قامت قيامة الإعلام والمجتمع كله، وهذا طبيعي، حين كانت قاتلة الطفلة "تالا" غير سعودية، لدرجة أن برنامج الثامنةMBC استضاف والدي الطفلة، وقام بإعداد تقرير تضمن اللقاء بالعاملة الإندونيسية في السجن، وهذا دور جميل، لكن المريب أنه ولا مرة أُقيم مثل هذا الجهد الموسّع في جرائم مماثلة ومتكررة بحق الأطفال، حين يكون القاتل سعودياً أو سعودية، كان آخرها قبل أيام، حين أقدم أحد الآباء على تعذيب طفلته، لمى ذات الأعوام الخمسة، حتى الموت، فلم أر سوى أقل من ست دقائق مؤلمة قدمتها قناة العربية، في حديث سريع مع والدة الطفلة، وصفت فيه منظر حال طفلتها التي فارقت الحياة في العناية المركزة، بعدد من الجراح الغائرة، والحروق، ونبش الأظفار، باعتراف والدها (الداعية ومقدم أحد البرامج) وفق التقارير، التي تحدثت عنها الأم. السؤال هنا؛ أين هي قيامة وسائل الإعلام! أين هي البرامج والتقارير في حادثة "لمى"، وأين هو ملف العنف الأسري والجرائم التي يواجهها الأطفال؟ ولماذا لا يُفتح بصراحة! ابتداءً من الضرب وانتهاءً بالقتل، مروراً بالعديد من الفظائع؟! ثم أليس من حق المجتمع أن يعرف – مثلاً – في حالة الضحية لمى، ما إذا كان مثل هذا الوحش البشع، قاتل طفلته تعذيباً، قد أُلقي القبض عليه؟ وهل ستوجه له تهمة الإقدام على القتل المتعمد ويحاسب! ثم لماذا على الأُسر، بل وهذا المجتمع كاملاً، أن يذوق أصناف المرارة، قبل أن يُلتفت لإحدى قضاياه! أين هي التشريعات التي تمكن مؤسسات الإيواء والرعاية والحماية من العنف، من انتزاع المعنفين من أسرهم، لحمايتهم من ذويهم بقوة القانون! وإن وجدت، فأين هو تطبيقها؟! للعلم.. قبل سبعة أشهر فقط، حكم أحد القضاة في المدينةالمنورة بالسجن خمسة عشر عاماً، على أب عذّب طفلته "حنان" ذات الأعوام العشرة، حتى الموت، وبعد أن دفنها سرّاً، أخذ عائلته إلى مكة للعمرة، كي يتقدم ببلاغ لشرطة المنصور بضياع ابنته في الحرم، وهذا الخبر نشره عدد من الصحف، من بينها صحيفة الوطن في 15/4/2012 ، فها نحن أمام قضيتين نشرهما الإعلام باقتضاب، لا يفصل بينهما سوى سبعة أشهر.. ومرةً أخرى ما أكثرها الأسئلة التي تدور حول التشريعات ومؤسسات الرعاية وجمعيات حقوق الإنسان والقضاء! بالمناسبة.. هل تتذكرون مقتل الطفلة "غصون" تعذيباً في مكة؟! العزاء للأسر المكلومة في فقدها للضحايا؛ تالا، لمى، حنان، غصون.. وغيرهن، فيبدو أن في القائمة أسماء كثيرة! والعزاء لنا أيضاً.. نحن هذا المجتمع!