أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    وزير المالية: نمو الناتج المحلي 64% و«غير النفطية» تقفز 154%    بلاك هات تنطلق في ملهم بمشاركة 59 رئيس قطاع أمن السيبراني    إسرائيل تقصف وسط بيروت لأول مرة    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة خطية من أمير دولة الكويت    رئيس «اتزان»: 16 جهة مشاركة في ملتقى "التنشئة التربوية بين الواقع والمأمول" في جازان    وزير الشؤون الإسلامية: ميزانية المملكة تعكس حجم نجاحات الإصلاحات الإقتصادية التي نفذتها القيادة الرشيدة    زيارة رسمية لتعزيز التعاون بين رئاسة الإفتاء وتعليم منطقة عسير    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة    نائب وزير الدفاع يرأس وفد المملكة في اجتماع الدورة ال 21    الخريف يبحث تعزيز التعاون المشترك في قطاعي الصناعة والتعدين مع تونس وطاجيكستان    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    نوف بنت عبدالرحمن: "طموحنا كجبل طويق".. وسنأخذ المعاقين للقمة    العراق يشهد اجتماعًا ثلاثيًا حول أهمية الحفاظ على استقرار وتوازن أسواق البترول العالمية    يايسله يطلب تعاقدات شتوية في الأهلي    موعد مباراة النصر القادمة بعد الفوز على الغرافة    ولي العهد يرأس جلسة مجلس الوزراء لإقرار الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 2025م    تنفيذ 248 زيارة ميدانية على المباني تحت الإنشاء بالظهران    مسؤول إسرائيلي: سنقبل ب«هدنة» في لبنان وليس إنهاء الحرب    السجن والغرامة ل 6 مواطنين.. استخدموا وروجوا أوراقاً نقدية مقلدة    هيئة الموسيقى تنظّم أسبوع الرياض الموسيقي لأول مرة في السعودية    الجدعان ل"الرياض":40% من "التوائم الملتصقة" يشتركون في الجهاز الهضمي    ترمب يستعد لإبعاد «المتحولين جنسيا» عن الجيش    مستشفى الدكتور سليمان فقيه بجدة يحصد 4 جوائز للتميز في الارتقاء بتجربة المريض من مؤتمر تجربة المريض وورشة عمل مجلس الضمان الصحي    «الإحصاء»: الرياض الأعلى استهلاكاً للطاقة الكهربائية للقطاع السكني بنسبة 28.1 %    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    الطائرة الإغاثية السعودية ال 24 تصل إلى لبنان    سجن سعد الصغير 3 سنوات    حرفية سعودية    تحديات تواجه طالبات ذوي الإعاقة    تحدي NASA بجوائز 3 ملايين دولار    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    حكايات تُروى لإرث يبقى    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    ألوان الطيف    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    خسارة الهلال وانتعاش الدوري    866 % نمو الامتياز التجاري خلال 3 سنوات    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    القتال على عدة جبهات    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



null
نشر في عكاظ يوم 03 - 03 - 2011

فوجئ يوسف خلال سماعه لشريط قديم لأحد الدعاة المشاهير بمحتوى الخطبة التي كانت تحمل تأييدا لأفكار التنظيمات المتطرفة وتحث الشباب على اتباعها.
ومصدر استغرابه أن هذا الداعية قد تحول سلوكيا وأصبح أحد نجوم الدعوة في العصر الحديث بل إنه أصبح يدعو لبعض الأفكار الحديثة لكنه لم يسمعه قط فقد تراجع علنا عن أفكاره التي سمعها في الشريط أو تبرأ منها أو أنه ذكر بعض الأفكار المضادة لها بشكل بسيط وعرضي.
