حمد بن عبد الله القاضي - الجزيرة السعودية حماية للفتوى الدينية، وحرصاً على ألا يقوم بها إلا من كانوا أهلاً لها علماً وورعاً فقد صدر أمر ملكي من خادم الحرمين الشريفين بخصوص الفتاوى والمسموح له فيها وحدَّد الأمر الكريم الأشخاص المخوّلين وهم كبار العلماء، ومن يرشحهم سماحة المفتي ويرفع عنهم للمقام الكريم، لكن الملاحظ - مع الأسف - أنه لم يلتزم بعض من ينتسبون للعلم الشرعي، ومن يعملون بجهات شرعية بذلك، فلا تزال فتاواهم عبر وسائل الإعلام تظهر، ويثير بعضها البلبلة بطرح مسائل شرعية بالعبادات والمعاملات وغيرها، فيحلّلون ويحرّمون فيثيرون الشكوك بين المسلمين، وينشرون البلبلة في الشأن الديني - بكل أسف - وكأنهم لم يقرؤوا قول الله تعالى: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ [سورة النحل - الآية 116]. الفتوى أمرها خطير وليست بحثاً عن الشهرة والإثارة، فربما فتوى خاطئة أضلت الناس، وأحدثت فتناً، وحسبنا من خطورتها قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار)، ثم أين هؤلاء المفتون المتسرّعون من الشيخ العالم الزاهد محمد بن عثيمين - رحمه الله - الذي ذكرت عنه قبل أيام في (تغريدة تويترية) أنه عندما سأله أحد المستمعين في برنامج (نور على الدرب) عن إحدى المسائل قال له الشيخ: (انتظر سأبحث وأدقق بالمسألة ثم أجيبك في الأسبوع القادم)، أين بعض المنتسبين للعلم الشرعي الذين يفتون في أدق المسائل دون أدنى تروٍّ أو رجوع لمن هو أعلى منهم في هيئة كبار العلماء، أين هؤلاء من العلاَّمة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - لكن ما يطمئن أن الناس يعرفون ممن يأخذون تعاليم دينهم من العلماء الورعين الذين تطمئن إليهم نفوسهم ورعاً وعلماً ولن تغيّر مثل هذه الفتاوى من قناعاتهم ومسلّماتهم في شأن دينهم.. لكن مع كل ذلك قد تتأثر شرائح من الجيل الجديد بمثل هذه الفتاوى الخاطئة. لذا أدعو سماحة المفتي - وقد أناط به ولي الأمر شأن الفتوى: إفتاءً، وترشيحاً لمن تحق له الفتوى.. أدعوه - وهو العالم الغيور - إلى المبادرة للتصدي لأمثال هؤلاء المفتين بمنعهم من الفتوى كما هو مقتضى الأمر الملكي المتعلّق بتنظيم الفتوى ومن يحق له أن يفتي، ومن جانب آخر الرد على فتاويهم وتفنيدها لأن تركها أمر خطير جداً، ولا أخاله إلا فاعلاً ذلك: إبراءً للذمة ثم استجابة لأمر ولي الأمر.