عهد الملك عبدالله حفظه الله اتسم بالإنجاز والإبداع والتطور والتطوير ولامست إنجازاته احتياجات الشعب السعودي والعالم الإسلامي قبل عام تقريباً سعدنا بعد أن وافقت الحكومة على تمويل الشركة المطورة لمدينة الملك عبدالله الاقتصادية بمبلغ خمسة آلاف مليون ريال لاستكمال تطوير المشروع. ولم يعلن عن شروط ومدة وطريقة الدفع للقرض، وإنما معلومات وصلتنا عن القرض والمدينة التي كتبت عنها هنا في أحد مقالاتي الأسبوعية قبل عامين: "إن مشروعاً يحمل اسم الملك عبدالله بن عبدالعزيز يجب أن ينجح"، لأن عهد الملك عبدالله حفظه الله اتسم بالإنجاز والإبداع والتطور والتطوير ولامست إنجازاته احتياجات الشعب السعودي والعالم الإسلامي. إن مشروع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية على المدى البعيد قد لا يتصورها الإنسان العادي. وبصرف النظر عن السلبيات التي وقع فيها المخططون إلا أننا اليوم نتعامل مع مشروع على أرض الواقع يضع تحديات ضخمة ومسؤولية أكبر أمام الإدارة الجديدة لمدينة الملك عبدالله الاقتصادية. وحسب الخطط المعلنة فإن مشروع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية يعد أكبر المشاريع العمرانية التي تشهدها المملكة العربية السعودية! وإذا لم تواجه عقبات عضال تمنع المطورين من تنفيذ خططهم، وإذا تم تنفيذ المشروع فإن خطط المشروع تستهدف إسكان مليوني نسمة، ويوفر لهم مستوى معيشيا راقيا، حيث يقام المشروع على مساحة 168 مليون متر مربع، ويقدر حجم الاستثمار فيه ب 27 مليار دولار أميركي. ويخطط أن يوفر هذا المشروع مليون فرصة عمل لسكان عددهم مليونان. ويتكون المشروع من الميناء التجاري، والمنطقة الصناعية، وحي الأعمال المركزي، ومنطقة المنتجعات والمرافق والأحياء السكنية ومنطقة المؤسسات العلمية والبحثية. وحسب المخطط فإن الميناء سوف يستوعب عشرة ملايين حاوية سنوياً من فئة عشرة أقدام، وسوف يستوعب وصول ثلاثمئة ألف حاج. أما المدينة الصناعية فمساحتها 63 مليون متر مربع، أما منطقة الأعمال فخصص لها 3.8 ملايين متر مربع ومنطقة المنتجعات 3.5 ملايين متر مربع. أما المنطقة السكنية فقد خطط أن تكون هناك أنواع من المستويات السكنية على مساحة مقدارها 51 مليون متر مربع تحتضن 150.000 شقة وخمسة وعشرين ألف فيلا وأكثر من خمسين ألف محل تجاري. وسأكتفي بهذه المعلومات متوقفاً عند الحي السكني الذي تصل مساحته واحدا وخمسين مليون متر مربع، وهو في وجهة نظري الاقتصادية يمثل الكعكة الكبرى لعوائد الشركة المطورة، حيث كانت بداية المشروع الإعلان عن بعض المخططات العقارية لأراض تضارب على سعر شرائها المستثمرون ورست عليهم قبل أن يحصلوا على وثائق التملك، وهنا تداخلت في أحد المقالات وقلت: "لا نريد لمدينة الملك عبدالله الاقتصادية أن تتحول إلى مخططات عقارية يستفيد المطور من عوائد ارتفاع أسعار الأراضي ويستفيد المستثمرون الكبار من المضاربة في أسعار الأراضي وتترك بعض الأراضي بورا حتى ترتفع أسعارها ويحرم الآخرون المحتاجون من المواطنين والعاملين في المنطقة من الاستفادة منها، وعلى وجه الخصوص الشباب". وهذا أيضاً ينعكس على مضاربات الشقق والفلل في المدينة نفسها، التي بدأ بيعها منذ بداية المشروع في بعض المباني التي شيدت منذ البداية. واعترضت على أسلوب وطريقة الطرح، وقلت آنذاك إن مساكنالمدينة الاقتصادية ليست للأغنياء فقط، ولم يكن هذا هو الهدف من المشروع. وبالفعل تمت إعادة النظر في عدد من الخطط من قبل الإدارة الجديدة، وهذا ما يدفعني اليوم إلى طرح فكرة تحويل سداد قرض الدولة للشركة المطورة إلى تمويل مشروع إنشاء مدينة سكنية للشباب بقيمة خمسة آلاف مليون ريال على سنوات، على أن يتم إنشاؤها بالتنسيق وتحت إشراف الصندوق العقاري، حسب شروط الصندوق، وتوزع من خلال الصندوق العقاري، وحسب شروطه تمنح القروض للشباب الجامعيين خريجي الجامعات والمعاهد السعودية والمبتعثين في الخارج الذين يعملون في المدينة، فالدولة ليست بحاجة إلى سداد القرض من الشركة وإنما بحاجة إلى تنمية يحتاجها مواطنوها، والإسكان أحد أهم الاحتياجات الأساسية للشباب، فكم من مدن سكنية أنشأتها بعض الحكومات العربية وباعتها بأسعار تشجيعية لمواطنيها من خلال قروض ميسرة، وكذلك فعلت الدولة السعودية في مشاريع الإسكان الأولى. فهل بالإمكان تخصيص مساحة خمسة وعشرين مليون متر مربع، أي نصف المساحة المخصصة للمنطقة السكنية لتكون مدينة للشباب باسم مدينة الملك عبدالله للشباب، مخصصة لسكن الشباب السعودي المؤهل الذي يعمل في أحد مشاريع المدينة الاقتصادية، وعلى أن يُستخدم القرض الممنوح للشركة المطورة لبناء هذه المدينة؟ كما أتمنى التدخل لمنع مضاربات الأسعار في الأراضي والمباني السكنية، لأنها أحد أسباب أزمة الإسكان في المملكة، هو احتكار تجار الأراضي للمخططات السكنية ومضارباتهم في الأسعار حتى عجز المواطنون والشباب عن شراء الأراضي للبناء عليها. وإن تجاهل موضوع مضاربات أسعار الأراضي والشقق والفلل في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية سوف يؤخر إنجاز المشروع. وأكبر مثال على ذلك أزمة مضاربات الأسعار في مشروع إسكان مكةالمكرمة.