ويبدو مصدر خطورة عدم إعلان بعض العلماء والدعاة والواعظ عن تراجعهم عن أفكارهم القديمة التي كانت تؤيد التكفير والتفجير في مرحلة من المراحل والتي أصبحت فيما بعد وبالا على مجتمعنا وعلى المجتمعات العربية والإسلامية في استخدام هذا التأييد القديم والدعوات السابقة من هؤلاء الدعاة كوسيلة جذب للشباب من قبل التنظيمات المتطرفة كالقاعدة متخذين من الفتاوى القديمة والآراء السابقة للدعاة وسائل فاعلة في انخراط الشباب في قضايا التكفير والتفجير باسم الجهاد والدين.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل إن بعض الدعاة قد لا يعلن عن تراجعه خوفا من فقد بعض شعبيته عند بعض المتعاطفين مع هذه التنظيمات، لكن لا يمكن أن نضع جميع الدعاة في إطار واحد بل إن بعض الدعاة قد يكونون بعيدين عن هذا الفكر ومتبرئين من قواعده وأركانه لكنهم قد يصرحون برأي يفهم بشكل خاطئ ويؤخذ من قبل التنظيمات على أنه يؤيدهم وتستخدم كوسيلة جذب واستقطاب وإقناع للشباب المغرر بهم.
وهو ما أكده أحد العاملين في مجال المناصحة عندما بين أن بعض العلماء والدعاة أيدوا في بداية الأمر الجهاد في العراق ثم تراجعوا بعد ذلك لكن التنظيمات المتطرفة استخدمت التأييد وأهملت التراجع لتقنع بعض الشباب بهذا الأمر، واستدل المصدر على ذلك بقصة حصلت معهم عندما تمت مناصحة أحد الشباب فأوضح أنه عمل وفق فتوى أحد العلماء فتعجبنا منه ذلك وطلبنا منه أن يكتب سؤاله عن هذه الفتوى بخط يده لنفس العالم وبالفعل أخذنا الورقة وأوصلناها لهذا العالم فرد على سؤاله بنفي تلك الفتوى، مؤكدا أنه أفتى في بداية الأمر لكنه تراجع وحرم الذهاب إلى العراق معتبرا هذا الأمر غير جائز ومفسدة والواجب اتباع ولي الأمر في أمور الجهاد وعدم الخروج عليها.
وشدد المصدر على أن بعض الدعاة والواعظ قد تأثروا ببعض الفتاوى التي تدعو للقتل والتفجير باسم الجهاد وأيدوها لكنهم سرعان ما تبين لهم حقيقة هذا الأمر وأنه مجرد وسيلة لزرع الفتنة في الأمة وإراقة دماء المسلمين بغير وجه حق.
مؤكدا أن بعض الدعاة والواعظ أخذتهم الحماسة في بداية الأمر وهو ما حصل مع بعض الدعاة في بداية التسعينات عندما أيدوا الذهاب لأفغانستان ودعوا للجهاد، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي تم استخدام هذه الدعوات من قبل بعض الدول الأخرى لبث الفوضى في المنطقة وإشاعة القتل والتفجير والتكفير، مبينا أن بعض الدعاة قد تغير سلوكيا لكنه لم يتراجع أو يعلن تراجعه عن أفكاره القديمة وهو أمر لمسناه. مستدركا أن البعض قد غير خطابه وعدل أفكاره القديمة لكن التنظيمات المتطرفة عتمت على ذلك في ظل الحصار الذي يفرض على الشباب المنضمين لهذه التنظيمات من قبل الرؤوس المحركة لها وهو ما أكده رئيس حملة السكينة لمواجهة الفكر الضال عبدالمنعم المشوح أن بعض المتعاطفين الذين يحاورهم يستغربون عندما تعرض عليهم فتاوى وإجابات العلماء حول التنظيمات المنحرفة أو رؤوس الفتنة كأسامة بن لادن وغيره؛ معللا ذلك بعيشهم في حالة تغييب ساهم فيها بعض من لديهم مواقف لينة من الأفكار المنحرفة.
وبالعودة إلى المصدر فقد لفت إلى أن التنظيمات قد تلجأ للتزوير في حال لم تجد ورقة تلعب بها لجذب الشباب وإقناعهم بجدوى القتال مع هذه التنظيمات في ظل الضربات التي تتلقاها القاعدة والتي تجعلها في مرحلة ارتباك وتخبط.
وبين المصدر أن بعض الدعاة والواعظ لم يدركوا الواقع لذلك وإن تحولوا ظاهريا لكن بعضهم مازال يتعاطف أو لم يتراجع علنا وهو ما يعتبر خطرا كبيرا لأنها ورقة مستخدمة من قبل القاعدة وغيرها من التنظيمات المتطرفة.
