لا أدري لماذا نصر على أن الكفيل دائماً على حق وأن العامل دائماً على باطل. أحد العاملين العرب تحدث عن أن كفيله يقمعه قمع الويل، حتى انه منعه من تدخين نفس نوعية الدخان الذي يدخنه، لأنه شعر بالاشمئزاز أن يشترك مع عامله في ذوق واحد! ولا تسأل عن تأخير الرواتب والقمع وإجبار العامل على الكرف 24 ساعة يومياً. هذا الكلام يصح على الخادمات والسائقين وغيرهم. التعامل بنرجسية مع العمالة، خلافاً لوقوعه خارج التعامل الإنساني، فهو يولد الكراهية والحقد، وما الأحداث التي يشيب لها الرأس من جرائم العمالة إلا نتيجة من نتائج التعامل الشرس مع العاملين. بالمقابل هناك نماذج عديدة من التعامل الرائع والمميز بين العامل والكفيل. هناك من أطلق اسم أبنائه على كفيله، والبعض منهم خدم لدى كفيله حتى وافته المنية بكل اجتهاد وإخلاص. يذكر لي أحد الفضلاء أن عاملاً في السعودية عمل منذ سنه العشرين عند أحد العقاريين الكبار يقود به سيارته ويتجول به ويقضي مشاويره معه، تطور الأمر إلى أن عرف مواعيد أدوية كفيله ومبتغياته وأشيائه التي يفضلها والأمور التي لا يحبذها، بقي هذا السائق أكثر من أربعين سنة لدى الكفيل ولم يفصلهما إلا الموت. كان يتناول معه الغذاء أحياناً. لم يكن التعامل فوقياً بل كانا شريكين في الجهد المبذول في الأعمال اليومية والعقارية التي ترهق كاهل المسن. النرجسية التي تنتاب الكفيل نزوة لها تبعاتها، وهذا يصح حتى على المرأة أيضاً التي تعزل الخادمة وتقصيها وتميزها بالتعامل والاحتقار ورفع الصوت والصراخ بوجهها وربما ضربها، هذا التعامل يعكس الثقافة المتكبرة على فراغ من الأمر. ما أقسى أن يتغطرس أبناء مجتمع عادي مثله مثل غيره من المجتمعات وله الكثير من الأخطاء والعيوب والثغرات. يتغطرسون على العمالة، ينسون أن بنغلاديش فيها ثلاثة فائزين بجائزة نوبل، والإبداع العلمي في شرق آسيا أكثر من أن يحصر. بآخر السطر؛ لنتخلّ عن نرجسيتنا ونتواضع أكثر، فالعمال معنا هم الذين يقومون على شؤوننا فلا نتدخل حتى في تفاصيلهم أو نأنف من تقليدهم لنا كما هو صاحبنا الذي بدأت بقصته المقال، التواضع مفتاح الحب والسعادة للنفوس والمجتمعات، وكلما تغطرسنا كلما اقتربنا من الشياطين، وكلما تواضعنا اقتربنا من إنسانيتنا الحقيقية، فهل نحن معتبرون؟!