يعتقد البعض أن الحوارات في المواقع الإلكترونية سرية، ولا يمكن التعرف على أصحابها أو كتّابها، وهو اعتقاد خاطئ، إذ يؤكد خبراء الإنترنت أنه من السهل التعرف على جميع الكتّاب قبل اثني عشر عاما أثير جدل كبير حول خصوصية المعلومات الشخصية في الولاياتالمتحدة وأوروبا، عندما أفصحت الجهات المسؤولة في المباحث الفيدرالية الأميركية بأنها قامت بتطوير برنامج أسمته "كارنيفور" أو "الملتهم" مهمته التجسس على جميع أنواع الاتصالات التي تتم عبر الإنترنت. وأثار هذا الموضوع انزعاجا كبيرا من قبل جمعيات حقوق الإنسان وحماية الحرية الشخصية في الولاياتالمتحدة، بسبب وجود شبكة تجسس عالمية أميركية أوروبية اسمها "أيشيلون" Echelon أسستها وكالة الأمن القومي الأميركية NSA بهدف التجسس على معظم الاتصالات الرقمية والسلكية واللاسلكية والاتصالات عبر الأقمار الصناعية. وبعد كوارث الإرهاب التي وقعت في الولاياتالمتحدة وبريطانيا وبعض دول أوروبا والشرق الأوسط بما فيها المملكة طورت بريطانيا أجهزتها الرقابية المصورة فنشرت كاميرات تصوير في جميع شوارع المدن البريطانية حتى أصبح البريطانيون يعانون من حبس حرياتهم الشخصية وأصبحت قضية التجسس السمعي والمرئي قضية أشغلت المسؤولين في جمعيات حقوق الإنسان مطالبين بتوفير تشريعات قانونية تعطي الحق للأجهزة الرسمية ممارسة هذه الإجراءات وفق نظم وقوانين تحدد استخدامها في الطوارئ والأزمات لحماية الممتلكات وليست بصفة مستمرة وذلك على مبدأ حماية حقوق الحريات الشخصية. وكما قال الدكتور علي الغمراوي رحمه الله بعد أن أقام سنوات طويلة في أوروبا وأجاد لغات عدة يقول: إن العيش في البلاد العربية والإسلامية أفضل ألف مرة من العيش في الغرب، ويشير بصفة خاصة إلى حسن العيشة في المملكة العربية السعودية إذ يقول: إن المواطن الغربي تحول إلى رقم يُعرف به في سجلات دولته، وإن حركاته مرصودة منذ أن يخرج من بيته صباحا ويعود مساء وهو مراقب بين ذلك. وحسب أحد تقارير جريدة لوس أنجلوس تايمز يقول التقرير: إن في القرن الحالي سوف تختفي خصوصية الأفراد وحرياتهم الشخصية وكما قال جون فالنتاين "رئيس شركة أنفوجيل" انتهت أيام الحرية الشخصية، ولا تستطيع في هذا الأيام حتى تغيير اسمك بسرية تامة. ويعتقد البعض أن الحوارات في المواقع الإلكترونية سرية ولا يمكن التعرف على أصحابها أو كتّابها وهو اعتقاد خاطئ، إذ يؤكد خبراء الإنترنت والمواقع الإلكترونية السرية أنه من السهل التعرف على جميع الكتّاب المجهولين، ومعرفة مواقعهم كما هو الحال للمكالمات والرسائل والصور المرسلة من الهواتف النقالة وأجهزة الكمبيوتر بأنواعها، وأن مراكز الخدمة لبعض أجهزة الهواتف الحديثة النقالة تحتفظ بملفات لجميع الوارد والصادر من هواتفها النقالة الحديثة، إضافة إلى قدرتها على تسجيل بعض المكالمات المرسلة والمستقبلة. وهذا يدفعني اليوم إلى توجيه رسالتين مهمتين، الأولى إلى جميع مستخدمي التقنية الحديثة الإلكترونية من هواتف وأجهزة كمبيوتر بأنواعها بأن يكونوا حريصين كل الحرص من قراصنة الاتصالات الإلكترونية أفرادا وأجهزة حكومية، كما أؤكد لهم أن جميع الوسائل المبذولة لحماية سرية المعلومات قد فشلت، وعليهم حسن الاستعمال في المراسلات التي تهمهم سريتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. أما الرسالة الثانية، فهي إلى أولئك الذين يستخدمون التجسس والتصنت وسرقة المعلومات في غير مكانها، ولأسباب غير الأسباب الأمنية للحفاظ على سلامة الأوطان والشعوب، أقول لهم: عليكم أن تحترموا الخصوصية الشخصية. فهي حق من حقوق الإنسان ينبغي عدم التعدي عليها أو اختراقها. وديننا الإسلامي قد نهى عن التجسس. وإن تعدي بعض العاملين في شركات الاتصالات على حقوق العملاء بالتصنت وتسجيل مكالمات بغرض الابتزاز أو لأغراض شخصية أخرى فهي جريمة ينبغي أن يعاقب القانون من يقوم بها وينبغي ألا تقوم أي إدارة أو مؤسسة أو جهة رسمية بالتصنت إلا بإذن رسمي مبرر. إن ديننا الإسلامي قد وضع التشريعات في هذا الموضوع إذ قال تعالى: (يا أيها الذين أمنو اجتنبوا كثيرا من الظن، إن بعض الظن إثم، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه، واتقوا الله إن الله تواب رحيم) الحجرات 12. وفي هذه الآية لم يقع الابتداء بالنهي عن التجسس، ولكن سبقه الحديث عن الظن الذي يؤدي إلى التجسس. وفي الحديث عن أبي داود عن معاوية قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم)، ومن أبلغ النهي عن التجسس حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم حل لهم أن يفقؤوا عينه). إن من أكثر الإشاعات المتداولة لدى عامة الناس، أن الإنسان أصبح مراقبا في جميع تحركاته وخلال أيام السنة، إذ يشاع أن وضع الكود الإلكتروني على البطاقه الشخصية وعلى الجواز الرسمي وعلى استمارة السيارة وكروت الائتمان البنكية وعلى شريحة الهاتف النقال، ورغم أهميتها إلا أنه وسيلة متابعة ومراقبة حديثة تضع حركته وحريته الشخصية مقيدة ومسجلة. متمنيا أن تكون هذه إشاعات مغرضة، مؤملا من الجهات الرسمية إصدار تطمينات تنهي أو توقف هذه الإشاعات المغرضة، فالإنسان يعيش لأجل كرامته وحريته الشخصية وإلا فلا قيمة له.