خطوة اللجنة الدائمة
ودعا المصدر إلى ضرورة أن يوضح الدعاة والعلماء موقفهم من هذه التنظيمات بشكل علني ويتبعوا أثر هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث والتي تبرأت من البيانات المكذوبة عليها من قبل القاعدة لأن السكوت يعني التعاطف بالفعل معهم، مشيرا إلى أن هذه التنظيمات قد تستخدم هذه الفتاوى بشكل خاطئ وسلبي وإن كانت قديمة، مشددا على ضرورة التراجع من قبل العلماء والدعاة عن آرائهم وفتاواهم السابقة متبعين أثر عدد من العلماء الكبار، أو التبرؤ من ذلك في حال تزوير التنظيمات للفتاوى والآراء وبيان أن العالم الفلاني أو الهيئة تؤيد القاعدة وأسامة بن لادن وهذا الفكر الضال باسم الدين والجهاد.
«عكاظ» فتحت هذا الملف الشائك حول أهمية إعلان العلماء براءتهم من الفتاوى والآراء المكذوبة عليهم من قبل التنظيمات المتطرفة أو تراجعهم عنها في حال تبنيهم في السابق لهذه الأفكار، وتساءلت هل يوجد بالفعل دعاة ووعاظ لم يعلنوا عن تراجعهم عن أفكارهم وفتاواهم القديمة حول تأييد القاعدة والتنظيمات المتطرفة ؟! وهل تشكل تلك الآراء ورقة جذب من قبل التنظيمات المتطرفة للشباب ؟! وما أهمية إعلان التبرؤ من هذه الأفكار أو التراجع عنها بشكل علني وعبر كل الوسائل المتاحة؟! وهل يكفي التحول في السلوك والخطاب لبعض الدعاة المؤيدين السابقين لهذه الأفكار، أم أنه لابد من التراجع العلني عن هذه الأفكار بعينها ؟! وما هو الحكم الشرعي لهذه المسألة ؟!، وناقشت هذه المحاور مع العاملين في مجال المناصحة والباحثين والمهتمين في شؤون الجماعات المتطرفة والعلماء والدعاة في سياق التحقيق التالي:
ضبابية الرأي
بداية يؤكد مدير حملة السكينة لمكافحة الفكر المتطرف على الإنترنت عبد المنعم المشوح حقيقة أن بعض الدعاة كانوا غير واضحين في آرائهم من تنظيم القاعدة والتنظيمات المتطرفة مما جعل تلك التنظيمات تستخدم ذلك كوسيلة إقناع وجذب للشباب، مضيفا: «من خلال تجربتنا في حملة السكينة والحوار مع المتطرفين والمتعاطفين وجدنا أثر (عدم الوضوح) في بعض البيانات الصادرة من بعض الأفراد الذين حاولوا في بداية الأزمة المحلية مع المتطرفين 2003 2005 م الخروج بتعليقات عائمة ترجع ربما إلى تصور التهدئة أو التخفيف من شر المتطرفين اجتهادا منهم، وأدركوا بعد ذلك أن عدم الوضوح في تسمية أعيان رؤوس التطرف والفساد يضر أكثر مما حسبوا له في بداية الأزمة، فجاءت بعد ذلك بياناتهم وتعليقاتهم أكثر وضوحا».
وأشار إلى أن آراء وفتاوى وإجابات كبار العلماء في بلادنا تعتبر أكثر وضوحا منذ بدأت العمليات فبينوا للناس الموقف الشرعي بكل شفافية ووضوح من هذه العمليات والقائمين عليها والداعمين لها.
واستدل المشوح على ذلك بفتوى هيئة كبار العلماء الصادرة سنة 1416 ه والتي كانت تفصيلية حول تحريم الاعتداء على الممتلكات وخطف الطائرات وهذه سابقة لأحداث الحادي عشر من سبتمر، وبعد ذلك كان لكبار العلماء فتاوى واضحة في رؤوس الفتنة.
ولاحظ المشوح أن موقف بعض المجتهدين جاء متأخرا على أمل أن يصنعوا خط رجعة لهؤلاء عن طريقهم، مشيرا إلى أن السكوت عن بعض الجرائم كرس تشعب الفكر المنحرف وأتاح له فرصة للتنقل في طبقات المتعاطفين الذين لم يجدوا البيان الشافي الواضح حول هذه العمليات أو أشخاص القائمين عليها.
