قبل أيام أطلق سراح أحد رجال الدين السعوديين، وبذهابه إلى بيته هبّ معارفه وتلاميذه وأنصاره للسلام عليه. رجل الدين هذا لديه فتاوى متنوعة استخدمها تنظيم القاعدة في الخليج كثيراً. الشريحة التي جاءت للسلام عليه متنوعة. ظنّ البعض أن المتعاطفين مع القاعدة أصبحوا قلة، غير أن هذه الرؤية تبين خطؤها إذ جاء بعض المتعاطفين مع القاعدة في مجلس رجل الدين الذي أطلق سراحه للسلام على شيخهم وللحديث معه. وبينما هم كذلك إذ دخل أحد الأكاديميين في الفقه بجامعة القصيم، وهو بنفس الوقت عضو في لجنة المناصحة وما إن وطئت قدمه مجلس رجل الدين المطلق سراحه حتى هبّ بعض من ناصحهم أكاديمي الفقه في السجن لمناقشته. أولئك الأشخاص (المتعاطفين مع القاعدة) قالوا للشيخ عضو لجنة المناصحة ان مناصحته لهم في السجن كانت خطأ، وأنه يناصر الكفر، وأنه على خطر عظيم، ردّ عليهم: «أنا أقوم بما يمليه علي ضميري وأنا آتي للسجن لمناصحتكم ولمناقشتكم»، ولم يكمل كلامه إلا وأمطروه بوابل من الشتائم والكلمات الجارحة القاسية، وهذا الشيخ (هو) من تلاميذ الشيخ محمد بن عثيمين وهو ممن اشتهر بدروسه في شرح «منار السبيل» وهو من الوطنيين البعيد كل البعد عن تنظيمات القاعدة وأيديولوجيات الإسلام السياسي فهو ببساطة «فقيه مسالم» غير أن هؤلاء المتعاطفين مع القاعدة والمسجونين بقضايا أمنية من قبل لم يقدروه ولم يجد منهم إلا القسوة والترهيب والإرهاب. قصص انتهاء حالات التعاطف مع القاعدة لن تعدو كونها خيالية، بدليل أن المتعاطفين مع القاعدة بازدياد. الفكر الديني لم يقم بواجبه المطلوب لهزيمة أيديولوجيا القاعدة. وإذا قارنا بين خطاب رجل الدين «الخارج من السجن» الذي زاره فئات متعددة من بينهم من يتعاطف مع القاعدة وهجومهم على «الأكاديمي الفقيه وعضو لجنة المناصحة» سنكتشف أن الأمور في الخطاب الديني ليست على ما يرام بل هناك ثغرات كبيرة تحتاج إلى إصلاح. بآخر السطر، تنظيم القاعدة لم يمت، والفقهاء لم يقوموا كما ينبغي بدورهم لضرب تنظيم القاعدة، والشباب الصغار يتم تجنيدهم حتى الآن، فلنكن أكثر رؤية للمشهد وأدق إبصاراً له قبل أن يقع الفأس بالرأس كما وقع مراراً من قبل فهل نحن مستعدون؟!