{فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم} سورة آل عمران 159. كم من المتحدثين اليوم باسم الدين والأخلاق يطبق هذه الآية الكريمة، بل كم واحد منهم يكررها وغيرها من الآيات التي تدعو للمجادلة بالتي هي أحسن مع أشخاص لم يدخلوا الإسلام بعد، فكيف إذا كان الحوار يتم مع مسلم وعاقل وبالغ؟!! إن من يتابع ما يحدث في مجتمعنا من انقسام وهجوم ودفاع وعلو لأصوات كل يدعى أنها الحق الأبلج وما عداها هو الخطأ يدرك أن المسألة بدأت تنسحب من الدين إلى المجتمع : أعني كأن من يتحدثون باسم الدين بتلك القسوة والغلظة الظاهرة في القول والفعل لم يشعروا بأن الناس باتوا يرون أن هدفهم اجتماعي وليس دينيا وأهدافهم الاجتماعية أساءت للدين في العمق والشكل. لماذا يصر بعضهم على أن يعود إلى الثمانينيات وإلى أسلوب أشرطة الكاسيت التي امتلأت صراخا وترهيبا وتجييشا ضد كل شيء وندرك تماما النتائج العكسية التي ترتبت على ذلك. بعض أولئك يعانون مراهقة دينية ففيهم من النزق والطيش الشيء الكثير الذي جعلهم من حيث يدرون ومن حيث لا يدرون يخطئون أخطاء جسيمة في حق الدين والمجتمع وأنفسهم. عندما يخون الواعظ دينه وهو لا يشعر لأن أهدافه الذاتية غلفت كل ما حوله وكل ما يفكر فيه تجده في حالة نزق واضح يزلقه في أخطاء متعددة. فهو غير مكترث أو في الحقيقة لا يشعر بأنه يضرب بالأخلاق التي أوصانا بها القرآن الكريم والسنة المطهرة عرض الحائط مقابل أن يكون قويا في لقاء تلفزيوني شامخا بزلات لسانه التي تعارض كل ما يدعو إليه! فكم من مرة سمعنا أحدهم وهو يقذف ويتهم الناس ولا يتذكر ان عرض المسلم على المسلم حرام؟ كم مرة نطقوا بتحريم الحلال وعنفوا وغلظوا على الناس في أخص خصوصياتهم في ما لم يأت به أمر إلهي أو فعل وقول نبوي؟ لماذا يصر بعضهم على أن يعود إلى الثمانينيات وإلى أسلوب أشرطة الكاسيت التي امتلأت صراخا وترهيبا وتجييشا ضد كل شيء وندرك تماما النتائج العكسية التي ترتبت على ذلك. إن الأسلوب الذي يرتكبه بعضهم اليوم يصد الناس ولا يرغبهم، يملؤهم غيظا ولا يريحهم، لأنهم صاروا يرون أن أفعال أولئك تناقض أقوالهم، فكيف إذا يرجى خير من ذلك؟ العقول التي استمعت واستجابت للخطاب الديني في تلك الحقبة لم تعد موجودة اليوم كما كانت، فمتى يقتنع أولئك بأنهم يسيرون في الطريق الخطأ وأنهم يجنون على الدين والأفراد مقابل امتيازات خاصة يحلمون بها، بل هم يحلمون بالمزيد والمزيد منها لأنهم في الأصل يتقلبون فيها الآن ويخافون أن تنحسر إذا أفاق الجهال الذين لا يفرقون بين الحق والباطل وما بينهما.