وشدد المشوح على أن من الحكمة في بداية أية أزمة أو فتنة التريث والتبين وإرجاع التفصيل إلى المصالح والمفاسد، مستدركا «لكن بعد أن تكشفت الأمور وأعلن الغلاة صراحة منهجهم الفاسد وأطلقوا دعوات واضحة في محاربة بلادنا وتكفيرهم للدولة والعلماء ودعوتهم إلى التفجير والفساد كان لابد من مواجهة هذا العبث بطرح شرعي صارم ومحدد وواضح».
مواجهة الأفكار
ورفض مستشار وزير الشؤون الإسلامية عضو لجان المناصحة الدكتور ماجد المرسال تعميم المسألة على الدعاة والواعظ مبينا أن الفتاوى لبعض العلماء التي يستند عليها الفكر المنحرف والتي لم يتراجع عنها أصحابها أو يتبرؤوا منها هي فتاوى بعيدة عن الواقع وساذجة تدل على ضعف وعي صاحبها وغيابه عن الفهم الصحيح للمشكلة أو انتهاجه أساليب غير مناسبة لا تحقق الإصلاح الفكري المنشود.
موضحا أن العلماء لهم أثر إيجابي أو سلبي في مواجهة الأفكار المنحرفة بقدر وعيهم بها وإدراكهم لخطورتها وأساليبهم في معالجتها، مشيرا إلى أن إدراك العالم لأبعاد المشكلة الفكرية ومعرفته بأسبابها الموضوعية المتعددة مع رسوخه في تخصصه وتوخيه الأسلوب المناسب من أهم أسباب المعالجة الإيجابية للأفكار المنحرفة. ورأى المشوح أن ضعف العالم في تخصصه فضلا عن جهله بالأسباب الموضوعية للمشكلة الفكرية أو فقده للأسلوب المناسب يجعله جزءا من المشكلة وليس جزءا من حلها، معتبرا ذلك من أسباب تفاوت مستويات العلماء في إسهامهم في مواجهة الأفكار المنحرفة سلبا أو إيجابا.
وأرجع المرسال القضية إلى أصلها الشرعي في التعامل مع هذه المسائل بقوله: «الأصل هو إحسان الظن بالعلماء جميعا وأنهم يقصدون إلى الصواب»، واستدرك: «لكن لا يلزم من حسن القصد إصابة الحق ما لم يبذل العالم نفسه الأسباب المحققة لذلك».
وعد المرسال تغيير العلماء لمواقفهم أو فتاواهم أمرا طبيعيا بل إنه إيجابي شريطة أن يكون هذا التغيير بسبب تغير علل الأحكام أو إذا كان بسبب اتضاح الصواب للعالم وخطأ اجتهاده السابق، وشواهد هذا كثيرة في القديم والحديث، ورفض المرسال التغيير السلبي الذي لا يكون عن سبب علمي أو رجوع إلى الحق وإنما لمجرد الهوى ولو خالف الشرع أو لتحقيق منافع خاصة .
فهم خاطئ
لكن عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى الدكتور محمد السعيدي يرى أن هناك فهما خاطئا لآراء العلماء والدعاة لاتدخل في مسألة التعاطف أو التأييد لهذه الأفكار، مبينا أن أفكار التنظيمات المتطرفة هي أفكار عديدة وليست فكرة واحدة، مشيرا إلى أن بعض العلماء والدعاة قد يؤيدون فكرة واحدة ويخالفون باقي أفكارهم، مشيرا إلى أن بعض أفكار هذه التنظيمات قد تكون إيجابية ولكنها تستخدم استخداما خاطئا، فقضية الجهاد أمر لاخلاف شرعي عليه فهو ذروة سنام الإسلام لكن كيف ؟، إن المسألة في كيفية هذا الجهاد وشروطه وضد من ؟!
واستدل على ذلك بتأييد بعض العلماء والدعاة للجهاد في العراق رغم معارضتهم للتكفير والقتل ثم بعد ما اتضح لهم الأمر فبعضهم تراجع.
