واصل الدكتور عبد العزيز بن أحمد الحميدي في الحلقة الثانية من برنامج (همومنا) في جزئه الثاني قراءاته ومرجعاته للفكر المتشدد ومفاهيم الغلو وكيف جنحت أفكار الغلو بكثيرين ليخوضوا في أعراض ودماء المعصومين. فبعد الحلقة الأولى التي أحدثت حراكا فكريا في دوائر المفكرين وطلبة العلم، تطرق الدكتور في هذه الحلقة الى مسألة الفتوى والتحدث باسم الشرع، وقال الحميدي: إن أمره عظيم وشأنه كبير ولا ينبغي لأحد حتى لو كان من العلماء أن يقطع فيه بمثل هذا القطع مفرداً، واستشهد الشيخ بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض صحابته في الغزوات. وقدم في مراجعاته لفكر الغلو والتطرف قراءة علمية مدعمة بالدليل الشرعي الواضح من القران الكريم وكتب الأحاديث والسنن الموثوقة، مبتغيا بذلك تبيان كشف الشبه والخلط الذي أعمى بعض الشباب وقادهم إلى الاجتراء على الفتيا والخوض في أعراض وأموال المسلمين وغيرهم من المعاهدين. وأبان ذلك في سلسلة حلقات برنامج "همومنا" الذي سيكون هو ضيفه خلال شهر وعرض امس على القناة الأولى "أن المسلمين مأمورون أن يتعاونوا على البر والتقوى وأن يتناصروا فيما بينهم المسلم أخو المسلم يقول صلى الله عليه وسلم لا يسلمه ولا يخذله والله وقال تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) و النجاة من الخسران منوط بالعمل الصالح لقوله تعالى ( إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا صالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) هذا أصل متفق عليه ومعمول به بين المسلمين منذ بُعث النبي صلى الله عليه وسلم وسيستمر إن شاء الله هكذا إلى قيام الساعة". الحميدي: أفكار الغلو جنحت بالمسلمين ليخوضوا في أعراض ودماء المعصومين واضاف "ولكن لو حصل أن بلد مسلما اقتضت مصلحته معاهدة أمة كافرة سواء كانت مشركة أو نصرانية أو يهودية عهدا تضع الحرب بينهم أوزارها ولا يعتدي عل بعضهم ،و أن لا يقع بينهم اعتداء ونحو ذلك , ولوحصل أن هذه الدولة غير المسلمة حاربت طائفة أخرى من المسلمين أو دولة أخرى ليس بينها وبينها عهد فطلب أؤلئك المسلمون من هؤلاء المسلمين المعاهدين لتلك الدولة الكافرة نصرتهم والقيام معهم فهنا هنا يعني بحث المسألة ,و يظن الكثير من الناس وأنا قديما كانت لدي مشكلة من هذه المسألة في تصادمها وتعارضها مع الولاء والبراء وحقوق النصرة بين المسلمين , والله سبحانه وتعالى يعطي حكما وحقا وجوازا للأمة المسلمة المعاهدة أن تحفظ عهدها وتقدمه على واجب النصرة لتلك الأمة المسلمة المعتدى عليها من قبل الدولة التي هي عاهدتها، واستثنى الله مسألة مراعاة ذات العهد وقدمه على واجب , كما قال تعالى ( إن الذين أمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض ) ثم قال ( والذين أمنوا ولم يهاجروا لم يكونوا من جماعتكم ولم يكونوا من فئتكم ), ( ما لكم من ولايتهم شيء حتى يهاجروا وأن استنصروكم في الدين ) أي عدا عليهم قوم كفار". واوضح الحميدي تفسيرا الايات قائلا "أن استنصروكم في الدين مسلمون استنصروا مسلمين آخرين لان اعتدي عليهم في دينهم من قبل أمة ودولة كافرة، فعليكم النصر أي عليكم واجب أن تنصروهم واستثنى هذا إلا وعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق فإذا كان بين هؤلاء المسلمين وهؤلاء الكافرين المعتدين على أخوانهم المسلمين في بلد آخر عهد وميثاق بعدم الاعتداء فأمر الله واستثنى هذا الحالة ويقدم العهد ويقدم الميثاق ومراعاته وحفظه على واجب النصرة". وسرد الحميدي قصة الرجل الذي قدم على النبي