كنت في الرياض أسكن في شقة تؤجر باليوم وقريبة من موقع الحرس الوطني لزيارة ابنتي الطبيبة ساميه التي تعمل بالحرس الوطني عندما أعلن رسمياً وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - واتجهت الأنظار إلىولي العهد في حينه الأمير سلمان بن عبدالعزيز.. ذهبت للصلاة مع المسلمين على الملك عبدالله في جامع الإمام تركي بن عبدالله المجاور لقصر الحكم بالرياض، ذلك القصر الذي قضى فيه الملك سلمان ربيع عمره كحاكم لمنطقة الرياض، بعد الصلاة قابلت مجموعة من كبار السن وقد بدا لي بأنهم مشايخ قبائل بلباسهم القبلي التقليدي الذي تعلوه عمامة من القماش الأبيض فوق الرؤوس، وجميعهم يترحمون على الملك عبدالله - طيب الله ثراه - وهم يقولون وأنا أسمعهم بعد الصلاة ( ما علينا خلاف وكحيلان في الوجود، المملكة وشعبها في أمان بإذن الله ) وكحيلان المقصود هو الملك سلمان.. وهذا اللقب خاص للملك سلمان يلقبه به أهل نجد الذين عاصروه عن قرب وعرفوا طباعه وخصاله وخبرته منذُ أن عاصر الملك عبدالعزيز، ثم إخوته الملوك من بعد والده، فكان عوناً لهم وظهيراً أطال الله في عمره. تسلم الملك سلمان حكم البلاد واعتلى عرش المُلْكْ ولم ينتظر لحظة واحده لمعالجة بعض الأمور التي يستوجب معالجتها بشكل آني وفوري، فأصدر عددا من القرارات الإصلاحية الفورية لخدمة الوطن والمواطنين، ثم انطلقت المسيرة بقيادته بخطابه الشهير الذي ركز فيه على تحقيق العدالة والمساواة بين أبناء الشعب السعودي وأن مجلسه مفتوح وهواتفه مفتوحة للاستماع لشكاوى المواطنين لنيل حقوقهم حتى وإن كانت الشكوى ضد أحد من أبنائه. انطلق الملك سلمان بالمسيرة السعودية إلى الأمام واختار له ولي عهد قويا أمينا وشجاعا هو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، الذي قال له الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله عندما كان يؤدي القسم أمامه كوزير دولة وعضواً في مجلس الوزراء ورئيسا لديوان ولي العهد ومستشارا خاصا .. حيث قال:-( الله يوفقك لخدمة دينك ووطنك وأمتك العربية والإسلامية وإن شاء الله أنك تحكم أرضك ). في ذكرى البيعة العاشرة لتولي الملك سلمان عرش المملكة العربية السعودية لا بد من الإشارة إلى أنه في هذه السنوات العشر الماضية حققت السعودية كثيرا من الإنجازات على كل المستويات، ففي المجال الإنساني تم إنشاء مركز الملك سلمان الذي وحَّدَ جميع الإعانات والإغاثات الإنسانية التي تقدمها السعودية للداخل والخارج بعد أن كانت متفرقة ومتقطعة ومبعثرة. وفي المجال العربي والإسلامي استضافت السعودية عدداً من المؤتمرات على كل المستويات لمناقشة وحل وتوحيد المواقف تجاه القضايا العربية والإسلامية وعلى رأسها قضية فلسطين. لقد شهدت السنوات العشر الماضية من عهد الملك سلمان نهضة تنموية شاملة في القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية و الاجتماعية والعسكرية. تلك النهضة التنموية التي تم ترجمتها من خلال تنفيذ برامج رؤية المملكة 2030م، التي تسير منذ أن أطلقها عرابها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله في عام 2016م، وشملت جميع المجالات و من أبرزها مشاريع السعودية الخضراء ومدينة «نيوم» و»القدية» ومطار الملك سلمان بالرياض والمشاريع الترفيهية العملاقة الأخرى في مناطق المملكة كخطوات على طريق تطوير السياحة، يضاف إلى ذلك الدعم الكبير لتأمين الخدمات لجميع فئات المجتمع السعودي في كل مناطق المملكة لتأمين العيش بأمن وأمان ورفاهية وبجودة حياة عصرية عالية. إن من الإنجازات الكبرى في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز إعطاء المرأة السعودية كامل حقوقها الشرعية في الشريعة الإسلامية والتي لا يمكن عدها، ومنها المشاركة القيادية الفعلية في مسيرة التنمية للبلاد في كل المجالات. في العقد الأول لتولي الملك سلمان سدة الحكم شرعت المملكة في تنفيذ إصلاحات مالية لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على عائدات النفط وتم إنشاء صندوق الاستثمارات العامة للاستثمار في الداخل والخارج ولجلب الاستثمارات الداخلية والخارجية وتوطين الصناعات وعقد المؤتمرات الصناعية والمالية والفكرية والتكنولوجية والذكاء الاصطناعي وغيرها واستقطاب الرياضات العالمية المختلفة والتجهيز لاستضافة كاس العالم في العام 2034 م ومعرض إكسبو في الرياض في العام 2030 م وقامت السعودية بتقوية الأندية والأنشطة الرياضية والثقافية والفنية والسياحية ودعم الأعمال التراثية وغيرها مما كان له الأثر الكبير في تحقيق رؤية التنمية 2030 م التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. لقد أدى كل ذلك إلى زيادة الدخل القومي وارتفاع أرقام الميزانية لتتخطى التريليون ريال والقادم أفضل بإذن الله. أما في المجال الأمني والعسكري فقد اجتثت السعودية كل المخربين والإرهابيين من أرضها، وسيطرت على المهربين والمروجين لكافة المهربات بكل أنواعها حيث طبقت أنظمة جديدة صارمة ضد كل من يحاول زعزعة الأمن والاستقرار أو يدمر أبناء وبنات الجيل الحالي.. أما في المجال العسكري فقد أعادت السعودية هيكلة قواتها المسلحة ودعمت الصناعات العسكرية المختلفة وأطلقت حرب عاصفة الحزم لإيقاف المد الصفوي في اليمن، وأنشأت مع الدول الإسلامية والعربية والخليجية التحالف الإسلامي والتحالف العربي والتحالف الخليجي وأهداف هذه التحالفات الحفاظ على الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب. إن السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تعاضد سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإغاثياً شقيقاتها من الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة وفقاً لقواعد والقوانين الدولية المرعية ووفقاً للأخوة والإنسانية. أدام الله الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمين وسدد خطاهما بما يرضي الله على دروب الخير والإنجاز والعطاء لخدمة بلاد الحرمين الشريفين وشعبها الأبي وبلاد العرب والمسلمين.