إذ أردت أن تكون إقصائياً في خمسة أيام فقط، فما عليك إلا اتباع الدليل الإرشادي الآتي: عليك أولاً أن تنكر وجود غيرك من المسلمين في خارج بلدك، وأن تتيقن تماماً بأن المسلمين هم من في دائرتك ومذهبك الذي تتبعه فقط، فكل المسلمين في العالم الإسلامي إما مشركون أو مبتدعون، أو أن عقيدتهم بها خلل، وأنت فقط من الفرقة الناجية. أما إذا بدأت بتصنيف أبناء بلدك فعليك أن تكون أكثر حزماً، فليس كل المواطنين يستحقون الجنة مثلك، فمنهم مبتدع ومشرك، وهناك من هم اشد على الإسلام من اليهود والنصارى بحسب ظنك. ويمكن أن تقلص دائرة الإسلام أكثر وأكثر وتضيق واسعاً، فلا مواطنيك في الأطراف مسلمين كاملي الإسلام، ولا أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى يقنعك إسلامهم، بل تظل في شك وإقصاء مستمرين لهم حتى يثبت لديك العكس. كما أن إخوانك السعوديين يجب أن تصنفهم إلى مجموعات كثيرة لا تنتهي، فمنهم القبيلي والخضيري والحضري والبدوي، وهؤلاء أيضاً يجب أن تقسمهم بحسب «توليفة» أكثر قسوة، يختلط فيها الديني مع المناطق التي ينتمي إليها كل شخص، إضافة إلى لون بشرته وأحياناً لون عينيه وحتى لون شعره، وكذلك ملبسه وطريقة كلامه ولهجته. فليس كل من يحمل الهوية السعودية بالضرورة سعودياً بالنسبة إليك، بل إن ارتقاءه في سعوديته ينبغي أن يمر عبر إقصائيتك الفجة، التي قد يصل بها الأمر إلى ألا تجد سوى نفسك صاحب الدم الصافي والدين الحقيقي، وربما السعودي الوحيد. كما انك يجب أن تكون خبيراً في استخدام التنابز بالألقاب والتصنيف والاتهامات في الوقت و«المجلس» المناسبين. فعلى سبيل المثال هناك من تصفه بالعلماني أو أن تقول عنه انه تغريبي وحداثي، وفي الجانب الآخر تصف صاحب الدين الذي لا يروقك بقليل العلم والجامي، أو أنه يتحدث في غير فنه، ولتوسع مداركك العنصرية يمكن أن تصف بعض اخوتك السعوديين بأنهم من زوار السفارات، أما إذا كنت لا تفهم في الإسلام ولا في اتساعه وتعدد مذاهبه، فعليك أن تهاجم من يأخذ بها بالمبتدع أو الضال المضل. وللحيطة أيضاً وحتى لو كنت مقتنعاً في داخلك بصحة ما يقوله من هو أمامك من أصحاب الفكر والثقافة والعلم، فلا بد أن تكون ثابتاً على موقفك الإقصائي، فالعصبية أولى من الحق، والانتصار لرأيك أو لرأي من تحب أهم من الانتصار للطريق السوي الذي اتفق عليه الناس. وللمحترفين فقط يمكنك أن تكون اقصائياً في السعودية، ومنفتحاً في الخارج، ويمكنك أن تقدم نفسك للعالم الآخر على انك في سعي حثيث نحو التمدن، وانك تقبل الحوار والنقاش، ولا تصادر الرأي الآخر، لكن وما ان تطأ قدمك ارض المملكة فعليك أن تعود كما عرفناك قاسياً متجهماً، لا تحيد عن عنصريتك سيرتك الأولى.