تصريح وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة ل ""الوطن"" (28/12/2012) عن إطلاق ضوابط خاصة بالفضائيات المحلية، بهدف التحوط تجاه دعوات التفرقة في المجتمع السعودي تستحق الاهتمام. من المؤكد أن فضاءنا صار مستباحا من قبل قنوات تصوغ الخطاب والرأي العام في اتجاهات ومناحٍ لا تخدم الوحدة الوطنية. سواء من خلال التوسل بخطاب طائفي عقيم يسعى لتأجيج المشاعر دون أن يغير من حوادث صارت جزءاً من التاريخ. التجاوزات لم تقتصر على هذا الأمر، بل أصبحنا نشهد خطابا ضيقا يعلي من قيمة القبيلة والإقليم والمنطقة، ويثير في بعض الأحيان قضايا وأمورا تجاوزها الزمن، لكن بعض الاجتهادات غير الموفقة أعادت إشاعتها من خلال فضائيات وبرامج غلبتها شهوة الانتشار، على مراعاة المصالح العليا للإنسان والوطن. إن أبرز ما يهدد مجتمعاتنا العربية، في شأن الهوية، خطاب طائفي من مختلف الجهات، أو خطاب عنصري بغيض ينتج عنه بالضرورة إشاعة المشاعر السلبية التي تتعارض مع أبسط مفاهيم الدولة الوطنية. إن سعي وزارة الثقافة والإعلام إلى سن وتفعيل هذه القوانين أمر مهم للغاية. لكن من الضروري ألا يتم استخدامها كعصا انتقائية تنال من هذه القناة وتتجاوز عن تلك، فالطائفية والعنصرية وغيرهما من الممارسات السلبية ينبغي أن تكون من الأمور الممقوتة أيا كانت هوية القناة التي يصدر منها مثل هذا السلوك. والأمر نفسه ينسحب على منابر التعبير الأخرى. المهم ألا يكون لدى من ينفذ القرار خلطا في المفهوم بين الرأي كرأي، وبين الخطاب الطائفي أو العنصري التحريضي الذي لا يعبر عن رأي بقدر ما يعكس رؤية بغيضة لا تزال تسكن بعض النفوس، وينبغي للإعلام النزيه أن يترفع عنها أيا كانت الأسباب والمبررات التي تتوسل بالخطاب الوطني وهو براء منها.