فاصلة: (حرية التعبير عن الرأي تبزغ من مؤسسات المجتمع بزوغ الشمس من الكون) -حكمة عالمية- لم أكن لأفهم التقرير الدولي الصادر هذا العام الذي نشرته «مراسلون بلا حدود» حيث تصدرت موريتانيا قائمة الدول العربية في مجال حرية التعبير،كما احتلت موريتانيا المرتبة 67 دولياً وهو ما جعلها تتقدم ب28 مرتبة عن التقرير الماضي فالتقرير يشيد بوضعية حرية التعبير بموريتانيا، والخطوات التي قطعت في سبيل تعزيز ذلك خصوصا تحرير حقل الإعلام السمعي البصري وصدور قانون خاص بالصحافة الإلكترونية. استغرابي ينطلق من فهمي للعوامل التي تعزز حرية التعبير في المجتمع والتي لا تتواجد في المجتمع الموريتاني الذي يعاني من ارتفاع معدل الأميّة فأكثر من 60% من المجتمع لا يقرأون ولا يكتبون وأكثر من 80% يعيشون تحت خط الفقر وتدني الخدمات الصحية ومع ذلك يتمتع أفراد المجتمع بحرية التعبير عبر مؤسساته. أقول ذلك لأن حرية التعبير مطلب ملح للإنسان، وموريتانيا شكلت معادلة غريبة تكشف عن أهمية تشكيل الحرية حتى وإن لم يتوفر في المجتمع إمكانات تعزيزها فكيف تنشأ الحرية مع الفقر والجهل!! يولد الإنسان حراً وليس عبداً إلالله خالقه، وتعجبني مقولة الشيرازي «أن الأصل في الإنسان الحرية في قبول الإنسان الآخر بجميع أقسام الحرية إذ لا وجه لتسلط إنسان على آخر وهو مثله». وقد ميّز الله الإنسان عن باقي المخلوقات بنعمة الحرية والعقل والقدرة على التفكير والاختيار، لكن المجتمعات هي التي تسلب الإنسان حريته حين تتخلى مؤسسات التنشئة الاجتماعية عن دورها في تعزيز قيم الحرية لدى الفرد فلا الأسرة ولا المدرسة ولا المسجد يوقدون في عقل الفرد القدرة على التفكير الحر بدلاً من القمع. إن الحرية تتشكل لتصنع المستقبل وطريقها طويل لكنه يستحق البدء بخطواته لأجل الإنسان نفسه ولأجل مجتمعه. وفيما يبدو أن تخلي المجتمع عن دوره فإن الإنسان لا يتخلى أبداً عن حقه في التعبير الحر.