في كلمتها التي وجهتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل السبت الماضي، بشأن المساعدة في الحد من الفقر في العالم، قالت إن "الأمر لا يتعلق بتطوير ما يسمى ب(صناعة المساعدات)، بل بالمساعدة على مساعدة الذات. إننا نريد بمساعداتنا التنموية أن نصل إلى أن يصبح الناس أكثر وعيا بذاتهم ويسيطرون على حياتهم". ربما تختصر هذه الكلمات طموحات كل الدول المانحة بما فيها السعودية من أجل القضاء على الفقر وتداعياته. لكن كلمات المستشارة الألمانية تبدو وهي تحاول تشخيص إشكالية تفاقم الفقر عالميا، وكأنها تلامس لب المشكلة.. أعني "المساعدة على مساعدة الذات"، وأيضا "أن يصبح الناس أكثر وعيا وبذاتهم ويسيطرون على حياتهم". الشيء المحبط لكل الدول المانحة، أن البلدان التي تتلقى المساعدات في مختلف أرجاء العالم ليست لديها الجدية الكافية من أجل معالجة مشكلات الفقر والعوز. هذا الإخفاق المحبط، ليس ناتجا عن تقصير الدول المانحة، بل عن استحواذ نخب في الدول الفقيرة على جزء من أموال المساعدات. ووفقا للخطة التي وضعتها الأممالمتحدة من المفروض أن ينخفض عدد الفقراء بحلول عام 2015 إلى النصف لكن يبدو أن ثمار هذه الخطة صعبة المنال. وميركل في خطابها تشير إلى أنها ستبحث مع دول العالم، خلال قمة الأممالمتحدة لمكافحة الفقر التي تنعقد حاليا، السبل الأفضل للحد من الفقر وتداعياته. ويبدو أن الخيارات التي أمام الدول المانحة ومن بينها السعودية تسعى لوضع برامج وخطط تتولى من خلالها الإشراف المباشر على تلك المساعدات والمنح حتى تتحول إلى مشروعات تصب بشكل حقيقي في صالح مواطني الدول الفقيرة. إن السعودية تحتل مركزا متقدما بين الدول المانحة على مستوى العالم، وهي صاحبة مبادرات تحظى بالتقدير على المستوى العالمي. ولعل إعلان السعودية عن إنشاء مؤسسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود العالمية للأعمال الخيرية والإنسانية يأتي ليكمل حزمة المساعدات التنموية، خاصة أن من بين المهام التي ستضطلع بها هذه المؤسسة إنشاء الجامعات والمعاهد والمراكز بجميع أنواعها (المهنية، والتقنية.. إلخ)، إضافة إلى إنشاء المستشفيات، وتقديم المساعدات والمنح للباحثين.. مع الإشراف المباشر على كل هذه المنشآت وإدارتها، هذه بعض أهداف المؤسسة. باختصار شديد، نحن أمام رؤية ناضجة تجعل للمنح والمساعدات معنى حقيقيا وملموسا، وبالتالي سوف تتوخى أن يصل خيرها إلى من يستحقها، لا أن يتم تبديد المساعدات في أغراض بعيدة عن الهدف منها، وهي المسألة التي لامستها المستشارة الألمانية في خطابها لشعبها وللعالم. هي تقول دون مواربة إن على الدول المانحة أن تعيد مراجعة أجندتها في كيفية تقديم المساعدات بالشكل الذي يجعلها أكثر كفاءة، وهذا هو التصور الاستراتيجي الذي قامت عليه مؤسسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود العالمية للأعمال الخيرية والإنسانية.