سلمان الدوسري - الاقتصادية السعودية أعاننا الله وبلادنا على حملات التحريض والكراهية التي ابتلينا بها، ففيما يترقب أبناء الوطن من العقلاء تضميد جراح أحداث القطيف الأخيرة، لا يجد بعض المتطرفين بُدَّاً من معاودة إشعال فتيل الأزمة من جديد، ونفث سموم الطائفية والبغضاء بين أبناء المجتمع الواحد، وفي نهاية المطاف سيجد هؤلاء مَن يدافع عنهم ويبرر لهم تطرفهم وسعيهم لبث الكراهية. في خطبة الجمعة الماضية خرج نمر النمر، وهو أحد زعماء الطائفة الشيعية في القطيف، بحديث مباشر وصريح، طالب فيه باستمرار أعمال العنف والمواجهة مع الدولة، ومحرضا على سقوط كل الملكيات الخليجية، صحيح أن لغته في التجييش ليست جديدة، لكن هذه المرة استخدم ألفاظا متطرفة وانقلابية لم نعهدها في خطابنا الديني مسبقا، سوى في خوارج ""القاعدة"" وأتباعهم. فنمرٌ هذا، الذي خطب وحرض على العنف أمام الملأ على عكس متطرفي ""القاعدة"" الذين كانوا يبثون خطبهم عبر الإنترنت، سخر من قوات درع الجزيرة الذين سمّاهم ""أسود السنة""، زاعما أنهم ""قمعوا"" شعب البحرين، وسيتجهون فيما بعد ل""قمع"" أهالي القطيف، أما الأخطر في خطبته فكانت عبر دعوته بأن يكون ""كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء""، ولا يخفى على أحد أين يمكن أن نصل، وهناك مَن يدعو لأن تتحول أرض القطيف لمعركة دامية تحت عباءة الدين. أفلا يحق لنا أن نتساءل بعد كل هذا: أين العقلاء والزعامات الحقيقية؟ ولأننا تعودنا على انقلاب المفاهيم، وتلون المبادئ والأخلاقيات، سيخرج علينا مَن يعتبر وصف هذا الحديث بالمتطرف بأنه ""مبالغة"". سيأتينا من يرى كل ذلك من باب ""تنفيس الاحتقان"". سنظل في دائرة التبرير لهؤلاء المتطرفين المحرّضين على أعمال العنف والشغب والدماء و""القتل"" و""الشهادة""، حتى ندخل في دائرة عنف جديدة سببها الرئيس هو هذه اللغة التي يستخدمها أشباه الزعامات الورقية، التي متى ما تُرك لها عنانٌ، لبث سمومها، أُججت الفتنة، لعن الله مَن أيقظها. قلناها سابقا، المحرّضون إخوان الشياطين، أينما خرجوا ينفثون سمومهم لبث الفتنة. لا أحد يقبل بأي تحريض ضد أي طائفة أو فئة أو مجموعة من مكونات الوطن، لكن الغريب أن أي نقد للمتطرفين السُّنة يعتبره الكثيرون وطنية لا غبار عليها، أما نقد المتطرفين الشيعة، فإنه يعد طائفية لا مبرر لها، وانظروا لبيان الغفلة الأخير، كيف دافع عن المتطرفين ولم يقل نحوهم كلمة تدينهم، بل دافع بصورة غير مباشرة عن أي تصرف يقومون به مستقبلا، فهذا البيان الأعرج وفّر لهم الأرضية المناسبة للمضي في هذا النفس التحريضي. ما زلنا ننتظر من زعامات القطيف موقفا وطنيا يحفظ لنا وحدتنا الوطنية، ويفوت على بعض المتطرفين المضي في أجندتهم الخاصة على حساب أمننا واستقرارنا. من السهل جدا الدخول في لعبة الشعبية واللعب على وتر الحماس والتحريض، غير أن كل هذا سينتهي قريبا، بينما سيبقى أثره راسخا لسنوات طويلة لا يمكن إزالته بسهولة. أفهم أن يبحث المتطرفون عن دورهم في هذه البيئة الخصبة، أما أن يغيب العقلاء ويتركوا الساحة لأشباه الزعامات، فلا أقل من أن يعترفوا بأنهم ليسوا أهلا لها!