خلف الحربي* عكاظ السعودية كل عام وأنتم بخير.. كم كان بودي أن أتفلسف عليكم وأنصحكم بعدم توزيع القبلات في العيد تحاشيا لانفلونزا (اتش ون)؟، ولكن كما يقول الشاعر: (لا تنه عن فعل وتأتي مثله) فلا أحد يستطيع مقاومة قبلات العيد، بما في ذلك وزير الصحة شخصيا وأتحدى معاليه أن (يفصل) بين فرحة العيد وحاجة الإنسان إلى (الحبحبة)!، كما أن قبلة العيد أو (حبة العيد) تختلف عن جميع القبلات التي يتم تمريرها طوال العام، فهي قبلة موسمية أتوماتيكية تصدر عن الشخص أو يستقبلها بشكل لا شعوري. ما هي قيمة العيد إذا لم تخرج إلى الناس وتقبل أي شخص تصادفه في طريقك ؟، فالعيد هو المهرجان الوطني ل(الحبحبة) الذي يتم خلاله استعراض المناهج المختلفة في (التبويس) بين المواطنين والمقيمين، وبرغم أن طريقة الإنسان في (التبويس) تدل بشكل أو بآخر على المنطقة الجغرافية التي قدم منها، إلا أن لكل إنسان طريقته الخاصة في إرسال القبلات واستقبالها، ولكن أخطر طرق التقبيل هي تلك التي تنهمر على شكل طلقات مدفع رشاش ذات اليمين وذات اليسار حتى يتخيل الطرف الآخر أنه يلعب مباراة نهائية ضد بطل العالم في تنس الطاولة!. ولأن مسألة القبلات في العيد ينطبق عليها قول سيجمونيد فرويد: (هي خاربة خاربة خلينا نعميها) فإن عملية الاقتصاد في توزيع (حبة العيد) تعد سلوكا عبثيا، فتقبيل عشرة أشخاص يماثل تقبيل مئة شخص، لأن كل واحد من العشرة قد قبل مائة شخص قبلك، لذلك لا مفر من فتح رشاش القبلات والاتكال على الله. القبلة التي اقترحها السدحان والقصبي في حلقة انفلونزا الطيور (البكوس) يمكن أن تكون حلا عمليا لمواجهة طوفان (الحبحبة) الذي يجتاحنا في كل المواسم، ولو كانت هذه القبلة المبتكرة قد ظهرت في أول رمضان لأصبح بإمكاننا التدرب عليها وتطبيقها في العيد، ولكن يبدو أن هذه الحلقة الجميلة صورت في الأيام الأخيرة من رمضان – كما يتضح من سياقها – لتعويض حلقة لم تعرض، لذلك لم يكن ثمة وقت للتدرب على قبلة (البكو)، ولا شك أن الخطأ في مثل هذه القبلة ستكون نتيجته لكمة على المعدة الممتلئة يوم العيد.. وهذه لعمري أشد إيلاما من الانفلونزا!. لا أحد يثير الشفقة مثل الشخص الحريص الذي يحاول تخفيف آثار القبلات التي يستقبلها، ويتضح وجله وحذره من خلال المسافة الوهمية التي يحاول أخذها، ومن خلال تحصنه البائس اليائس بإغماض عينيه بشكل لا شعوري، كم يتمنى هذا الشخص لو أصبح التقبيل بطريقة بلوتوثية (أممما.. من بعيد.. وانتهينا)، ولكن هيهات.. فالمسألة كما يقول الخبير الدولي سعيد صالح في إحدى مسرحياته: (حتتباس يعني حتتباس.. ونقفل الباب بالترباس يا عباس)!.