وأكد السعيدي على أن تأييد أحد الأفكار لا يعني التأييد لهذه التنظيمات أو التعاطف معها مشيرا إلى أن البعض إذا وجد عالما يؤيد فكرة ما فإنه يسحب كل أفكاره على أفكار هذه التنظيمات وهو أمر خاطئ، موضحا أن هذه التنظيمات قد تأخذ هذه الجزئية وتنستند إليها بأن العالم أو الداعية يؤيدهم في أفعالهم لكسب تعاطف الشباب وإقناعهم بينما هو يؤيد فكرة استخدموها استخداما خاطئا وهو أمر ليس بغريب عليهم فهم قد استخدموا القرآن والسنة بشكل خاطئ، مضيفا: «استخدامهم أسماء بعض العلماء والدعاة أمر معروف عنهم فهم إما يسحبون فكرة أيدها على كل أفكارهم أو زوروا كما فعلوا مع اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث».
وخلص السعيدي إلى القول بأن بعض العلماء والدعاة لم يكونوا متعاطفين مع التنظيمات المتطرفة بقدر إيمانهم بقواعد شرعية يستخدمونها استخداما خاطئا، ورفض السعيدي الاتهام المسبق للعلماء والدعاة قائلا: «لا يمكن التعميم على العلماء أو اتهامهم بأنهم كانوا متعاطفين أو مؤيدين ونطالبهم بالبراءة لأن الأصل براءة الإنسان وهو اتهام مسبق ليس له أصل» .
ونفى السعيدي معرفته لأي عالم أو داعية كان متعاطفا مع التنظيمات المتطرفة سواء القاعدة أو غيرها بكافة أفكارها ثم تراجع بعد ذلك، مشيرا إلى أنه يعرف أن البعض كان متهما بإبطان محبة تنظيم القاعدة ثم أعلنوا براءتهم من ذلك.
خطابان مختلفان
كلام السعيدي وجد معارضة الباحث في الجماعات المتطرفة يوسف الديني الذي رأى أن بعض الدعاة يحمل خطابين مختلفين ذاتا وموضوعا يعتمدان على التفريق بين ما يقال للعامة والجمهور والإعلام وبين ما يظل حبيس الدروس الخاصة والاجتماعات الموجهة للمتلقين والأتباع، مشددا على أنه خطأ لايزال يتضخم يوما بعد يوم في الممارسة العملية لطبيعة هذه الجماعات، وعد هذا الأمر تفسيرا لركام الفوضى والتناقضات من الفتاوى والبيانات والآراء والمواقف التي تبدو في كثير من تجلياتها مثالية وحالمة لكنها للأسف الشديد لا تمت للواقع الذي يعيشه مجتمعنا أو التحديات التي تفرضها روح العصر عليه بأية صلة.
وشدد الديني على أن الاجتهاد والمراجعة في مثل هذه القضايا لا يمكن أن يأتي حاسما ونهائيا من خلال طرح خطابي أو وعظي أو حتى مخاتل يتكىء على العموميات الشعاراتية مما تفننت أدبيات الخطاب الأصولي في المزايدة عليه عبر تحويل «توافه» القضايا والشواغل إلى أولويات اجتماعية كبرى يتم حشد أفراد المجتمع باتجاهها.
ولاحظ الديني بأن هناك سوء فهم متجذر حتى لدى كثيرين من علماء الشريعة والدعاة المعاصرين حول قضية الثابت والمتغير الفقهي والدعوي، وهكذا التفريق الدقيق بين المقدس المختص بالوحي المعصوم في ذاته والبشري الذي يشمل كل الاجتهادات والمحاولات للوصول إلى مقاربة مدلول النص كما أراده الشارع».
وبين الديني في تفسيره أنه «أمر يتسع ويضيق النظر فيه بحسب أصالة المسائل ذاتها وعلاقتها بأبواب الإيمان والعبادات والأخلاق ذات الصفة الإطلاقية والمتعالية على مؤثرات الزمان والمكان، وبين التشريعي منها الذي يشمل مسائل المعاملات والمستجدات والنوازل إضافة إلى وجود مسائل كثيرة ذات علاقة مزدوجة بين النظر الفقهي والتوصيف الواقعي، سواء كان اقتصاديا أو سياسيا أو غير ذلك، مؤكدا أن التراجع لا يكون بالخطاب الارتجالي.
معارضة واضحة
وفي الوقت الذي رأى الديني أن خطاب الاجتهاد والمراجعة يجب أن لايقوم على الوعظ والشعارات فإن الباحث والأكاديمي الدكتور عبدالله البريدي أكد على ماقاله الديني بقوله: «معارضة العلماء والدعاة لأعمال العنف يجب أن تكون واضحة لا لبس فيها، فالمعارضة المبطنة لا تغني من البيان والشفافية شيئا».
