د.صلاح بن فهد الشلهوب - الاقتصادية السعودية تم بحمد الله إصدار نظام التمويل العقاري، ونظام التأجير التمويلي، إضافة إلى نظام مراقبة شركات التمويل واللوائح التنفيذية لهذه الأنظمة، والحقيقة أنه لا بد من الإشادة هنا بالآلية التي تم من خلالها إقرار هذه الأنظمة، حيث عُرِض النظام على الجمهور لإبداء ملاحظاتهم، والاستفادة منها، خصوصا من ذوي العلاقة، الذين يؤثر فيهم النظام ويتطلعون إلى الاستفادة منه بصورة تفي بمتطلباتهم وتحفظ حقوقهم. خلال الأعوام الماضية ومنذ أن بدأ المواطن يهتم بقضية السكن جعلت الحكومة هذه القضية ضمن أولوياتها، وكان الحديث حينها مركزا على إقرار نظام الرهن العقاري لحل هذه الأزمة، خصوصا أن تمويل صندوق التنمية العقاري لا يفي بحجم الطلبات المتزايد، علما بأن الإحصاءات الرسمية تشير إلى وجود نسبة عالية من غير المتملكين لمساكنهم، إضافة إلى الأرقام العالية لحاجة السوق إلى الوحدات السكنية سنويا، لكن بعد أزمة الرهن العقاري في الولاياتالمتحدة بدأ البعض ينظر إلى مثل هذا النظام بقلق خشية تكرار هذه الأزمة في المملكة؛ لذلك أخذ هذا النظام وقتا طويلا إلى أن تم إقراره أخيرا بحمد الله. وبعد صدور نظام الرهن العقاري فهل ستحل أزمة السكن في المملكة؟ الحقيقة، أن هذا النظام تزامن أو سبقته مجموعة من المبادرات لحل أزمة السكن، منها زيادة دعم صندوق التنمية العقاري، إضافة إلى مشاريع وزارة الإسكان، كما أن هناك مؤسسات اجتماعية تعتني بالإسكان، إضافة إلى الاستثمارات في هذا القطاع التي أصبحت تنمو وتنشط بشكل أكبر. لكن لتتكامل عناصر حل هذه المشكلة فإنه لا بد من النظر إلى جميع جوانبها التي تتعلق بوفرة السكن ومقدار الحاجة والطلب، إضافة إلى توافر المال والتمويل، فبصدور نظام التمويل العقاري فإن ذلك يمكن أن يكون قد حل جزءا من المشكلة المتعلقة بالتمويل فقط، وتبقى مسألة توافر السكن وحجم الطلب؛ إذ إن الإحصاءات تشير حسبما ذكر وزير الاقتصاد والتخطيط إلى أن نسبة تملك السكن بين المواطنين تبلغ 61 في المائة ولا يعني، كما ذكر الوزير، أن كل هذه المنازل مناسبة؛ ما يعني أن هناك نسبة عالية لا تملك مساكنها، والتحدي الأكبر أن عدد الأسر من المواطنين في تزايد كبير بشكل سنوي، وفي حال كان عدد من يتملكون مساكن كل عام أقل من نسبة الازدياد في عدد الأسر سنويا فإن نسبة تملك المواطنين ستتناقص سنويا، وهذا يشكل في حد ذاته أزمة أيضا. من مشكلات توافر السكن مسألة توافر الأراضي وتكلفة بناء المساكن، ففي المدن الصغيرة والمدن غير الرئيسة لا تكاد مسألة الأراضي تمثل مشكلة أو أزمة؛ إذ إنها تتوافر بسعر مناسب، إضافة إلى أن توزيع المنح فيها يتم بصورة أسهل وأسرع، وتكون هذه الأراضي في مناطق قريبة من مركز المدينة؛ ما يجعلها مناسبة للسكن، وهذا بخلاف الوضع في المدن الكبيرة؛ لذلك يمكن أن تكون نسبة التملك في غير المدن الرئيسة أكبر. بناءً عليه، فإنه من المهم في هذه المرحلة العمل على مجموعة من الإجراءات للحد من الضغط على حجم العرض الموجود من المساكن في السوق؛ ما يسهم في زيادة المعروض من المساكن والأراضي، إذ إن زيادة الطلب على المساكن والأراضي ستزيد من أسعار المساكن، وبذلك سيكون نظام التمويل العقاري عبئا على البعض وليس حلا. من القضايا المهمة فيما يتعلق بالأراضي مسألة الأراضي البيضاء غير المستخدمة التي تشكل نسبة كبيرة من مساحة المدن الرئيسة، إضافة إلى أن هناك مناطق أصبحت شبه مهجورة من المواطنين بسبب الانتقال منها إلى المناطق الجديدة، علما بأن هذه المناطق تتوافر فيها البنية التحتية والخدمات بشكل أفضل من المناطق والأحياء الجديدة. كما أنه من المهم أيضا أن يكون تحفيز الاستثمارات في مجال التطوير العقاري بصورة نموذجية من خلال بناء المدن السكنية المتكاملة، كما أن الاستثمار في تنوع وسائل المواصلات من خلال شبكة القطارات داخل المدن وبين المدن بعضها مع بعض، من الممكن أن يحفز على السكن خارج مراكز المدن الرئيسة، سواء من خلال السكن في ضواحي المدينة أو في المدن القريبة من المدن الرئيسة. الخلاصة، أن إقرار نظام التمويل العقاري حل لجزء من مشكلة الإسكان في المملكة في جانب التمويل، ومن المهم العمل على تعزيز فرص توافر المعروض المناسب من الوحدات السكنية، خصوصا مع تزايد أعداد الأسر التي تحتاج إلى مساكن سنويا.