرة نوعاً من العقاب بإخراجهم عن ينبع بمسافة تصل إلى 30 كيلو متراً، مرجعاً السبب إلى الشكاوى التي تقدم بها المواطنون ضد البلدية، إضافة إلى تكسب المسؤولين الذين أرادوا إبعاد الأهالي وإجبارهم على شراء أراضيهم التي اختلسوها بعد تخطيطها وعرضها للبيع على حد وصفه. رئيس «اللجنة الوزارية»:لن نفصح عن أسماء المتورطين في التعثر! بين رئيس لجنة تعثر الصكوك المكونة في ينبع المستشار بوزارة الداخلية عبدالله الرفيق ل «الحياة» أن اختصاص اللجنة يتمثل في الصكوك المتعثرة فقط، وليس الإفصاح عن أسماء المسؤولين المتسببين في الضرر، رغم توافرها لدى اللجنة. وأضاف: «لا نستطيع أن نحدد أسماء المتسببين رغم أن الإجابة لدينا، وأن هذا ليس من اختصاص اللجنة، فمهامها لا تتعدى الصكوك المتعثرة بالحدود أو المساحة فقط». وأوضح أن اللجنة شكلت بأمر ملكي، بناء على شكاوى مواطنين، وأنها ما زالت قائمة ولم تظهر النتائج إلى الآن، مرجعاً سبب تعثر الصكوك يكمن في الصكوك ذاتها. وبين الرفيق أن اللقاء الذي انعقد مع محافظ ينبع وعدد من المسؤولين بالمحافظة كرئيس المحكمة، رئيس البلدية، وغيرهم، كان بغرض مناقشة قضية الصكوك المتعثرة، ولم يقصد منه أي استدعاء أو تحقيق، إذ إن خطاب وزير الداخلية لم يتطرق إلى أسماء المسؤولين البارزين في المحافظة للتحقيق معهم. «المجلس البلدي» يتابع أعمال تقصي الحقائق أكد عضو المجلس البلدي في ينبع عبدالله الحصيني المتابع لسير أعمال اللجنة، أن اللجنة تتحرى الدقة لتقصي الحقائق من حيث تنظيم تسليم الصكوك للجنة ومراحل فرزها والبت فيها من حيث التنظيم، وذلك من خلال متابعته لسير أعمال اللجنة. وأضاف: «استبشرنا خيراً باللجنة التي شكلت بأمر ملكي، وعقدنا عليها الآمال لإنهاء عشوائيات صكوك ينبع التى ظلت زمناً عائقاً أمام الامتداد العمراني في المحافظة». وشدد الحصيني بضرورة منح المواطنين حقوقهم كاملة، والسماح لهم بإفراغ أراضيهم التي امتلكوها بطرق مشروعة، وبثبوتات رسمية من المحكمة العامة في ينبع. وطالب من حاملي الصكوك الموقفة بسرعة تسليمها للجنة المكونة بالأمر السامي لحل مشكلتها، كون التمسك بالصك غير المنظم لن يسهم في إنهاء المشكلة المتعلقة بهم. «اللجنة العقارية»: تصورات لجنة «الصكوك المتعثرة» غير واقعية يرى رئيس اللجنة العقارية في ينبع المهندس يعقوب الهندي في حديثه إلى «الحياة» أن التصور الحالي لمشكلة الصكوك المتعثرة لدى اللجنة العقارية لا يلامس الواقع، موضحاً أنه تواصل مع لجنة الصكوك المكونة منذ مطلع الشهر الماضي لمساندتهم والوصول إلى حل بخصوص المساحات البيضاء الشاسعة التى وقفت عائقاً أمام تمدد المحافظة، إلا أن تصوراتهم لم تدرك الواقع الكائن. وأضاف: «طلبت منهم فرصة لتنزيل الصكوك المتعثرة على المخطط الهيكلي العام لمحافظة ينبع لإثبات أن جميع الصكوك ليست طائرة أو متداخلة، إذ إن المخططات تشمل مساحات ومربعات كبيرة متعطلة، لو تم وضع حلول لها لكان من الممكن أن تجتاز المشكلة الحالية بمراحل، ما يتطلب الاهتمام بإيجاد حلول للأراضي الخالية من المشكلات، وتأجيل الأراضي الأخرى». وكشف الهندي عن إسهامه بتقديم حلول للجنة الصكوك المتعثرة خلال الأسبوع المقبل، كون أن حل مشكلة الصكوك في اعتباره بوابة الحلول للمشكلات العقارية كافة في ينبع. وأشار إلى أن قاطني ينبع اعتراهم الملل من كثرة اللجان المتعاقبة على محافظتهم في ظل حجبهم على الإجراءات