عبد الوهاب الفايز - الاقتصادية السعودية تابعت، مع كثيرين، باهتمام الحلقات التي بثها التلفزيون السعودي من برنامج ""همومنا"" مع فضيلة الشيخ عبد العزيز الحميدي.. وقد كانت الحلقات متعة تجلت فيها قدرة فكرية ذات منهجية علمية وثقافة شرعية ورؤية إنسانية واسعة لسماحة الإسلام وعظمته، والشيخ أعتقد أنه مفاجأة مفرحة أن يكون واحدا من العلماء والدعاة الذين نرجو الله أن يفيد في علمهم ونفعهم، خصوصا في هذا الوقت الذي تُصوّب فيه السهام الحاقدة ضد السعودية وعلمائها، والشيخ الحميدي في أحاديثه جدد الطرح الفكري المعروف لعلمائنا تجاه القضايا الأساسية. لقد وقف الشيخ بصورة مطولة عند موضوع الجهاد في الإسلام, واستطاع أن يبرز العديد من الأدلة من القرآن والسنة على مدى انضباط هذه الشعيرة بقواعد وأصول وأخلاقيات من القرآن والسنة, وأبرزت جميعها مدى حرمة الدم ومدى التزام الإسلام بالعقود والمواثيق، ومن هذه الأدلة قصة (وحشي بن حرب) الذي قتل سيد الشهداء حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم شر قتلة في غزوة أحد، فعندما أراد وحشي الإسلام بعد أن هرب إلى مكة جاء إلى الرسول من الطائف مع قوم, وعندما عرفه الصحابة وأشاروا بقتله رفض الرسول الكريم، وقال (إن إسلام رجل واحد أحب إليّ من قتل ألف كافر) وهذه قصة، كما يقول الشيخ موثقة علميا ولم يُختلف عليها. هذه القصة وقبلها قصص أخرى ذكرها في حلقاته السابقة مثل موقف النبي مع أسامة بن زيد وقصة قتل بلال بن رباح لأمية بن خلف وغيرهما.. كلها تشير إلى أهمية فهم مبدأ الجهاد في الإسلام، وأعتقد أن حلقات الشيخ الحميدي تحمل مضامين مهمة فيها رد علمي ليس فقط على منظري الجماعات الإرهابية المتطرفة, بل ترد وتصحح القصور الخاطئ عن الإسلام لدى من يتبنون اختزال الإسلام في الجهاد والدعوة للحرب. وحتى تعم الفائدة الفكرية لما تضمنته الحلقات نرجو أن تبادر كل من وزارتي التربية والشؤون الإسلامية إلى إقامة ندوات وورش عمل تعرض فيها هذه الحلقات لتكون مادة للحوار والنقاش حول الرؤية الإنسانية العظيمة للإسلام، فالإسلام دين بناء وتعمير وسلام.. والجماعات المتطرفة التي قتلت وأزهقت لو وقفت بشكل صادق مع النفس ومع قصة الرسول العظيم مع وحشي عندما قال: ""إن إسلام رجل واحد أحب إليّ من قتل ألف كافر"", لو وقفت مع هذا المبدأ العظيم وصرفت جهودها للدعوة للإسلام بالحكمة والموعظة وإبراز السلوك الحسن لكان أسلم لنا وللإسلام وللإنسانية. كذلك نرجو أن تقوم وزارة الإعلام بطباعة هذه الحلقات في كتيبات, فهذا جزء من دورها الثقافي.. مع توفير جميع الحلقات على موقعها بالصوت والصورة.. فالحلقات فيها خير عظيم, والشيخ عبد العزيز الحميدي جدير بالمساندة والدعم لتوسيع دائرة هذه المراجعات المهمة.