صلى الله عليه وسلم رجل أوفدته قريش رسول منهم برسالة للنبي صلى الله عليه وسلم وهو أبو رافع حيث قال: لما وصل ابو رافع الى المدينة وقع الإسلام في قلبه وأسلم وقال للنبي عليه الصلاة السلام لا أريد أن أرجع للمشركين أريد أن أبقى معك قال لا نحن قوم لا نخيس بالعهد ارجع فإن كان في قلبك الذي فيه الآن فعد بعد ذلك وسيجعل الله لك فرجا ومخرجا لا نخيس بعهد. استثنى الله نصرة الدول المسلمة التي وقع عليها حرب مع دول أخرى تمت معاهدتها وحذر الحميدي من التكفير ومتعلقاته ولوازمه وقال " التكفير ليس كلمة عابرة تقال وليس حكما من حق أي شخص أن يطلقه على أي مسلم عرف إسلامه بيقين ولو ظهر من أفعاله ما ربما يقع في ذهنك انه مناقض لبعض أصول الدين مثلا أو بعض الأحكام التي لا تحتمل النقض في الشريعة وفي الإسلام، مؤكد ان التكفير قبل أن يكون حكم على فعل الإنسان وعمله هو حكم على باطنه، وقال فعندما يكفر شخصاً هو في الحقيقة حكم على باطنه وعلى داخله انه في داخلة وفي قلبه كره الإسلام واخرج من الملة وأصبح من أهل النار وهذا حكم غيبي، من حق الله سبحانه وتعالى. وتطرق الحميدي بعد ذلك الى قصة المقداد الذي استفتى "النبي عليه الصلاة والسلام قال يا رسول الله أرأيت إذا التقيت أنا ورجل من المشركين فاقتتلنا فضربني بالسيف فقطع يدي ثم لاذ مني بشجرة فلما علوته بسيفي ,فقال لا إله إلا الله, قال أقتله؟، قال لا تقتله قال انه قطع يدي قال لا تقتله فأنك بمنزلته فإنك أن قتلته, فإنك بمنزلته فأنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانك بمنزلته قبل أن يقول كلمته". شعار البرنامج وبين الحميدي أن الشباب وكل مسلم يتأثر عندما يرى عدوان على هذا بلد مسلم، ويأخذه الغيظ والحرق لكن يبقى الحكم الشرعي في مجاله في رويته وفي حدوده، وقال: فالنبي لم يعذر أسامة في قتلة رجل قال لا إله إلا الله، لان العصمة حصلت له. وأكد أن القرآن لم يغفل العهد حتى في حالة اعتدى الكفار على طائفة أخرى من المسلمين إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق فيجب أن يعطى العهود حقوقها وتراعى ويصبر على الأذى ويدعى للمسلمين ويبحث عن طرق أخرى لا تخيس بالعهود ولا تنقضها لإعانة المسلمين ونصرتهم وإلا تقع مشكلة. وعرج الحميدي الى مسألة التكفير والتي كثير ممن يدعون إلى الجهاد والخروج يستغلون باب التكفير كمدخل، وقال "الشريعة علقت على ولي الأمر أمر السلم والحرب والمعاهدات والمواثيق ومن يعادي ومن لا يعادى ومن يدخل بلد المسلمين ومن لا يدخل كلها متعلقة بحقوق ولي الأمر ومعاهداته فإذا اسقط باسم التكفير أو نقض الولاء والبراء مع انه ربما يمارس حكما شرعيا صحيحا لا ينقض أصل الولاء والبراء, فإذا اسقط بموجب هذا التكفير ألغيت كل هذه الأحكام تبعا لذلك فسهل إقناع هذا الشاب والمتحمس المغتاظ من الكفار إلى أن يهجر بلده وإمامه وجماعة المسلمين، ثم إذا خرج يتفاجأ بأمور كثيرة جدا كما أخبرنا كثير من الشباب غير ما كان يتصوره ويظنه ويتوقعه. وقال في ختام حديثه "أنا أريد أن أشير إلى قضية لعل من يسمعنا خصوصا الشباب قضية مهمة جدا كثير من يدعون إلى أمور الجهاد بصرف النظر نياتهم الله اعلم بنيات الخلائق والعباد ومن يستخدمون هناك تيار فكري هو قديم، لكن تجدد يسمونه في علم الدراسات وعلم البحوث الغنوصية والتي هي نوع من إخفاء الأهداف الحقيقية إلى أمد وإلى حين واستخدام مساحة مشتركة كعاطفة دينية , أوتبني قضايا من قضايا المسلمين في جهة من الجهات كرفع راية دفع الكفار ومجاهدتهم". د. الحميدي يتحدث عن أفكار الغلو