التي ستتم على صكوكهم، مطالباً من اللجنة توضيح فرضيات الحلول، كون أن الفكرة الموجودة لدى ملاك الصكوك مهمشة. وأوضح أن ملاك الصكوك بعد هذا التوقف الزمني الكبير أصبح لديهم الاستعداد للتنازل عن جزء كبير من صكوكهم للمصلحة العامة وحل المشكلات الحالية، إذ إن الوضع الراهن في محافظة ينبع لا يتماشى مع توجه الدولة في حل مشكلة الإسكان. وطالب الهندي اللجنة بمراعاة مصالح الناس، وعدم تعميم الأخطاء إن وجدت، إضافة إلى تجنب المقارنة ومن يملك صكاً واحداً بمن يملك 100 صك، مؤكداً أن جميع صكوك قاطني ينبع غير مزورة ومسجلة بوثائق. متخصصون: «المحكمة» تطلب من المتضررين أطوال الشوارع وعرضها بلا مبرر طالب عقاريون اللجنة المشكلة لقضية الصكوك المتعثرة في محافظة ينبع بالتحري وكشف تلاعب المفسدين ومحاسبتهم لما أحدثوه من أضرار على صكوك قاطني ينبع منذ سنوات عدة. وبين العقاري عبدالهادي كرسوم أن مسؤولية صاحب الصك تنتهي فور استخراجه للصك المعتقد بشرعيته، والذي لم يكن يتوقع تهميشه مستقبلاً، وأن مطالبة محاكم ينبع حالياً أصحاب الصكوك بإضافة أطوال الشوارع وعرضها والتى لحقها التنظيم بالزيادة أو النقص، أمر غير صحيح، إذ إن المواطن لم يتسبب في حدوث التغيرات على الأرض بعد امتلاكه للصك، وأن الصكوك تعتبر مستمسكاً شرعياً كونه صادراً من قاض شرعي. وطالب اللجنة بفتح باب الحوار والنقاش مع مواطني ينبع، وعدم قصر العمل على استقبال الصكوك والشكوى فقط، مضيفاً: «ننتظر أن تحدد اللجنة لقاءها مع المواطنين المتضررين، وترشيح شخص أو شخصين لإيصال المعاناة»، كما طالب رئيس اللجنة بأخذ مرئيات كل من البلدية، المحكمة، وكتابة عدل بالقضية التى ينظرونها لاستكمال مرئيات القضية. وأبدى العقاري أحمد أبو عوف انزعاجه من تركيز اللجنة على الأمور العامة في تقديم الأوراق والمستندات، رغم وجود أمور خاصة أشد أهمية، إذ إن القضية الأساسية تنحصر في صكوك وأشخاص معينين يتلاعبون بالصكوك، مؤكداً أن كشف التلاعب الحاصل في الصكوك من تزوير وغيره يسهم في إنهاء موضوع الفساد الحاصل والمتسبب في رفع أسعار العقار. و أضاف: «تقدمت بشكاوى عدة إلى وزير العدل بخصوص عدم تخطيط الصكوك، واقترحت معالجة الصهاريج في الأراضي، وتطرقت إلى مقاصصة الأراضي ب 50 في المئة، ل 50 في المئة، على أن تتولي البلدية التخطيط والتنفيذ، فلو أنجزت البلدية خلال خمس سنوات خمسة آلاف قطعة، لما حصل التضخم في قوائم المنتظرين للمنح». وأوضح العقاري سمير سبيه أن الصكوك المتعثرة صدرت عليها أحكام واجبة النفاذ من المحكمة ويملك مالكوها حجج استحكام شرعية، إلا أنه تعثر تسليمها، في ظل إفراغ صكوك طائرة ليس لها أي معلم على الطبيعة. وأضاف: «توجد أراض بالمنطقة المركزية في محافظة ينبع لا يسمح فيها بالبيع أو المنح إلا بأمر سام، وذلك بحسب ما جاء في الأمرين رقم (325-2) في تاريخ 5-6-1423ه، ورقم (335-2) في تاريخ 4-12-1425ه، إلا أنه تم تطبيق منح داخلها، إذ استخرجت صكوك لأراضيمساحتها أكثر من 500 ألف متر مربع فوق أراض لمواطنين، وتم تغيير اسم المخطط من الشرم الأول إلي ه 27. وأشار إلى أنه شكلت لجان تحقيق سابقه، بداية من اللجنة التى كونها وزير الشؤون البلدية والقروية، اللجنة التى كونها أمين منطقة المدينةالمنورة، واللجنة المكونة من مكافحة الفساد، إلا أنها لم تجد نفعاً، مطالباً اللجنة بمحاسبة المقصرين والمتسببين في الفساد من دون أي تهاون.