مضيفا: «أعمال العنف (الإرهاب) في المجتمعات العربية ومنها مجتمعنا السعودي دخلت منعطفا يتطلب الحسم ووضوح الرؤية في إطار نراعي فيه تحقيق مصالحنا الوطنية العليا».
داعيا إلى ضرورة أن تثار بكل وضوح مسألة تصريح العلماء وطلاب العلم الشرعي بالوقوف ضد أعمال العنف أيا كان مصدرها وأيا كان نوعها أو توقيتها وعلى رأس تنظيمات العنف المدانة جماعة القاعدة وخلاياها النائمة والنشطة داخل البلد وخارجه، مشددا على أننا أمام ظاهرة خطيرة من شأنها زعزعة الأمن والتشويش على السلم الاجتماعي وبرامج التغيير والإصلاح.
وطالب البريدي بضرورة وجود المعارضة الفردية للعنف من قبل العلماء المشهورين أو الذين يصدر عنهم بشكل أو بآخر وعدم الاكتفاء بالمعارضة الجماعية، حتى لا يقال بأن هذا العالم قد كتب شيئا وهو لا يريده..
ورأى البريدي أن أسلوب المعارضة لأعمال العنف وجماعته يجب أن تكون محل نقاش أيضا، مؤكدا على أن الأسلوب يتوجب أن يكون مباشرا وحاسما، مستدركا أن «هذا لا يعني استبعاد أو تهميش النهج العقلي في تشخيص فكر التشدد والتطرف والتكفير والعنف والرد على ما يعتقد أنه مبررات أو مسوغات تدفع بعض الفئات لاعتناق ذلك الفكر الخطر، بل على العكس من ذلك فهو نهج متوقع ومفيد من قبل العلماء الذين يمتلكون أدوات التشخيص والتحليل والإقناع»..
توصيات المشاركين
وبحثا عن الحلول لإشكالية الفتاوى والآراء واستغلالها من قبل التنظيمات المتطرفة دعا البريدي إلى ضرورة إدخال تعديلات جوهرية على مناهج تدريس العلوم الشرعية في الجامعات والمساجد بما يضمن إدخال الأبعاد العقلية في عملية التدريس وتبني أساليب التفكير العلمي والنقدي، مؤكدا على أننا نعاني من أزمة غياب خطوط الاتصال الفكري مع قطاع من الشباب المتورطين في التشدد والعنف، حيث إن نسبة كبيرة منهم يفتقدون ل «رؤوس مفكرة في الوقت الذي يمتلكون فيه «أمخاخا مكفرة» و «عضلات مدمرة»، مما يفوت علينا فرص التواصل الحقيقي، فالرؤوس مختلفة واللغات متباينة !..
وشدد البريدي على ضرورة الديمومة في عملية التوعية بأضرار فكر التشدد وأعمال العنف والمعارضة الدينية والفكرية لها، مشيرا إلى أن جماعات العنف مستمرة في «مغازلة» بعض الفئات وخصوصا الشباب.
وفي نفس الإطار دعا رئيس حملة السكينة عبدالمنعم المشوح لدعم الموقف الرسمي من تسمية الأشياء بمسمياتها ودعم الموقف الشرعي لكبار العلماء الذين انبروا قائلين بالتوضيح والبيان..
مبينا أن جلسات المصارحة واللقاءات المفتوحة بين العلماء والشباب في البرامج التي نفذتها وزارة الشؤون الإسلامية في المناطق وهي مسجلة ومنشورة عملت الأثر الكبير في هز صورة رموز التطرف وجرائمهم، موضحا أن المنهج الشرعي في الفتن والنوازل أن يكون الاتجاه واحد في المعالجة حتى تقوى المدافعة ويضعف الباطل وهو مايسخدمه الدعاة اليوم.
أما عضو لجنة المناصحة الدكتور ماجد المرسال فطالب بضرورة إيلاء مسألة مهملة عمليا وهي العمل على رفع مستوى العلماء في ما يتعلق بالتعامل مع الأفكار المختلفة من خلال برامج متنوعة ومتخصصة نظرية وعملية تكسبهم تميزا في المعرفة والمهارة في المعالجة الناجحة، مشيرا إلى أن هذه المسألة للأسف ليست معدومة في الواقع لكنها ضعيفة جدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.