جمال سلطان - المصريون ألف مبروك للجزائر الفوز ببطاقة التأهل لكأس العالم ، وليهنأ ملايين الجزائريين بالفرحة الطاغية بهذا الإنجاز الرياضي الجميل ، وأرجو أن يكون فريقهم عند الظن بهم في كأس العالم ويقدموا أداءا قتاليا وبطوليا مماثلا لما أبدوه في المباريات الأخيرة بما يشرف الكرة العربية ، وأنا على ثقة من أن ملايين المصريين رغم التوتر الذي ساد خلال الأيام الماضية سوف يكونون مشجعين للمنتخب الجزائري في كأس العالم ، خاصة وأنه الفريق العربي الوحيد في تلك البطولة ، وكل التحية والتقدير للرجل الهادئ ذي الوجه الصبوح والطيب رابح سعدان المدير الفني للمنتخب الجزائري الذي يصعب أن تراه ولا تتعاطف معه وقد أثبت هو والمدرب المصري حسن شحاته أن المدرب الوطني يستطيع أن يحقق ما لا يحققه الأجنبي إذا أتيحت له الفرصة ومنحوه الثقة ، وقد نجح الاثنان في إنهاء عقدة الخواجة بالفعل ، وقد تعرض سعدان بشكل خاص لضغوط رهيبة وصلت إلى حد التهديد بالقتل في بعض الأوقات ولكنه لم يفقد هدوءه وثقته بفريقه في أي وقت ، وحتى عندما كان كل من حوله يتقافز ويصرخ وينفعل كان هو هادئ الوجه والجسد بشكل مدهش ، وكل التحية كذلك للفريق المصري الذي بذل جهدا كبيرا في مباراتين عصبيتين خلال أربعة أيام حالفه التوفيق في واحده وخالفه التوفيق في الثانية ، والمؤكد أن هذه المباراة تعتبر نهاية جيل من اللاعبين يمثلون قوام المنتخب الوطني المصري الحالي ، لن تتاح لهم بحكم السن المشاركة في كأس العالم المقبل بالتأكيد ، لأنهم سيكونون على أعتاب سن الأربعين ، وعلى كل حال انتهى المولد ، مولد الكرة ، على خير والحمد لله ، وعلى الجميع أن ينصرف الآن إلى هموم الحياة الحقيقية ، وفي مصر سمعت كلمة جميلة تكررت من كل من قابلتهم أو اتصلوا بعد المباراة بنفس راضية : رب ضارة نافعة ، وأنه ربما كانت عواقب هذه المباراة بتلك النتيجة خيرا للبلد وأحوالها ، وجهة نظر بالتأكيد ، هناك خاسرون بالفعل في مصر ، ولكنهم قطعا ليسوا الجماهير الطيبة المحبة للكرة والتي تمنت فوز فريقها وصعوده لكأس العالم ، لأن هؤلاء يحزنون أو يفرحون ساعات أو ليلة ثم ينسون الأمر غدا أو بعد غد ، ولديهم قوائم من الهموم والآمال في الحياة تشغلهم عن الاسترسال ، ولكن الخاسرين الحقيقيين هم الذين كانوا يخططون لاستثمار هذا الفوز لو تم سياسيا ،وألئك الذين ينتفعون من المتاجرة بمثل هذه المسابقات ، ويحولون التنافس في ملاعب الكرة بقدرة قادر إلى إنجازات حضارية وتنموية ضخمة ، ربما ليخفوا فشلهم في تحقيق الإنجاز الحقيقي في المجتمع والدولة ، والمؤكد أن خسارة مصر لبطاقة الصعود لكأس العالم سوف تؤثر على قيادات جديدة لمدة ثلاث سنوات على الأقل ، سيغيب فيها اهتمام الناس بالكرة نسبيا ويصعب شحنهم وحشدهم بهذه الصورة ولا يوجد بالتالي في مجال الرياضة ما يمكن استثماره من جديد ، هناك أيضا قطاع من الإعلاميين من الذين دخلوا نادي المليونيرات مؤخرا من تجارة التهييج والتهريج الرياضي ، وهناك عدد من الوزراء والبرلمانيين الذين كانوا يحلمون بفوز المنتخب باعتبار أن هذا "الإنجاز" سوف يوقف المذبحة الوزارية المؤجلة ، بحكم أنهم كانوا في طليعة الزفة ومثلوا دعامات للإنجاز ، فهؤلاء جميعا هم الذين نقول لهم بلغة الرياضيين "هارد لك يا كابتن"!! ، ويبقى على أصحاب القلم والرأي والعلماء والدعاة أن يقوموا بجهدهم في علاج الشرخ الذي أحدثه المفسدون في علاقات قطاع كبير من الشعبين المصري والجزائري ، وعلى كل المخلصين أن يتدارسوا التجربة السيئة الماضية ويخرجوا منها بدرس يفيد الأمة في تفاديها مستقبلا . [email protected]