نجيب عبدالرحمن الزامل - اليوم السعودية ..كتبتُ مقالا عن «الفيسبوك»، بعنوان «ثالثة دول العالم سكانا لا وجود لها على الخريطة».. دولة من أكثر من نصف مليار يتواصلون عبر أكبر مساحة لأي أمةٍ في التاريخ، ممتدة على كل الكوكب من أقصاه إلى أقصاه، من قُطبه إلى قُطبِهِ.. دولةٌ اسمها «الفيسبوك». وحيث إني قلت في ردٍّ على قرائي، وليس في صلبِ المقال، بأن «الفيسبوك» يذكرني بقصة «جورج أورويل» الشهيرة التي كتبها في العام 1948، وأعطاها عنوانا «1984»، وهي قصةٌ تنبؤيةٌ عما سيصيرُ عليه العالم في العام 1984.. وروى كيف أن كلَّ شعوب العالم انضوتْ في دولةٍ كبرى، وأن عينا كبيرة تراقبهم سماها « الأخ الأكبر» وبعدها شاع الاصطلاحُ في لغاتِ الأرض.. يعني، أن الفيسبوك يتجسس علينا ونحن نعبّر عن عواطفنا، فمعروفٌ أن مايكروسوفت جعلت استخدامات الحاسوب أيسر وأوسع، واليوتيوب أكبر موقع ترفيهي، ولكن الفيسبوك هو حزمة عواطف كل من له صفحة بالموقع، تعبر عن الصداقة، عن الحب، عن الولع بالأشياء، عن العاداتِ، وأعياد الميلاد، هذه المعلومات تؤخذ للشركات التجارية ثم تترجم أرباحاً بالبلايين، بعد أن عُرف النمطُ الاستهلاكي من العواطفِ المرسلة، حتى المحادثات التي تدور خصوصية بين طرفين تجد طريقها لمجتمع مكشوفٍ أو خفيّ. الغريب، أنه وصلتني رسالة من الفيسبوك تقول: «لو كان في المقال ما يعرّض موقعَنا للإساءة فأنت معرض للوم القانوني أمام محاكم ولاية كاليفورنيا»، على أنها فرحة ما تمت، لأني اكتشفتُ أن الردَّ جاء من برنامجٍ مترصدٍ لما يُكتب عن الموقع بأي لغة من اللغات.. يا للهَوْل! بصفحاتي في الفيسبوك، انهمرت عليّ عبرها رسائلُ بشكل جعلني أنظر للفيسبوك من ناحيةٍ إيجابيةٍ هذه المرة، فالرسائلُ تنادي للوقوف مع الأبطال الذين في أسطول الدعم لغزّة المحاصَرة.. ويحيّون الأتراكَ بصفةٍ خاصة، ويلومون العربَ بصفة عامة.. فمن « بنت أم مشاري» الكويتية: «منذ حرب التحرير ونحن والفلسطينيون على علاقاتٍ حذرة، ولكن الدم لا يصير ماءً، لما جاءت «الفزعة» تقدمتْ بناتُنا قبل أولادنا لركوب البحر الخطر من أجل مناصرة أهلنا في غزة.» ومن «مجموعة الشباب العربي»:» لا بد أن تقف معنا في حملتنا لمناصرة غزة، نحن شبابٌ وشاباتٌ من كل البلاد العربية.» ومن «أيمن» من جدة» «أرجوك، نحن شبابٌ لا يمكن أن نتحمل ما يجري من موقع المشاهدين، «زهقنا وانقهرنا» من مجردِ المشاهدة والتحسر، جِدْ لنا طريقاً باتصالاتك أو الميدان الإعلامي أو الشورى لنذهب مع مناصري غزة، أو شكّل مجموعة بهذا المعنى تحت اسم «غزة» ونحن جاهزون.» ومن «محمود من غزة»: «متى نعمل صفحة فقط لرصد كل ما يصير في البحر، وما تفعله إسرائيل الجبانة؟ وسأزودك بالمعلومات .. ودموعَ أمي.» ومن «بهية الغريني» من «الجديدة» في المغرب:» قرأت لك مقالاً في «العلَم» باسم «كتيبة الزهور» كما سميتَ البنات الشهيدات اللاتي فجّرن أنفسهن ضد قوات المحتل، وأعجبتني التسمية منذ ذلك الوقت.. والآن نحن مجموعة صغيرة من الفتيات المغربيات والجزائريات نحاول أن نأخذ الإذنَ من سلطات الموانئ لننطلق إلى غزة، تبدو الإجراءات صعبة ولكن لن نستسلم.. أما اسم حملتنا فهو: «كتيبة الزهور!» وأوضح للفتاة المغربية أن الاسمَ ليس من عندي، فهو عنوانٌ لكاتبة أمريكية مناصرة لفلسطين بعنوان «The Army of Roses» وترجمته أنا لما كتبتُ عنه «بكتيبة الزهور». ومن «بنت الجبيل» أصدقُ وأروعُ شعورٍ تلقائي، فهي تقول عن اليهود:»هُدّوني عليهم!»